النقل النهري وسيلة يمكن أن تقود إلى استقرار السودان
واحدة من وسائل المواصلات التي تربط بين الشمال والجنوب
جوبا: مصطفى سري
يعتبر النقل النهري في السودان من وسائل المواصلات التي تربط بين الشمال والجنوب، وقد واجهت إهمالا بسبب الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من 22 عاما وانتهت باتفاقية السلام الشامل عام 2005 التي ينتهي أجلها بإجراء الاستفتاء بعد 6 أيام. وقد تتأثر هذه الوسيلة إذا اختار الجنوبيون الانفصال في حال عدم توصل طرفي اتفاقية السلام إلى حلول في القضايا العالقة لما يعرف بقضايا ما بعد الاستفتاء، لكن مجرى نهر النيل يصب من الجنوب إلى الشمال، لذلك فإن مصالح الشعبين في الشمال والجنوب تستوجب أن يتواصلا عبر النقل النهري. في الآونة الأخيرة كانت هناك حاجة لنقل النازحين الجنوبيين من الشمال إلى الجنوب، وقد تدفق مئات الآلاف منهم عبر النقل النهري، وقد واجهت شركات النقل صعوبات كبيرة في نقلهم، بسبب أن المجرى النهري فيه الكثير من الحشائش والجزر التي نشأت خلال فترة الحرب ولم يتم تنظيفها بشكل كامل مما يجعل الرحلة من الشمال إلى الجنوب تصل إلى نحو 14 يوما بدلا من ثمانية أيام. وظل النقل النهري يتبع القطاع العام الحكومي حتى عام 2007 حيث قامت الحكومة السودانية ببيع هيئة النقل النهري إلى إحدى مجموعات الاستثمار الكويتية بصفقة تبلغ 105 ملايين دولار، في خطوة فتحت مجال الاستثمارات في خط النيل التجاري، واحتفظت الحكومة بحصة تبلغ 20% في شركة نهر السودان للنقل، وأن نسبة 10% ستكون من حصة حكومة الجنوب. وحول تأثيرات الاستفتاء على النقل النهري، يقول مدير عام شركة النيل للنقل النهري عبد الباقي مختار لـ«الشرق الأوسط» إن النقل النهري سيتأثر، وإذا اختار الجنوبيون الانفصال فإن التنقل سيصبح بين دولتين وسيخضع النقل النهري للجمارك ورسوم العبور بين دولتين، وأضاف أن البشر يحتاجون إلى التواصل، ومهما كانت نتيجة الاستفتاء سيظل النهر جاريا من الجنوب إلى الشمال. ويتابع: «لا بد أن يكون هناك استقرار والنقل النهري سيصبح من الوسائل التي ستحفظ الاستقرار إذا ما أحسن الطرفان التعامل مع قضايا ما بعد الاستفتاء دون العودة إلى الحرب». ويشير إلى أن فترة الحرب أوقفت الاستثمار في النقل النهري مما ضاعف من قيام الجزر على مجرى النيل، لكن بعد اتفاقية السلام عام 2005 – والحديث لمختار – ارتفعت وتيرة المواصلات عبر النقل النهري، وأصبح الطلب متزايدا لنقل البضائع والبشر. وقال إن الرحلات زادت من ثلاث رحلات في الشهر إلى ثمان، ومع ذلك ما زالت هناك معوقات تتمثل في الجزر التي نشأت بسبب الحرب حيث توقفت وسيلة النقل النهري في تلك الفترة إلى جانب نشوء الأعشاب على المجرى النهري، وأصبحت الرحلة تأخذ 14 يوما بدلا من ثمانية أيام، وهو يحمل الحكومة المركزية مسؤولية تنظيف مجرى النقل النهري. وقال: «ومع ذلك فإن المطلوب الآن تنظيف المجرى لأن النقل النهري هو وسيلة ناجحة لتواصل البشر». ويعتبر مختار أن النقل النهري في الآونة الأخيرة أصبح الوسيلة الأكثر شيوعا في نقل النازحين الجنوبيين من الشمال، رغم تكدس بعضهم لأسابيع بسبب قلة البواخر العاملة التي تحتاج إلى إعادة تأهيل، إلى جانب أن حركة نقل البضائع خاصة من الشمال إلى الجنوب تواجه مشكلات وصعوبات، ومنها الترقب لإجراء الاستفتاء ومعرفة خيار الجنوبيين، ولكن في الفترة التي ستعقب الاستفتاء. وفي حال اختار الجنوب الانفصال، فإن هناك حاجة لاستمرارية النقل النهري. ويقول مختار في ذلك إن معظم صادرات الجنوب في الفترة الحالية تشمل المواد الخام، ومنها الأخشاب، وإذا تطور الجنوب صناعيا وزراعيا فإن صادراته ستزيد إلى الشمال لقربه، إلى جانب حاجة الميناء الرئيسي في بور سودان للتصدير إلى الشرق الأوسط والدول العربية، باعتبار أن الصادرات عبر ميناء ممبسا الكيني تكلفته عالية وبعيد جغرافيا، كما أن الجنوب سيحتاج كما يقول مختار إلى البضائع من الشمال إلى جانب البترول الذي ما زالت بنيته التحتية هناك من مصفاة وتكرير. ومشكلات السودان المأزومة تعتبر وسائل الاتصال بين مكوناته من أسبابه لضعف البنية التحتية في الطرق ووسائل النقل الأخرى، وفي ذلك يقول عبد الباقي مختار إن أحد أسباب الحروب بين الحكومة المركزية في الخرطوم وشعوب السودان الأخرى هي التواصل البشري بسبب فقر البنية التحتية وسرعة التنقل عبر الوسائل المختلفة، ويضيف أن الحرب انتهت في السودان قبل خمسة أعوام وظل النهر جاريا من الجنوب إلى الشمال وحكومات السودان المختلفة استغلت ضعف الاتصال البشري وأشعلت الحروب ولا بد الآن من الابتعاد عن ذلك الاتجاه بتطوير البنية التحتية في المواصلات ولتتواصل شعوب السودان مهما كانت نتيجة الاستفتاء في الجنوب.