السودان: اوقفوا القمع المستمر بحق ناشطي دارفور
وجّهوا للمعتقلين الجدد تهماً أو أطلقوا سراحهم
إن الحكومة السودانية تستهدف فيما يبدو أعضاء هذه المجموعة بسبب نشاطها المهم الذي تقوم به في مجال العمل العام الخاص بدارفور، وليس بسبب ارتكابهم لأي جريمة. “ينبغي على الحكومة محاكمة هؤلاء الأفراد أو اطلاق سراحم.”
رونا بيليجال، مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش
(نيويورك 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2010) – طالبت منظمة “هيومان رايتس ووتش” الحكومة السودانية بتوجيه تهم لناشطي دارفور، الذين اعتقلهم أفراد جهاز الأمن الوطني خلال الفترة من 30 اكتوبر الماضي حتى الأول من نوفمبر الجاري، 2010، أو إطلاق سراحهم. وتعتقد “هيومان رايتس ووتش” ان الاعتقالات الجديدة تؤكد استمرار الحكومة السودانية في استخدام القوانين القمعية مستهدفة المدافعين عن حقوق الإنسان في دارفور والتعتيم على المعلومات حول الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان هناك.
وكانت سلطات الأمن قد اعتقلت عبد الرحمن محمد الــقاسم، وهو محام بارز في مجال حقوق الإنسان وعضو ناشط في “هيئة محاميي دارفور”، وسط الخرطوم. كما اعتقلت سلطات الأمن في مساء نفس اليوم ثمانية على الأقل من ناشطات وناشطي دارفور من أماكن أخرى في العاصمة، من بينها مكاتب “مجموعة حقوق الإنسان والمناصرة من أجل الديمقراطية” (هاند) HAND، واعتقلت عناصر الأمن في وقت لاحق ناشطة في “هاند” وأغلقت مكاتب المجموعة.
وقالت رونا بيليجال، مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إن الحكومة السودانية تستهدف فيما يبدو أعضاء هذه المجموعة بسبب نشاطها المهم الذي تقوم به في مجال العمل العام الخاص بدارفور، وليس بسبب ارتكابهم لأي جريمة. “ينبغي على الحكومة محاكمة هؤلاء الأفراد أو اطلاق سراحم.”
لم يُعرف بعد عدد المعتقلين على وجه التحديد، كما ان الحكومة السودانية لم تكشف عن اماكن احتجاز المعتقلين. إلا أن معلومات تلقّتها “هيومان رايتس ووتش” تفيد بأن جميع المعتقلين ناشطون من إقليم دارفور، وغالبيتهم أعضاء في مجموعة “حقوق الإنسان والمناصرة من أجل الديمقراطية”.
تجدر الإشارة إلى ان هذه المجموعة قدّمت تقارير مهمة لمنظمات دولية ودبلوماسيين حول الوضع في دارفور. وأبلغ اعضاؤها “هيومان رايتس ووتش” بأنهم ظلوا تحت رقابة مستمرّة من مسؤولي جهاز الأمن الوطني، كما أعربوا عن قلقهم إزاء حدوث اعتقالات جديدة. ففي أغسطس الماضي إجرى مسؤولو هذا الجهاز تحقيقات مع أعضاء في المجموعة حول نشاطها وطلبوا منهم وقف العمل الذي تقوم به.
وقالت رونا بيليجال ان هذه الاعتقالات جزء من نهج واسع يهدف لإخماد أي تعبير أو كشف عن انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في دارفور. وأضافت قائلة إن اشتباكات الحكومة السودانية مع المتمردين وهجماتها على المدنيين لا تزال مستمرة، في خرق للقوانين والأعراف الدولية، وقالت أن هؤلاء الناشطين من بين القلة الذين يتحدثون حول هذه الانتهاكات.
منذ صدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية، في 4 مارس 2009، بشأن اعتقال الرئيس عمر البشير، لم ترد سوى معلومات محدودة حول النزاع المستمر في دارفور. وكانت الحكومة قد أصدرت بعد صدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية قراراً بطرد 13 منظمة دولية من السودان وأغلقت مكاتب ثلاث مجموعات سودانية تعمل في مجال حقوق الإنسان. يُضاف إلى ذلك ان بعثة الإتحاد الافريقي والامم المتحدة المشتركة في دارفور لا تصدر أي بيانات رسمية حول أوضاع حقوق الإنسان في دارفور، كما ان مكتب الأمم المتحدة المسؤول عن تنسيق شؤون العمل الإنساني أوقف إصدار تقاريره الأسبوعية منذ من نوفمبر 2009.
وقالت مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش ان المعلومات الخاصة بما يحدث في دارفور باتت الآن أكثر اهمية في ظل تحوّل الاهتمام الدولي باتجاه الاستفتاء المرتقب حول تقرير مصير جنوب السودان. إذ من المقرر ان يجري هذا الاستفتاء في يناير المقبل، طبقاً لما جاء في “اتفاقية السلام الشامل”، عام 2005، التي وضعت نهاية للحرب الأهلية التي استمرت 22 عاما في السودان.
ظلت السلطات السودانية على مدى فترة طويلة تستغل صلاحيات وسلطات جهاز الأمن الوطني لاعتقال الناشطين السياسيين، الذين يتعرّضون في معظم الأحيان لسوء المعاملة والتعذيب خلال الاعتقال، وفقاً لحالات جرى توثيقها على مدى سنوات من قبل “هيومان رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” (أمنستي انترناشونال) وجماعات أخرى تعنى بحقوق الإنسان.
وتحث “هيومان رايتس ووتش” الحكومة السودانية على ضمان التسجيل الرسمي لحالات الإعتقال الأخيرة بحق ناشطي دارفور وتوفير كل حقوقهم المتعلّقة بالإجراءات القانونية، بما في ذلك كفالة حق اتصالهم بمحامين، وتوفير الرعاية الطبية لهم، خصوصا عبد الرحمن محمد الــــقاسم، الذي يتطلب وظعه الصحي رعاية طبية خاصة.
تقتضي المعايير الدولية توجيه تهم محدّدة للأشخاص فور اعتقالهم، ومنحهم حق الاستعانة بمحام وتوفير الرعاية الطبية لهم. إلا أن “قانون الأمن الوطني” يمنح مسؤولي الأمن السودانيين سلطات واسعة للاعتقال ويسمح لهم باحتجاز الأفراد لفترة تصل إلى اربعة أشهر ونصف دون اتخاذ أي إجراء قانوني تجاههم, وهذه إجراءات مخالفة للمعايير الدولية.