الشهيد الدكتور خليل ابراهيم…في ذكراه الأولى
زكريا عبد الرحمن لقمــــة
تدور رحى الزمان وتتغير الأشياء مع صرخة كل طفل قادم يودع شخص مثلما تجدد الأشجار أوراقها، تصفر وريقات لتزيل وتتساقط وتتبرعم أخريات لتعيش وتورق.
الحياة مسرح كبير نحن ممثليه،على خشبته يلعب الصالح والطالح، الجانح والخير والمحترف والهاوي،بعضهم يمر دون إن يخلف اثر على ذاكرة التاريخ، وقليلون يمهرون توقيعاتهم بأحرف من نور، أعمارهم قصيرة لكنها عريضة، يمحي التاريخ صورهم لكن اياديهم البيض يظل اثرها مدى مازالت هذه البسيطة تتحرك في رحكها الحياة.
نم قرير العين فمازلنا نعض على الوصايا ونحفظها على ظهر قلب، سيرتها تحلى جيد كل امراة ومسبحة كل شيخ ولعبة كل طفل. مثلما إستشهادك كان فخراً، لم تمت ميتة تكرهها الخنساء لأخيها صخر.
جاءت ذكرى استشهادك وأعداء الوطن الذين فرحوا برحيلك عن الدنيا الفانية ؛الان هم في حالة يرثى لها،منهم من زجوا به في غياهب السجون، ومنهم من فر بجلده إبتغاء النجاة،ومنهم من يبتغي البلسم موجهاً وجهه الى أقطاب كثيرة وماله من سبيل في الشفاء. ضاقت الدنيا بهم وحُوصروا من كل الأبواب. الان لا فكاك.
اول القادمون لإنقاذ الجياع والعراة هم أصحابك الماجد، مثلما جئتهم يوما ما في عقر دارهم.
خليفتك على الدرب مُقدمٌ(قادمون…قادمون.من جبل مرة او من جبل مون) بل من كل أصقاع السودان، من حلفا وكردفان والنيل الأزرق وثغرنا الباسم مثلما دعوت للوحدة والقومية الان هم يتلون سفرك ويقتفون أثرك.النصر الان بيد قاب قوسين أو ادني.
سيظل الوطن واحدا مترابطاُ مثلما دعوتنا، أتذكر حديثك لنا في فيافي دارفور:(انهم يريدون ان نطالب بالانفصال؛ لكننا لم ولن نفصلها، السودان لنا جميعاً،شماله وجنوبه،شرقه وغربه بكا سحناته واعراقه). كنت وطنياً شاملاً ورجلاً متواضع تجلس مع جنودك، لايميز الغريب بين من هو القائد ومن هو الجندي، رغم كونك رئيس، كنت تقاتل جنباً الى جنب مع اصغر جندي في الميدان؛ لذا احبوك. كنت تؤثر على الاخرين بما عندك من قوت أو نقد حتى لو كانت بك خصاصة او حاجة. وتلك هي صفات القائد التي عرفتها فيك عن قرب في احراش النضال وصحراوات دارفور.
لك منّا ألف تحية وأغنيات ترنو بعيد نحو الحرية والانعتاق من الزُّل والهوان، أغنيات تعزف لمسح رأس كل يتيم يتّمه النظام، أو ارمل أو ام ثكلى أو مشرد بلا مأوى….لك ألف سلام.فلترقد في سلام.