محمد عبد الله عبد الخالق
بسم الله الرحمن الرحيم
ذلك أن التاريخ يعيد نفسه يوماً ليشهد بالصدق ويوثق ويتحرى الحقيقة لرجال عظام ، إفتقدناهم فى خلال مسيرتنا الثورية ، إنهم دفعوا أرواحهم ثمناً لمبادى آمنوا بها ، فلهم المغفرة والرحمة ، فهم بذلك أكرم مِنا جميعاً .
من خلال مِسيرتى السياسية إلتقيتُ بكثيرين داخل السودان وخارجه ( منظمة التحرير الفلسطينية ، الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة فى إرتريا ، جيش الاُمة للتحرير فى إرتريا 95 – 2001م ، حركة وجيش تحرير السودان ، حركة العدل والمساواة السودانية ) أكن لهم التقدير والإحترام ، لكن إحترامى وتقديرى لخليل إبراهيم لم ولن ينقصه شىء مهما طال الزمن او قصر .
عقب توقيع منى أركو مناوى على إتفاق سلام دارفور بابوجا ( مايو 2005 م ) دخلت المُقاومة فى دارفور فى صراع مع نفسها ، فبعد ما توحدت فى جبهة الخلاص الوطنى ، سرعان ما تفرقت فى مارس 2007 م ولم تتوحد بالرغم من كل المجهودات التى بُذلت فى مُؤتمر أمرآى ( مايو 2007 ) ولا المُؤتمرات اللاحقة طرابلس ، أروشا ، جُوبا .
فى خلال هذه المرحلة الحرجة ، كنا نطرح عُدة أسئلة على أنفُسنا ،من هو الشخص المناسب الذى يمكن أن يوحد هذه الحركات التى أصبحت لا تُحصى ولا تُعد ؟ ما هى الحركة ؟
أصبحنا فى حِيرة من أمرنا ، حتى لحظة تعاملنا مع هذه القضية بتجردٍ تام ، فأجبنا على الأسئلة المطروحة فكان بذلك الفتح :-
1/ يجب أن تكون الحركة منظمة على المستويين السياسى والعسكرى .
2 / أن تكون قادرة بالإيفاء بإلتزاماتها تجاه منسوبيها ولها علاقات خارجية جيّدة .
3 / يجب أن يكون لها نظاماً أساسياً وقانوناً ينظم عمل القوات .
لم تنطبق هذه الإجابات فى تلك الفترة إلا على حركة العدل والمساواة السودانية ، فشهدت بذلك موجة من الإنضمامات فى أوائل العام 2009 م ، وإنى من الذين إلتحقوا بها فى هذه الفترة .
ذهبتُ إلى منطقة أُم جرس فى جمهورية تشاد ، التى يتواجد فيها د.خليل ، فإلتقيته ، ووجدته فى وسط جيشه قائداً مِقداماً تتوفر فيه كل صفات العمل الثورى ، على العكس ما كنا نسمع عنه ، حتى إنى سالت نفسى يوماً هل هذا هو د,خليل إبراهيم اُم شخصاً آخر ؟ نعم ، لأننا كنا نسمع من ألذين تخلوا عن الحركة .
يبدأ د. خليل يومه العملى من صلاة الصبح وينتهى بصلاة العِشاء ، بعدها يتفرغ للدُعاء حتى مُنتصف الليل لم ينم إلا ساعات قليلة ، لانه كان يتابع كل ما يهم العمل بجميع مستوياته ، السياسية والعسكرية والمدنية ، ويوصى بالقراءة من أجل التثقيف ، وله مكتبة مِيدانية ثرة .
وجدناه رجلاً ذو خُلق نبيل ، وعلى قدرٍ عالٍ من الإيمان والشجاعة والكرم ، فكان مدرسة ثوريةً حقيقية ، مؤمناً بمبادئه التى يقاتل من إجلها ، تاركاً الرفاهية واصبح ينام على الأرض ويشرب من الجركانة المُخيشة ، يسمع للصغير قبل الكبير ، وللمرؤس قبل الرئيس ، وكل أبناء السودان عنده سواء بمختلف تعددهم الإثنى والدينى ، يهتم ويشارك الأخوان المسيحيين من جيشه فى أعيادهم وإحتفالاتهم الخاصة بهم .
كان د. خليل مِثالاً يُحتذى به فى الأخلاق الرفيعة ، والرحمة ، فهو كثير الحديث عن المُهمشين ومُعاناتهم ووفياُ بالعهود ، ما ذهب مكاناً إلا وترك أثراُ حسناً ، سواءاً داخل السودان او خارجه .
كان يستغرب وبإستمرار للتعامل الحاد من حكومة المؤتمر الوطنى ، لاهل دارفور ، عقب تفجر الثورة فى دارفور فى أوائل العام 2003 م ، فيقول : لم يقدموا لاهل دارفور شيئاً باهراُ حتى يتم مُعاقبتهم ، بإعتبارهم ناكرين جميل ، فهذا إن دلّ إنما يدلُّ على مدى الحقد فى قلوب أهل المركز تجاه أهل الهامش السودانى .
كثيراً ما كنت أجلس معه ولساعات ، فينادينى : الرجل ألثائر : أحكى لى عن تجربتك والخبرات التى كسبتها فى حياتك الثورية ، فكثيراً ما كان يهتم بالثورات التى حاربت الأنظمة الشمولية وإنتصرت ، لكننا نشعر باللاسى والحزن عندما نتحدث عن تجربتنا مع الاحزاب السياسية ، فقال : كُلنا يا محمد عبد الله إنتمينا لاحزاب أو تنظيمات سياسية تنتمى للمركز ، ليس لها أى إهتمام بمشاكل الهامش السودانى ، فكل ما تريده مِننا اصواتنا الإنتخابية وفقط ، فخير دليل بانكم حاربتم مع الصادق المهدى فى جيش الامة للتحرير ، لكنه أضاع مجهودكم بتوقيع إتفاقية نداء الوطن التى لا تسمن ولا تغنى من جوع ، جعلكم تثورون من جديد ، هذا ينطبق علينا فى تجربتنا مع الحركة الاسلامية ، التى إنتمينا إليها بصدق وإخلاص ، وكنا والله نُدافع عن زملائنا فى غيابهم ، ونستنكر اى إتهام يمس شرفهم ، لكننا فى النهاية إكتشفنا عكس ذلك ، تبعنا التُرابى ، لكن وجدناه كوادى هور ، أى وادى فى الدنيا تتبعه ( يطلعك فو موية ) إلا وادى هور (يطلعك فى الصحراء ) فإنى أستغرب للذين ينسبوننا للترابى ، ناس إسكوت قريشن دايرننا ( نسب الدين وناكل فى رمضان حتى بعد ذلك يعطونا شهادة تحرر ) لماذا نتبع الناس ، هذه المرة يجب عليهم ان يتبعوننا .
إستغرب وفد الصحفيون من القناة الرابعة الفرنسية (نت ) الذين أحضرهم الرفيق على الوافى بشار فى منطقة وادى هور ، لإجراء حوار مع د. خليل ، فقالوا : لم نرى أى أثر لحركة إسلامية كما يصفها الاخرون ، لاننا نعرف جيّداً كيف تُربى الحركة الإسلامية منسوبيها .
محمد عبد الله عبد الخالق
[email protected]
Tel : +201015466166