السودان من بين أكثر الدول خطرا
(الشرق الاوسط)
ماذا عن المخاطر الأمنية في العام الحالي؟ وفي أي المناطق ستكون؟ وهل سيكون الأمن والعلاقات الدولية في حال أفضل من العام الماضي؟ من هو الشخص الذي سيلعب دورا محوريا في العلاقات الدولية في عام 2011؟ كل هذه الأسئلة أجاب عنها عدد من الخبراء المتخصصين في القضايا الأمنية والاستراتيجية، ونشرت إجاباتها في المجلة الشهرية التي يصدرها مقر حلف شمال الأطلسي ببروكسل.
يقول الخبير ليو سندروفيش، إن الخطر الأمني الأكبر في عام 2011 سيكون انتشار الأسلحة النووية.. «لقد كان هذا الموضوع مصدر قلق منذ سنوات، ويحدونا الأمل ألا يتحقق هذا الخطر في عام 2011 أو ما بعده». ويضيف أن «وضع استراتيجية شاملة ومتعددة الأطراف يسمح للأمم بالحصول على الطاقة النووية السليمة بشكل آمن ومضمون، يعتبر أمرا في غاية الأهمية. الصفقة المهمة التي عقدت حول الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا بعد أشهر من المفاوضات تكتسب أهمية بالغة. وعلى مدى عقود، فإن الدول الخمس صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، وزعت نحو عشرين ألف كلغم من اليورانيوم عالي التخصيب، وهذه الكمية تكفي لإنتاج 800 سلاح نووي، ووصلت هذه الكميات إلى نحو خمسين بلدا مختلفا مثل أستراليا وجامايكا وفيتنام. لكن الخوف الأكبر يكمن في أن تقع هذه المواد النووية في الأيدي الخطأ. وبينما نرى أن هناك كثيرا من مصادر القلق الأمنية في جميع أنحاء العالم، فإن هذه المخاطر سترتفع إلى مستويات مرعبة إذا ما ترافقت مع الأسلحة النووية، بغض النظر عما إذا كانت هذه الجماعات متطرفة دينيا (إيران والعراق وأفغانستان) أو أنظمة فاشية (كوريا الشمالية) أو جماعات مسلحة (حماس وحزب الله) أو حتى القرصنة (الصومال). إن أنشطة العالم الباكستاني عبد القدير خان تؤكد أن مسؤولين مارقين أو شبه رسميين، كما ينظر المرء إلى هذا الأمر، لا يكترثون بشأن الانتشار النووي».
أما الشخص الذي سيلعب دورا محوريا في العلاقات الدولية في عام 2011، بحسب التقرير، فهو باراك أوباما.. «فقد يبدو بديهيا أن تذكر اسم الرئيس الأميركي. ولا يعني ذلك أنه لم يسبق له أن ترك بصمته على المشهد العالمي. لكن بعد الانتخابات النصفية، فإنه سيحيل مزيدا من الوقت ليقضيه خارج البلاد. وحتى لو بدت بصمته وكأنها تتلاشى مقارنة بالأوضاع منذ عامين، فإنه لا يزال باستطاعته أن يكون مؤثرا. وعلى الرغم من الحديث الكثير عن صعود منافسين – مثل الصين والهند – فلا أحد يستطيع أن يثير اهتمام العالم مثل الرئيس أوباما».
وردا على سؤال هل سيكون الأمن والعلاقات الدولية في حال أفضل أم أسوأ بنهاية عام 2011، ولماذا؟ يقول «هناك بعض التوجهات والظواهر التي ستجعل العالم أكثر أمنا. لكن هناك توجهات وظواهر أخرى قد تساعد في ذلك. يبدو أن إعادة ترتيب العلاقات مع روسيا قد أسهمت ولو بشكل مؤقت في تهدئة العلاقات مع هذه الدولة الأكثر إزعاجا في العالم. لكن إيجاد تسويات وحلول في المناطق المثيرة للمشكلات والتحديات مثل إيران وكوريا الشمالية لا يزال عصيا كما كان دائما. لقد تراجعت أعمال القرصنة في القرن الأفريقي، لكن الاعتداءات عبر الفضاء الإلكتروني في تصاعد. لقد بدا تنظيم القاعدة وكأنه معطل في نهاية 2010. لكن إذا ما حدثت كارثة جديدة، لنقل في الذكرى العاشرة لاعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، فإنه سيعود حتما ليحتل رأس قائمة جدول الأعمال السياسي. من المحتمل أن يكون المقياس الحقيقي في أفغانستان: لقد وعد الرئيس أوباما بأن يبدأ الانسحاب من هناك ابتداء من شهر يوليو (تموز) 2011. لكن ماذا لو كان الوضع الأمني ليس أفضل مما كان عليه عام 2009 قبل إعلانه عن زيادة عديد القوات؟ فهل سيلتزم بوعده ويقبل حقيقة أن المهمة قد فشلت.. أم أنه سيبقى في أفغانستان وينتهج نفس المسار؟».
ويقول لوانس كابلان، من جامعة جورج تاون، في إجابته عن سؤال حول أي المناطق (من الناحية الجغرافية أو من حيث الأهمية) يشعر بأنها ستشكل الخطر الأمني الأكبر في عام 2011، إن «إيران وكوريا الشمالية مرشحتان لتشكلان الخطر الأمني الأكبر في عام 2011. فالمسار الذي تتبعه إيران باتجاه الحصول على قدرات نووية يمكن أن يؤدي إلى رد عسكري من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، أما استفزازات كوريا الشمالية في شبه الجزيرة الكورية فيمكن أن تؤدي إلى نشوب حرب مع كوريا الجنوبية قد تؤدي إلى تورط الصين والولايات المتحدة الأميركية. لكن الخطر الأمني الأكبر يكمن في باكستان وأفغانستان. فكلتاهما دولة ضعيفة تعاني من الفساد وتتعرض لتهديد حركة طالبان. إن سقوط حكومة كرزاي في أفغانستان قد تكون له تبعات مدمرة على وجود حلف شمال الأطلسي في تلك البلد، وسيسرع عملية انهيار حلفاء حلف الناتو ويعرض خطط التحالف لحل مشكلة الحرب. قد تشكل باكستان تهديدا أكبر، ليس من طالبان وحسب، لكن في سيناريو يتصور دولة فاشلة تتداعى للمعارضة الإسلاموية تمتلك أسلحة نووية. إن تأثير هذا السيناريو الكارثي قد يطال العالم بأكمله. أما الهند، القوة النووية الأخرى في جنوب آسيا، فقد تبدأ حربا نووية. أما الصين التي تعزز دورها ووجودها في آسيا، فقد تورط نفسها في حرب هندية – باكستانية، والولايات المتحدة الأميركية وما لديها من مصالح في إقامة باكستان مسالمة ومتعاطفة مع المصالح الغربية قد تتورط كذلك في هذا الصراع».
لكن هل سيكون الأمن والعلاقات الدولية في حال أفضل أم أسوأ بنهاية عام 2011.. ولماذا؟ يقول الخبير الاستراتيجي ليو سندروفيش «إن أوضاع العالم في عام 2011 قد لا تختلف كثيرا عن الأوضاع في عام 2001. وإذا كان هناك من اختلاف، فإنه من المحتمل أن يكون للأسوأ، ويعتمد ذلك على نتائج الأزمات الحالية في الاتحاد الأوروبي وباكستان وكوريا. وقد تحتل إيران بؤرة الضوء وهي تطور برنامجا نوويا. إلا أن هناك عناصر تهدئة يمكن أن تكتمل في عام 2011. فالاتفاقيات الأميركية – الروسية حول مواجهة تهديد الإرهاب بشكل عام وحول إيران على وجه الخصوص تدعو للتفاؤل».
من جهته، يقول الدكتور بيتس جل، مدير معهد استوكهولم لأبحاث السلام العالمي عن أي المناطق (من الناحية الجغرافية أو من حيث الأهمية) ستشكل الخطر الأمني الأكبر في عام 2011 «من الناحية الجغرافية أعتقد أن الهواجس الأمنية الأكبر ستنشأ في المنطقة المحاذية للبحر الأحمر وخليج عدن (بما في ذلك السودان والصومال واليمن)، وتمتد إلى الشمال الشرقي لتشمل العراق وإيران وأفغانستان وباكستان وإلى منطقة القوقاز وآسيا الوسطى. أضف إلى ذلك أن المجتمعات والأفراد سيستمرون في مواجهة العنف الذي يؤدي إلى عدم الاستقرار وتهديد الأطراف غير الحكومية – المنظمات الإرهابية والجماعات المسلحة. وفي المناطق التي ستشهد تداخلا لهذه المخاوف الأمنية فإننا سنرى أكبر التحديات وأخطرها في عام 2011. الصراعات الكبيرة بين الدول لا تبدو أمرا محتملا. لكن في غياب التدخل العالمي، واندلاع حرب بين السودان والدولة الجديدة في جنوب السودان، قد يثبت أن هذا التوقع خطأ بشكل مفجع. لكن، بشكل عام، فإن العنف والتهديدات باللجوء للعنف ستنفذ بشكل أساسي ضد المدنيين الأبرياء، خصوصا من الأطراف غير الحكومية، وكذلك من قبل بعض الدول أو الجماعات التي تأتمر بأمرها، وهناك احتمال كبير لوقوع صراعات داخل الدول نفسها في إطار الصراع الداخلي والمنافسات بين الأطراف المتنازعة».
أما عن هل سيكون الأمن والعلاقات الدولية في حال أفضل أم أسوأ بنهاية عام 2011.. ولماذا؟ فيقول «سيكون الوضع الأمني في العالم أكثر صعوبة وأكثر تعقيدا خلال عام 2011. فالمشهد السياسي العالمي سيتسم بكونه أكثر انتشارا. فسيكون هناك انتشار للقوة العسكرية والقوة الناعمة إلى دول كبيرة في النظام العالمي، فانتشار للأسلحة والتقنيات الحساسة واستمرار تطور وسائل العنف في أيدي أطراف غير حكومية.. والمؤسسات الضعيفة والفاشلة التي أقيمت بهدف معالجة مثل هذه التحديات الإقليمية والدولية ستجد نفسها عاجزة عن القيام بذلك. إن هذه التوجهات بدأت بالنشوء منذ سنوات كثيرة قبل الآن، وقد تصاعدت حدتها بسبب الأزمة المالية العالمية والركود الاقتصادي، وما نتج عنها من إجراءات تقشف تركت آثارها السلبية على الكثير من مناطق ودول العالم، الأمر الذي أضعف قدرة وإرادة الأطراف الرئيسية، خصوصا في الغرب مثل أوروبا وأميركا الشمالية، للقيام بدور فعال بصفتهم الأطراف التي تضمن الأمن الإقليمي والأمن العالمي. ويبدو أن المجتمع الدولي في عام 2011 قد يواجه التبعات الصعبة للحوكمة الأمنية العالمية المتداعية في عالم يتسم وبشكل متزايد بعدم الاستقرار والأمن».
ويقول توماس رينارد، من المعهد الملكي البلجيكي للعلاقات الدولية «إن هناك موضوعين أساسيين سيستمران بالظهور على جدول أعمال الأمن في عام 2011، ويشكلان نوعا مختلفا جدا من التهديدات، الأول هو تهديد تقليدي، والآخر هو تهديد جديد ويجب التعامل معه بشكل مختلف. الموضوع الأول يقع تحت تصنيف (الأنظمة النووية المارقة) مع ضرورة الانتباه إلى نشوء أوضاع محلية وإقليمية في إيران وكوريا الشمالية، وكذلك متابعة دقيقة لما يحدث في باكستان في ما يتعلق بسلامة مواقعها النووية. أما الموضوع الآخر فهو أمن الفضاء الإلكتروني، كما يذكرنا بذلك موقع (ويكيليكس). لقد بدأنا للتو نقيم ونفهم مدى انكشافنا للاعتداءات عبر الفضاء الإلكتروني، بغض النظر إذا ما جاءت هذه الاعتداءات من (دول أو مجموعات صغيرة)، وما هي الأهداف المحتملة لهذه الاعتداءات.. من ناحية، تبدو التهديدات النووية أكثر أهمية: فهي يمكن أن تطلق سباقا للتسلح وتسهل الانتشار النووي وتزعزع أمن واستقرار مناطق ضعيفة، وحتى يمكن لها في أسوأ الاحتمالات أن تؤدي إلى صدامات نووية. من الناحية الأخرى هناك فرصة لأن تبقى الأوضاع أكثر أو أقل استقرارا على تلك الجبهة، لكننا على يقين من أن الاعتداءات عبر الفضاء الإلكتروني لن تتوقف، وقد تتصاعد حدتها ووتيرتها وتترك تبعات لا تزال نجهل أبعادها». وعن الطرف الذي سيلعب دورا محوريا في العلاقات الخارجية في عام 2011، يقول «إنه في بيئة عالمية تتسم وبشكل متزايد بالاعتمادية المتبادلة وتعدد الأقطاب، فإنه ليست هناك قضايا يمكن التعامل معها من قبل طرف واحد. وفي هذا السياق، فإنه سيتوجب على الولايات المتحدة الأميركية أن تشارك أطرافا أخرى عبء الاستقرار العالمي، وذلك مع عدد متزايد من الأطراف بما في ذلك القوى الناشئة (مثل الصين) لمعالجة الكثير من القضايا، لكن بمشاركة قوى رائدة (مثل البرازيل أو تركيا) وفي بعض القضايا الخاصة، وفي بعض الأحيان، عليها التعاون مع منظمات إقليمية (مثل الاتحاد الأوروبي). الصين وروسيا ستلعبان دورا محوريا في التعامل مع مصادر التهديدات الواردة أعلاه (النووي والفضاء الإلكتروني). قد يكون هذا الدور إيجابيا (على سبيل المثال إذا تعاملت الصين وروسيا بشكل بناء وإيجابي مع كل من شبه الجزيرة الكورية وإيران على التوالي)، أو يمكن أن يكون هذا الدور سلبيا (على سبيل المثال في حالة المزيد من الاعتداءات عبر الفضاء الإلكتروني تنطلق من الصين وروسيا – ويجب أن تلاحظ هنا أن القضية لا تتعلق بكون هذه الاعتداءات قد صدرت بناء على أوامر من الحكومة أم لا)».
وفي إجابة عن سؤال: هل سيكون الأمن والعلاقات الدولية في حال أفضل أم أسوأ بنهاية عام 2011، ولماذا؟.. يقول «إن التدهور المستمر في الهيمنة الأميركية (من حيث القوة النسبية أو من حيث الشرعية المطلقة) هو في حقيقة الأمر توجه يدعو للقلق بالنسبة للأمن العالمي. صحيح أن الولايات المتحدة لم تعد القوة العظمى الوحيدة في العالم، لا سيما مع نشوء أطراف جديدة (على الرغم من أن أميركا لا تزال تسيطر على معظم الشؤون العالمية). فقد يكون لهذا التوجه تبعات على صعيدين اثنين يمكن أن نستشرفهما في المستقبل المنظور.. على الأمن العالمي: أولا.. ستتصرف أميركا على أساس أنها القوة العظمى المحبة للخير أقل مما كانت عليه من قبل (لأن ظروفها بكل بساطة لن تسمح بعد الآن بالتمتع بهذا الترف، وبعد أن تحولت سياستها الدولية إلى حالة جديدة، أي أكثر تنافسية وأقل إيثارا، فإن ذلك سيجعل تسوية القضايا العالمية أكثر تعقيدا). ثانيا.. وإذا سلمنا أن الولايات المتحدة لا تستطيع (أو لا ترغب) الاضطلاع بدور (الشرطي العالمي) بعد الآن، فمن الذي سيضطلع بهذا الدور؟ عندما لا يوجد أحد ليردع الأنظمة أو الجماعات عن تنفيذ خططهم الشيطانية أو أن يعيد النظام في أوقات الأزمات، عند ذلك ستعم الفوضى العارمة التي يمكن أن تنتشر بسرعة على المستويين المحلي، والأسوأ من ذلك على مستوى جميع المناطق في العالم».