المؤتمر الوطني هلامية القوانين والسلطة قميص عثمان
حينما نشبت ثورة الصحافية لبنى الحسين في يوليو تموز الماضي بخصوص ثيابها التي اختارتها لنفسها كي تعكس مظهرها كان السبب المباشر في ذلك كرباجاً قد أشهرته السلطة حتى يؤكد سطوتها , هكذا كانت بداية الصراع وحقيقته , قوانين استنتها سلطة المؤتمر الوطني لا لأجل تحقيق العدالة الاجتماعية في مجتمع يكون الناس فيه سواسيةـ كما يقال ـ كأسنان المشط ولا لأجل كبح الجريمة وردع المجرمين ورد الحقوق إلى أصحابها , فقانون النظام العام الذي حوكمت بموجبه لبنى أو من سواها من بنات ” حواء ” السودانيات ـ وذلك لأنه يطال رقابهن أكثر مما يطال أعناق الرجال ـ ومن هم قيمون على تنفيذه كلاهما في قفص الاتهام بدلاً عن جلوس الثاني على كرسي القضاء وإعمال الأول في انتهاكات صريحة لحقوق الإنسان وحبس أنفاس المجتمع , والشعب السوداني كما هو معلوم بطبيعة الحال ما كان ليحتاج لمثل هذا النوع من القمع والردع حتى يستقيم حاله هذا إذا كان الأمر أمر استقامة وإصلاح من الأساس , وبالوقوف عند القوانين المشرَّعة والمشرعة في رقاب الأبرياء والضعاف من المواطنين فإننا نسأل لماذا هي حصراً عليهم ؟ لماذا الملاحقة والمطاردة لفتيات مراهقات وأخريات قاصرات ربما لا تجد أحداهن ما تقتل به جوع يومٍ واحد قبل أن يقتلها هو ؟ ونتساءل أيضاً لماذا لا تتفشى الجريمة والدولة في أعلى مستوياتها قد أقامت لها أسواق ومحافل ؟ وزراء حزب المؤتمر الوطني وحكام ولاياته وكبار منتسبيه آخر من يجوع لأنهم افتقدوا الشعور به , موظفون عاديون في جهاز السلطة نجدُ مساكنهم وبنايات شركاتهم الخاصة تتزاحم في الفضاء ومليون مسكن شعبي في العاصمة القومية تغرق حتى أذنيها في الوحل بسبب عاصفة رعدية واحدة , فأين هو القانون ؟ وأين هي العدالة ؟ ثم أين هو الوالي ـ والي الخرطوم السابق ـ الذي ظل قابضاً على جمر الولاية بعمر نوح ؟ قطعاً الشعب لا ينتظر إجابة على هذه التساؤلات وغيرها , لأنه ليست هنالك محاسبة وليس هنالك ضمير وليست هنالك عدالة وما يسنُ من قوانين أو تشرع من شرائع ليست إلا أدوات للقمع والتنكيل وتكبيل الآخر وإخراس كل الأصوات الوطنية التي ترتفع كي تهد طغيان ما يسمى بالمؤتمر الوطني , ولذا ما كان للصحافة والصحافيون أن ينتظروا غير ما أستصدر من قوالب هلامية أو أُطرٍ فضفاضة أطلق عليها ميثاق الشرف وأيان الشرف ؟ وهي أي بنود ذاك الميثاق تفتقر إلى أدني علامة للشرف وذلك حينما يشير في أول بنوده إلى احترام حق الجمهور في الحصول على المعلومات الصحيحة ؟ وكيف يكون الحصول على تلك المعلومات وسلطة المؤتمر الوطني تقطع الألسن وتصُم الآذان وتستعصم هي بأبراجها العاجية بعيداً عن معانة الجمهور الذي تتباكي عليه ؟ وهذا ما يعكسه الواقع المتردي للحياة وما يتفشى من جريمة , هنالك مصادر تشير إلى حدوث أكثر من سبعمائة جريمة قتل فقط في العام الماضي , وهذه حقيقة , فهل سأل منظرو سلطة حزب المؤتمر الوطني وحارقو بخورها أنفسهم يوماً ما هي الدوافع الحقيقية لتلك الجرائم ؟ وهل سمحوا للصحافة أن تستقصي الحقائق ؟ هذه هو المسرح الفعلي للصحافة , أن تسلط أقلامها على مواطن الفساد وتكشفه وتتبع خيوطه مهما كان تشابكها , ما يحدث من تشريعات يمكن أن يُسمى أي شيء إلا أن تكون قوانين , ببساطة لأن القانون هو حد أخلاقي لا تنفصم عراه عن القيم السامية الرفيعة لمجتمع إنساني ذي توجه واحد ومعتقدات مشتركة فهو أي القانون لا يفرق بين زيد وعمر أو شريف ووضيع ” لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ” , نعم هذا هو الحد الأدنى الذي يستوي عنده الجميع لا أن يطال رقاب المستضعفين من الناس دون ذوي المنعة , وخلاصة الأمر عندي أن الدائرة واحدة أو هي حلقات مترابطة : قانون صحافة , قانون نظام عام , قانون انتخابات , إحصاء سكاني , تأمين صحي , ضرائب , قانون جوازات , جنسية , هجرة , …. وهلم جرا , كلها ما هي أدوات ذات هدف واحد ووتيرة متحدة وجهتها هي تكريس سلطة حزب المؤتمر الوطني وفرض هيمنته المطلقة بمسوح قانوني ليوهِم الجميع بموجبه بأنه إرادة شعبية وكيان قد انتخبه الشارع , أو أن السلطة لديه هي قميص إلهي مفصلة عليه وأن ليس هنالك من أحد غيره هو أحق بأن يلبسها , مع الوضع في الاعتبار البون الشاسع ما بين هؤلاء وعثمان رضي الله عنه والذي هو أحد المبشرين بالجنة ..
حاج علي ـ Thursday, September 24, 2009