السودان وربقة حقوق الانسان
على ابوزيد على
ظل السودان احد نجوم اجتماعات مجلس حقوق الانسان بجنيف لعدة دورات ومن اهم الدورات دورته الحالية سبتمبر 2014 والتى وجدت اهتماما كبيرا من المنظمات الانسانية المعنية بالعون المدنى والحقوقى الوطنية والدولية المهتمة باوضاع السودان بسبب تقرير الخبير المستقل لحقوق الانسان للسودان مشهود بدرين الذى قدم استقالته من مهام الخبير المستقل قبل تقديم تقريره للمجلس وعقب زيارته الثانية للسودان هذا العام
جاء تقرير الخبير المستقل امام المجلس كما كان متوقعا من معظم المراقبين شاملا الاحداث الساخنة التى مرت بالسودان فى فترة ولايته ابتداءا من افرازات الحرب فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق واوضاع المدنين فى تلك المناطق مرورا بالتحقيق فى احداث سبتمبر 2013 وقتل المتظاهرين و موضوع حكم الاعدام فى حق مريم او ابرار التى اثارت المجتمع الغربى وحركت الكنيسة والطوائف المسيحية المختلفة تجاه السودان والحدث الثالث هو موضوع الاجراءات التى اتخذتها الحكومة فى مواجهة القيادات السياسية الحزبية المعارضة ممثلة فى اعتقال السيد الصادق المهدى والاستاذ ابراهيم الشيخ فى موضوعات تتعلق بقضايا الحرب والسلام وفى اتجاه غير متوافق مع روح التوافق الذى استهدفه مشروع الحوار الوطنى الذى جاء فى خطاب السيد رئيس الجمهورية وتبنت اهدافه الحكومة وحزب المؤتمر الوطنى ايضا من الاحداث الساخنة التى لازمت تقرير الخبير المستقل امام المجلس اوضاع الحريات الصحفية وحرية الرأى والتعبير بتعرض عدد من الصحف للمصادرة والايقاف واعتقال الصحفيين والاعتداء العنيف الذى حدث لرئيس تحرير صحيفة التيار وقد وجد موضوعات الحريات رواجا اعلاميا واسعا بواسطة المنظمات الدولية المناصرة للاعلامين وحرية الرأى والتعبير
المداخلات التى قدمها ممثل الاتحاد الاوربى ومندوب الولايات المتحدة الامريكية بعد تقديم بيان الخبير المستقل هى الاكثر تشددا لادانة السودان فى ملف حقوق الانسان وعدم اشارة الخبير المستقل فى تقريره الى تصعيد الرقابة والادانة للسودان بان يقدم مقترحا لاعادة السودان الى البند الرابع من ميثاق الامم المتحدة بدلا عن العاشر المعنى بتقديم المساعدات الفنية وتنمية القدرات كما نادت به عدد من المنظمات الحقوقية الدولية نقول ان عدم توصية بدرين فى اتجاه البند الرابع اضعفت الحملة الاوربية والامريكية من تحقيق الهدف الاكثر تشددا فى ادانة السودان واثمرت بعض الشئ فى القرارات الصادرة من المجلس بابقاء السودان فى البند العاشر مع اضافة تكاليف الخبير المستقل بمراقبة الانتهاكات والتقرير الفورى عنها وشملت القرارات الصادرة بالجمعة 26 سبتمبر مطالبة باستكمال التحقيق المستقل والشفاف عن احداث سبتمبر 2013 ومراجعة عدد من القوانين الخاصة بالحريات الاساسية فى الحقوق المدنية والسياسية مع الاشارة الى الحريات الدينية وحرية التظاهر والتعبير
ثمة ملاحظات تستحق الوقوف عليها فالخبير المستقل مشهود بدرين قدم تقريره وهو اخر عمل يؤديه فى الملف السودانى الاممى وجاء التقرير مستبطنا الاوضاع السياسية فى السودان والتى قدمها تحت بند التطورات الايجابية فى موضوعات حقوق الانسان مثل الحوار الوطنى الشامل الذى طرحته الحكومة للقوى السياسية والاجتماعية لتحقيق التوافق والسلام وايقاف الحروب الداخلية والتداول السلمى للسلطة والخطة الاستراتيجية للمفوضىة القومية لحقوق الانسان ومن بين اهم ما دعى له الخبير المستقل فى تقريره امام مجلس حقوق الانسان دعوته للمجتمع الدولى بالتدخل الجاد لايقاف الحرب فى الولايات السودانية المأزومة مشيرا الى ان الحرب هى السبب الاساسى لتدهور اوضاع حقوق الانسان بالسودان
فى مواجهة الاتهامات بعدم تنفيذ الحكومة السودانية لالتزاماتها فى ملف حقوق الانسان جاءت مرافعة وزير العدل مولانا دوسة بعزم يكافئ تقرير الخبير المستقل ومداخلات الاتحاد الاوربى السالبة وتلميحات المندوب الامريكى مشىرا الى ما ذهب اليه الخبير المستقل با ن الحكومة قامت بعدد من الاجراءات والقرارات التى اتخذتها تؤكد ارادتها فى ايقاف النزاعات المسلحة المنتجة للانتهاكات وتدهور الاوضاع الانسانية وان للحركات المسلحة مسئووليةفى الانتهاكات التى تحدث للمدنين فى مناطق النزاعات مشيرا الى عدم التوازن فى مواقف الدول الغربية ورغبتها فى ادانة السودان وانتهاك حقوق الانسان بالاجراءات الاستثنائية الاحادية والعقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان
ان القراءة التحليلية لمجريات التداول والقرارات فى تقرير الخبير المستقل لاوضاع حقوق الانسان فى السودان تشير الى ملامح مستقبل علاقة السودان بالمجتمع الدولى فى موضوعات حقوق الانسان والى مدى فعالية الجهود التى تبذلها الدولة والمجتمع للانعتاق من ربقة التسويق السياسى لموضوعات حقوق الانسان
من بين اهم المؤشرات الناتجة عن التحليل ان الارادة الاممية غير متوافرة فى المدى القريب لاخراح السودان من دائرة الرقابة الدولية سواء البند العاشر او أى من البنود والدليل على ذلك ان سكرتارية المجلس اعلنت استقالة الخبير المستقل مشهود قبل عقد دورة المجلس بشهر تقريبا واعلتت عن الترشح لمنصب الخبير المستقيل مستبقا قرارات المجلس بعد تقديم التقرير
ان طلب الخبير فى تقريره تدخل المجتمع الدولى لايقاف الحرب فى السودان سوف ينعكس بعدة وجوه فى الملتقيات والمفاوضات بين الحكومة ومكونات الجبهة الثورية التى يتبناها الاتحاد الافريقى من اديس اببا وان الممثلين الاقليمين الدوليين سوف يكونون جزءا من المسهلين والضاغتين للاطراف فى اتجاه تدويل المبادرة الافريقية
لعبت المنظمات الاهلية غير الحكومية دورا مؤثرا فى اتجاهات الرأى العام الدولى ممثلة فى اللوبيات الاقليمية المناهضة للحكومة السودانية مثل التحالف العربى من اجل السودان والمنظمات الدولية مثل هيومن رايتس ووتش وبعض من المنظمات السودانية فى دول المهجر وفى المقابل فان تحرك عدد من المنظمات الوطنية من داخل السودان والتى تحمل صفة المراقب فى مجلس حقوق الانسان لحضور دورات المجلس وتقديم البيانات الشفهية والمكتوبة وتنفيذ عدد من الانشطة التى تشير الى التطورات الايجابية فى موضوعات حقوق الانسان كان لها اثر كبير فى مخرجات دورة المجلس
ونواصل بحول الله
ولله الحمد
[email protected]