السودان: أطباء يضربون عن العمل للمطالبة بتحسين أجورهم.. والبشير يهدد بفصلهم
وزارة الصحة تتهمهم بالسعي لتحقيق أهداف سياسية
الخرطوم: إسماعيل آدم
دخلت مجموعات من الأطباء في السودان في إضراب عن العمل احتجاجا على ما سموه تنصل الحكومة من الاستجابة إلى مطالبهم بتحسين الأجور وبيئة العمل، وولد الإضراب جدلا عنيفا بين المسؤولين في الحكومة والأطباء المضربين عن العمل، حيث تقول وزارة الصحة إن الإضراب قامت به مجموعة من الأطباء، فيما قال مسؤول في لجنة الأطباء المضربين لـ«الشرق الأوسط»: «إن الإضراب شمل كل الأطباء بدرجاتهم المختلفة. ودخلت إحدى الطبيبات الإضراب بطريقتها الخاصة، حيث دخلت منزل الزعيم السوداني إسماعيل الأزهري في مدينة أم درمان، رافعة علم استقلاله من الاستعمار الإنجليزي، وأضربت عن الطعام. وتتهم الحكومة الإضراب بأنه سياسي وليس مطلبيا، غير أن الأطباء يقولون إن الاتهام الحكومي «فزاعة لا تعنيهم كثيرا وأنهم على مطالبهم وحقوقهم». وتأثرت المستشفيات جزئيا بالإضراب. وفي تصعيد مقابل، وجه الرئيس عمر البشير تحذيرا بفصل جميع الأطباء نواب الاختصاصيين المضربين عن العمل، ومنحهم جميع استحقاقاتهم، فيما تحدى الأطباء التوجيه. وقال مسؤول الإعلام عن لجنة الأطباء المضربين (واسمها لجنة أطباء السودان) لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتحدى التوجيه.. فليصدروا القرار بفصلنا لأننا أصحاب حقوق ليس أكثر من ذلك». وأضاف: «في النهاية لن يصح إلا الصحيح». ونقل مسؤولون أن وزارة الصحة أمهلت الأطباء المضربين عن العمل.
ويطالب الأطباء بسداد متأخرات رواتب وعلاوة باسم علاوة تدريب، وزيادة رواتبهم، وتحسين بيئة العمل في السكن ومكان العمل. ويقدر الأطباء متأخراتهم لدى الحكومة بأكثر من 20 مليون جنيه سوداني، وذكر مسؤول في وزارة الحصة لـ«الشرق الأوسط» أن الوزارة قسمت المتأخرات إلى أقساط، وسددت حتى الآن قسطين وبقي الثالث سيسدد في أبريل (نيسان) المقبل، وقال إن الإضراب سياسي والهدف منه تحقيق أهداف سياسية.
وقال الدكتور عبد العزيز علي نائب رئيس لجنة إضراب الأطباء، إن الإضراب سيستمر لمدة أسبوع. وأشار إلى أن أقسام الطوارئ والحوادث مستثناة من الإضراب، وهدد عبد العزيز، أنّه في حال تعرض أي طبيب مضرب للاعتداء، فإن الإضراب سيطال جميع هذه الأقسام. وقال مسؤول الإعلام في لجنة أطباء السودان لـ«الشرق الأوسط» إن الأطباء يتحدون توجيه البشير بفصل الأطباء المضربين عن العمل. وأضاف «نحن لدينا حقوق مسلوبة». واتهم جهات لم يسمها بأنها تقف حائلا بين الأطباء والرئيس عمر البشير، وقال إذا كانت المطالبة بالحقوق تفصل من العمل «فلينفذوا التوجيه فورا»، وقال: «نحن قدمنا للرئيس كمرشح هدية بأن يستجيب لمطالب الأطباء ولكن هناك من يحول بيننا وبينه بشأن مطالبنا».
وردا على سؤال حول الاتهام الموجه لهم بأن الإضراب سياسي وليس مطلبيا، قال: «قضيتنا تتعلق بلقمة العيش لا أكثر.. والحديث عن دخول السياسة في الإضراب هو فزاعة.. نحن نتعامل مع وزارة الصحة وليس أي حزب سياسي»، ومضى «لو قدموا لنا الوعد بحل المشكلة بجداول زمنية سنرفع الإضراب اليوم قبل الغد». وقال الدكتور عبد الله عبد الكريم مدير مستشفى الخرطوم أكبر مستشفيات العاصمة السودانية إن العمل يسير داخل الأقسام بالمستشفى بصورة طبيعية، واتهم بعض الأطباء المضربين بخلق عدم استقرار داخل المستشفى لوجودهم داخل العنابر وهم مضربون، وأكد عدم اطمئنانه لوجودهم. وقللت وزارة الصحة الاتحادية، من تأثير الإضراب الذي نفذته مجموعات من الأطباء على المرضى، وقطعت بعدم وجود أي مشاكل تعترض سير العمل في المؤسسات الصحية، وأكد وزير الدولة بوزارة الصحة، البروفسور حسن أبو عائشة، استمرار عمل لجنة تحسين الأجور الخاصة بإجراء دراسة فنية بواسطة مختصين من وزارة المالية وديوان شؤون الخدمة، وقال إن التحسين سيشمل كافة الأطباء وليس النواب فقط، لافتا إلى أن اللجنة سترفع تصورها بتعديل المرتبات إلى مجلس الوزراء، لكنه رأى أن المسألة تحتاج إلى مزيد من الوقت، وأشار إلى أن الأطباء تخوفوا من الانتخابات ومآلاتها باحتمال مجيء حكومة جديدة. وقالت وزيرة الصحة تابيتا بطرس، بعد جولة على الأوضاع الصحية بالمستشفيات إن الوزارة توفر أعدادا كبيرة من الكوادر الطبية لسد أي ثغرات محتملة، وأضافت أن المرضى يتلقون علاجهم من خلال المنافذ المعروفة. وأكدت التزام وزارتها بتوفير الرعاية اللازمة لكل ما يحتاجه المريض من خدمة علاجية بحسب ما هو مخطط وعدم وجود أي مشكلات تعترض سير العمل، ولفتت إلى استدعاء مجموعة من الأطباء متى ما طرأت الحاجة إليهم.
جريدة الشرق الاوسط