موسى يعقوب جارالنبى
ام درمان
اُبتلى اهل السودان – ونحن منهم – بنظام اسمه الانقاذ ورئيس اسمه البشير طوال ربع قرن من الزمان ، كان يُعرف لدى زملائه منذ ان كان طالبا بالكلية الحربية وحتى انقلاب الجبهة الاسلامية فى عام 1989 ب (البشير الكداب ) ، وقد ابتدر حكمه بكذبة كبرى سجن بها شيخه وعراب نظامه واودعه السجن ولكنه ظل يتلقى منه توجيهات الحكم اليومية ويصدر القرارات الجمهورية بناء على توجيهاته من السجن ، وقد كشف هذه الكذبة بنفسه عندما اختلف مع شيخه واودعه السجن ، ولكن بشكل جدى هذه المرة ، انها حكمة ربانية ان يولى علينا شخصا بهذه الصفات ، ولكن ولان الحكمة غائبة عنا ، نسأله المولى عز وجل ان يلطف بنا و يعجل برحيله عاجلا لا آجلا. هذا فى الشأن السودانى العام ، ولكن نحن اهل دار فور فمصيبتنا كانت مزدوجة ، فنحن نعانى من بلوة السودان (البشير ) وبلوة اخرى هى رئيس دولة جارة هو الرئيس التشادى ادريس دبى اتنو . هذا الشخص ظل يتدخل فى الشأن السودانى وخاصة الشأن الدارفورى منذ بدايات ثورة دار فور وحتى الان ، مستغلا انتمائه القبلى لقبيلة مشتركة بين السودان وتشاد وهى قبيلة الزغاوة . هذا الرئيس يوهم نفسه بانه المسئول الاول والاخير لاى شخص زغاوى حتى ولو كان يسكن فى ولاية السكا الامريكية ويحمل جنسيتها ، وبالتالى فهو يعتقد جازما انه المسئول عن كل افراد قبيلة الزغاوة ، لا فرق عنده ان كانوا سودانيين او تشاديين ، وبهذه الصفة فقد قام بدعوة مجموعة كبيرة من اعيان قبيلة الزغاوة السودانيين الى مؤتمر فى مدينة ام جرس التشادية بنهايات شهر اكتوبر الماضى ، كان كاتب هذا المقال من ضمن المدعوين ، وربما يتذكر القراء انى كنت مستاءً من هكذا التصرف من رئيس دولة اجنبية يقوم بدعوة رعايا دولة اجنبية واقامة مؤتمر لمناقشة قضية تهم تلك الدولة الاجنبية ورعاياها ، وقد كتبت سلسلة من المقالات امتدت الى خمسة (5-5 ) اسميتها (جريمة المنتسبون للمؤتمر الوطنى من ابناء الزغاوة ومأساة اهلهم بين سندان البشير ومطرقة الرئيس التشادى ادريس دبى) ، نُشرت كلها – مع بالغ شكرنا – فى المواقع الالكترونية السودانية ، ولكن وضح للاسف ان الامر برمته كان من تخطيط حكومة المؤتمر الوطنى فى الخرطوم ، اُوكل فقط للحكومة التشادية لزوم الاخراج مستغلين بذلك الابوية الزائفة للرئيس التشادى للزغاوة السودانيين .
(تشرفنا) نحن فى السودان بزيارة (كريمة ) من فخامة الرئيس ادريس دبى خلال اليومين الماضيين وقضى على ظهرانينا يومين كاملين فى الخرطوم ، ولم ينس الاخوة فى (الآلية العليا لمتلقى ام جرس ) بقيادة مولانا محمد بشارة دوسة من دعوته واخيه الرئيس البشير فى قاعة الصداقة ليمارس الرئيس دبى هوايته فى التدخل فى الشأن السودانى وفى شأن دار فور على وجه التحديد ، فخاطب اهل دار فور فى هذا الاجتماع بلهجة آمرة ولئيمة محملا اياهم وزر استمرار التمرد فى دار فور ، معفيا بذلك البشير من المسئولية ، وقال كلاما مستفزا لاهل دارفور ولقيادات الحركات المسلحة الدار فورية (جبريل / مناوى / عبدالواحد) واسماهم ب(العيال ) والمخربين ولا يدرى ان العيال قد شبوا باكرا عن الطوق وقد اوصلوا قضية دار فور وبل السودان الى كل المحافل الدولية ، ويبدو ان الرئيس دبى لا يدرى ان هولاء (العيال) هم كانوا وراء اتهام صديقه البشير من قبل المحكمة الجنائية حيث صار الان حبيس جغرافية بلاده لا يستطيع الخروج الا الى عاصمتين او ثلاث ، انجمينا ، اديس ابا ابا وربما جوبا حسب الظروف السياسية وتقلباتها . ولكن المفاجأة الصاعقة فى هذا الاجتماع والذى عكر صفو اللقاء ومزاج الرئيسين قد جاءت من حيث لا يحتسباه ، حيث ظهر فجأة الناشط البطل تاج الدين احمد عرجا وواجه الرجلين بسيل من الانتقادات اللازعة وسماهما بمجرمى الحرب وممارسة الغش واستغفال الرأى العام وحملهما مسئولية تدهور الاحوال واستمرار الحرب فى دار فور ، ولم يتوقف تاج الدين عن الكلام الا بعد تدخل الرئيس البشير والاشارة الى افراد الامن لجره خارج القاعة ، وقد اصاب هذا الحادث القاعة بالوجوم لفترة وظهرت علامات الغضب فى الرئيسين والحرج البالغ على منظمى الحفل ، والملفت فى موقف الرئيسين ان الرئيس التشادى كان اكثر غضبا من البشير المضيف (ربما لمعرفته او توقعاته من ان الشاب المشاغب هو زغاوى بالضرورة ) ولكن بعد الحادث لاحظت ان هنالك شعور بالرضى الشعبى من الحضور وتثمين لدور الشاب تاج الدين ، وقد علت فعلا بعض الاصوات هنا وهناك مثل ” والله بطل يا شاب ” . عموما فقد عبر البطل تاج الدين عرجا عن مشاعر الآلاف ممن كانوا فى تلك القاعة ، وقد كان تصرفه عبارة عن صيحة ضد الرئيسين ، وخاصة الرئيس التشادى ، وكأنه يقول : كفى ثم كفى من التدخل فى شئوننا يا الرئيس دبى وارفع يدك عن دار فور واعلم ان (العيال كبرت ) على غرار عنوان المسرحية الكوميدية المصرية المعروفة و التى تحمل نفس الاسم
موسى يعقوب جارالنبى
[email protected]