(الوطني) يغسل الأدمغة..المنتمي له لا يرى أي غضاضة بقتل المواطنين وإبادتهم بالطائرات
خالد ابواحمد
أحد الاخوة من غير المتابعين أرسل يستفسرني عن ما إذا كنت سأرجع للعمل في النظام في حالة مصالحة المؤتمر الشعبي مع الحكومة، هذا الأخ وغيره من المعارف أو من الذين يتابعون ما اكتب عن بعد يظنون بأنني أنتمي للمؤتمر الشعبي، وقبل 8 سنوات تقريبا كتبت في مقالة لا أتذكرها الآن بأنني “كفرت كفرا بائنا بالعمل الحزبي أي كان نوعه وأهدافه، وخاصة (المؤتمر الوطني والشعبي)، وما أكتبه أمانة اقوم بتأديتها، وأعتبر نفسي دائما صاحب رسالة ولديّ أمانة كبيرة في عنقي وهي توعية وتنوير الأجيال الجديدة بخطورة منهج الحزب الحاكم في السودان على عقولهم وعلى مستقبلهم.
هذا المنهج الذي يغسل الأدمغة للدرجة التي لا يرى فيها المنتمي لهذا الحزب أي غضاضة في أن تقوم الحكومة بقتل المتظاهرين، والمواطنين وحرق قراهم وإبادتهم بالطائرات، كما يرى المنتمي لهذا الحزب الفاشيستي بأن ما تقوم به جهاز الأمن من اغتصاب في المعتقلات للرجال والنساء على السواء هو عين الصواب، ويدافع عن الأخطاء والمجازر ونهب المال العام دفاع مستميت، هذا الحزب الذي يمسخ هوية المنتمي إليه ويجعله بلا انسانية مثل الحيوان لا يعقل من أمره شيئا، كما يجعله بلا دين ولا ايمان بقدرة الله على كل كائن في الأرض، لذلك نجد الكثير من الكفاءات في المجالات المختلفة يتمسكون بالحزب لأنهم يعتاشون منه ولا يثقون في ربهم ولا في أنفسهم، لذلك انتشرت بينهم الموبقات والسرقة والنهب والظلم القوي يأكل الضعيف، والسكوت على الظلم الذي يحدث فيها بينهم في كواليسهم، فطاش شبابهم وخربوا بيوتهم بأيديهم، وقبل فترة قصيرة كان ضابط شرطة كبير يتحدث لأحد أشقاءه يقول له “أن فضائح قادة الحزب الحاكم وأبناءهم وبناتهم إذا نشرت ستهز البلاد هزة قوية”..!!.
لذلك كله أجد نفسي مسؤول الله سبحانه وتعالى بأن أواصل مسيرتي منطلقا من أهداف تربوية واسلامية في تنوير الجيل الجديد من الشباب من الوقوع في مصيدة حزب المؤتمر (الوطني) ومؤسساته الكثيرة المنتشرة في بلادنا ولاسيما وأن الكثير من مؤسسات الحزب تغري الشباب النابهين منهم بواسطة المال الحرام والعمل التجاري، وهو المدخل لعوالم الفساد الذي اعترفوا به أنفسهم مؤخرا، وصاحب (قناة أمدرمان) قبل أيام قد خصص حلقة كاملة عن دمار البلد والفساد والافساد، وتحدث بنبرة فيها عمق المأساة والمصيبة التي حلت بنا، محذرا الأسر السودانية من الكارثة، وقال أنه “يخشى أن ينادي الجهات الرسمية باعلان الطواري في البلاد نتيجة لما يحدث الآن”، وهذا ما كنا نحذر منه قبل سنوات طويلة، وكنا نقول لهم بأن سياسة الحزب مدمرة للبلاد اقتصاديا واجتماعيا، وأنها ستؤدي مستقبلا لنتائج كارثية، وكانوا في قمة هوسهم ودجلهم، فوصفونا بكُتاب المارينز والمرتزقة وعُملاء الاستعمار، وهم في الحقيقة فعلوا ما لم يخطر في ذهنية الشيطان نفسه.
إن مهمة تنوير الجيل الصاعد مهمة عظيمة للغاية لأن طرق الاحتيال والغش التي يمارسها المؤتمر (الوطني) تنبع من استغلاله للدين الاسلامي الحنيف في استقطاب الشباب من طلبة الثانوي والجامعات بشكل خاص، لتجنيدهم مستقبلا في العمل ورميهم بعد ذلك في محارق الموت كما حدث من قبل ويحدث الآن، فلينظر القارئ الكريم للفيديوهات التي بثتها حركة العدل والمساواة والجبهة الثورية على اليوتيوب وفيها أسرى النظام من الشباب صغير السن، وأدخلوهم في هذه المحارق بدعوى الجهاد في سبيل الله، بينما شبابهم يتنعم بين بلدان القارة الاوربية ومنتجعاتها وماليزيا حيث تعيش العديد من أسر قادة الحزب هناك.
عام 2005م على ما اعتقد اتصل بي طالب سوداني في إحدى الجامعات السودانية وهو من المعارضين للنظام وكانت له تجربة سابقة في المؤتمر (الوطني) طلب مني أن اواصل الكتابة، وأن لا أنقطع لأن ما اكتبه من مقالات ناقدة وفاضحة للنظام كانت تطبع على ورق بمقاس كبير وتنشر في مكان الصحف الحائطية بأماكن النشاط السياسي الطلابي بتلك الجامعة، ويتجمهر حولها الطلبة، وفهمت من الأخ المتصل بأن نوعية هذه المقالات تعكس للطلبة الحقائق التي لا يعرفونها عن النظام، وبالتالي تحصنهم من الوقوع في براثنه، مما يساعد في توجيه الطلاب التوجيه الصحيح، هذا هو الذي زاد من قناعتي ودفعني بقوة في المضي قدما في الكتابة على النحو الذي يسهم في توعية الشباب، وتحصينهم من الانزلاق.
والأمر الآخر الذي أود أن أشير إليه هو توقعاتي منذ سنوات كانت تقول بأن حزب المؤتمر الشعبي سيرجع يوما ما إلى نصفه الآخر، وهذه المسألة بالنسبة لي ليس مكان شك، وكنت ألـّم ببعض المعلومات عن اتصالات تجري بين الطرفين قبل سنوات، وكانت كلما تحاول الوصول إلى نقطة عودة المياه إلى مجاريها يدخل علي عثمان محمد طه يمنع ذلك، وكان التلويح بالمصالحة بين الطرفين بمثابة تخدير دائم لعضوية وقادة المؤتمر الشعبي، ولا اعتقد بأن هذه المصالحة ستنفع البلاد شيئا، لأن الخرق قد اتسع على الراتق ومن الصعوبة بمكان ارجاع الأمور لنصابها، العمل الوحيد الذي يجنب البلاد الانهيار الكامل هو اسقاط النظام بتحالف عريض.
وبالنسبة للمؤتمر الشعبي اعتقد بأن مصالحته مع النظام إذا أصبحت واقعا فهو المتضرر وسيفقد الثقة في قواعده، نعم كبار قادة الحزب يريدون بل كانوا يحلمون طيلة السنوات الماضية الرجوع للحكم، لكن القواعد الشعبية لا أعتقد تريد ذلك خاصة وأن أسرا كثيرة قد تضررت من النظام وأجهزته الأمنية والعسكرية، فجهاز الأمن ايام صلاح قوش قتل وصفى عددا من منسوبي الحزب فكيف ترجع المياه إلى مجاريها وهي ملوثة بالدماء ولا زال الناس يذكرون ابوالريش وأحمد البشير، وغيرهم.
وخلاصة القول أود التأكيد على أن حزبي هو قلمي الذي اعتبره أقوى حزب، وأمضى سلاح في مواجهة الأكاذيب ومحاولات تغبيش الوعي وغسل أدمغة الشباب، وتعرية وفضح الأكاذيب المنظمة التي يراد لنا وللجميع أن يصدقها، مثلا قبل ايام أصبحت وسائل الاعلام الفضائية السودانية تردد في اكثر من برنامج وبشكل مخطط له بأن “الولايات المتحدة الامريكية هي التي فصلت جنوب السودان”!!!، يريدوننا أن نصدقهم، وهم أنفسهم قبل سنوات قالوا عكس ذلك تماما، مؤثق صورة وصوت، وذلك كله للهروب من استحقاقات الآثار التي نتجمت عن انفصال الجنوب، هذا القلم وهذا الحزب الكبير سيستمر في أداء الأمانة والواجب، مهما كبرت التحديات.
..وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ..
15 فبراير 2014م