الخرطوم: فايز الشيخ
انتقلت عاصفة التجربة التونسية إلى السودان «نسبيا» يوم أمس بخروج مئات من الشباب والطلاب للتظاهر ضد حكومة الرئيس البشير بسبب الأزمة الاقتصادية، وغياب الحريات وطالب المتظاهرون باسقاط الحكومة فيما أعتلقت السلطات أكثر من 45 متظاهرا بعد أن احتوت المظاهرات خلال قرابة الساعة من انطلاقها؛ باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات، في غضون ذلك اكتفت المعارضة السودانية بمراقبة الموقف عن كثب، وادانت «تعامل السلطات مع المتظاهرين»، وشددت على ضرورة احترام الدستور فيما ذهب آخرون بدعوة البشير بالاستقالة وتشكيل حكومة قومية. وخرج المئات من الشباب والطلاب في أول مظاهرة منظمة ضد حكومة الرئيس البشير منذ اعادة انتخابه تطالب باسقاطه وخرج المتظاهرون بمواقع متفرقة في الخرطوم وأم درمان يرفعون شعارات احتجاجا على ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية، وتطالب بالحريات الكاملة، في وقت قامت فيه الحكومة بعملية انتشار واسعة لوحدات أمنية لاحتواء المظاهرات باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات واعتقلت 45 من بين المتظاهرين. وانتظمت حركة التظاهر بجامعات الخرطوم، وأم درمان الاسلامية، وأم درمان الأهلية، وانطلقت المظاهرات بناء على دعوة من «شباب الفيسبوك« للتظاهر ضد الحكومة، في وقت اكتفت فيه المعارضة بمراقبة الموقف عن كثب.
وعقدت المعارضة اجتماعا متزامنا مع المظاهرات السلمية، وقال الناطق باسم القوى المعارضة فاروق أبوعيسى لـ«الشرق الأوسط»: «تحرك الشارع، ولا أظن أنه سوف يقف»، وطالب الحكومة «بالتعلم من تجارب الآخرين وتترك مواجهة المظاهرات بالقوة والضرب كما فعلت أمس، وقال «إن ما فعله شباب التغيير اليوم هو الرغبة الحقيقية لأهل السودان قاطبة الذين كرهوا حزب المؤتمر الوطني وأداءه وقد زكم فساد رموزه من القمة للقاعدة أنوفهم، وأضاف« الفرصة الآن لتلتقي جماعات الشعب وقواه مع شبابنا لدفن هذا النظام».
وفي ذات السياق طالب نائب الامين العام للحركة الشعبية وعضو المكتب السياسي ياسر عرمان في بيان صحافي «باطلاق سراح كافة المعتقلين في مظاهرات امس والذين فاق عددهم (45) معتقلا»، ويتوقع أن يكون قد تم اطلاق سراحهم بعد ساعات، اضافة للقادة السياسيين وعلى رأسهم حسن الترابى والغاء زيادات الاسعار، واجراء حوار شمالي – شمالي، والقيام بترتيبات دستورية جديدة عبر مؤتمر الدستوري وبمشاركة كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني اضافة إلى الوصول لعلاقات إستراتيجية مع الجنوب والاعتراف بجذور أزمة دارفور وحلها بعيدا عن الحلول الامنية والعسكرية والقبول بنتائج ديمقراطية للمشورة الشعبية».
واعتبر عرمان ان السودان يمر بأخطر حدث حدده فيما وصفه بسونامي خروج الجنوب من الاتحاد السوداني، وانتقد التعامل الذي وصفه بالشرس لقوات الامن والشرطة وبعض الاجهزة الحزبية مع المظاهرات السلمية التي نفذها طلاب وشباب اطلقوا على انفسهم «شباب من اجل التغيير» والضرب المبرح والاعتقالات التي تعرضوا لها انتهاكا للدستور والقانون وحقوق الانسان واعراف المجتمع وحذر من انها لن تؤدي الا لمزيد من الغليان. وزاد «الحوار والديمقراطية وإحترام حقوق الانسان وتوفير الطعام للفقراء هى اللغة التى يجب ان تسود بين الجميع».
من جهته طالب القيادي بحزب الأمة القومي مبارك المهدي الحكومة باخذ العبرة من تجربة ثورتي تونس ومصر ومن قبلهما ثورتي الشعب السوداني في اكتوبر (تشرين الأول) 1964 وابريل (نيسان) 1985، التي انهت نظامين ديكتاتورين عسكريين، ونوه مبارك إلى ان المنطقة الأفريقية والعربية تشهد حركة تغيير وثورات شعبية عارمة قال انها ستقضي على كل الديكتاتوريات وسمى الوقت الراهن بـ (عهد الحريات) وردد«لقد ولى عهد التسلط والديكتاتوريات وقهر الشعوب إلى غير رجعه). ودعا البشير للاستقالة وتشكيل حكومة انتقالية قومية. ونشر حزب الامة في بيان اسماء اكثر من اربعين شخصا اعتقلوا في هذه التظاهرات ولم يتسن الاتصال بالناطق باسم الشرطة للتاكد من هذه اللائحة. وفرضت السلطات قيودا مشددة على الصحافة. فقد اوقف الجنود مصورا لوكالة فرانس برس على مدى ساعتين فيما تلقى نحو عشرة صحافيين يعملون لحساب وسائل اعلام محلية أو دولية امرا بعدم تغطية المظاهرات.
وجرت التظاهرات تلبية لدعوة اطلقت عبر الانترنت إلى يوم احتجاج سلمي ضد الحكومة في كل انحاء البلاد، في شكل مماثل لتلك التي كانت وراء التظاهرات الحاشدة التي تهز مصر المجاورة منذ ستة ايام. وقال مبارك الفضل «ما شهدناه في مصر الهم الشباب« مؤكدا ان الطلاب يحظون بدعم «كل احزاب المعارضة».
وشهد السودان في الاسابيع الماضية العديد من المظاهرات على خلفية الصعوبات السياسية والاقتصادية. لكن هذه التحركات بقيت متفرقة. وتزامن يوم التعبئة أمس مع الاعلان عن النتائج التمهيدية الكاملة للاستفتاء في جنوب السودان والتي اكدت رجحان كفة مؤيدي الانفصال بغالبية ساحقة. واوضح الفاضل ان الشبان «يريدون التعبير عن غضبهم من ادارة السودان التي ادت إلى انقسام البلاد ولان مستقبل الشمال غامض».
الشرق الاوسط