الرئيس الأوغندي يؤكد وجود زعيم «جيش الرب» في دارفور.. ويتهم الخرطوم بدعمه
الخرطوم تنفي وتعتبر الاتهامات استهدافا لعملية السلام السودانية
لندن: مصطفى سري
قال الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني إن زعيم المتمردين ضد حكومته جوزيف كوني هرب إلى إقليم دارفور غربي السودان المضطرب أصلا، من حرب أهلية دائرة منذ سبع سنوات، ولم يستبعد أن تقدم له الخرطوم دعما كما ظلت تقدم له في السابق خلال الحرب الأهلية بين شمال البلاد وجنوبها، التي انتهت باتفاقية السلام الشامل عام 2005 في نيروبي (كينيا)، غير أن الخرطوم نفت دخول كوني إلى دارفور، واعتبرت تصريحات موسيفيني محاولة تستهدف عملية السلام في السودان.
وقال موسيفيني للصحافيين في كمبالا إن كوني الذي يتزعم جماعة «جيش الرب» للمقاومة، اختفى عن الأنظار، وأضاف أن قوات بلاده طاردت متمردي «جيش الرب» داخل أفريقيا الوسطى المجاورة للسودان، التي سمحت للجيش الأوغندي بالقيام بعمليات هناك، وأضاف أن جيش بلاده استطاع قتل كثير من المتمردين والآخرين هربوا في مجموعات إلى داخل دارفور في السودان وإن الجيش الأوغندي أشار إلى أن المجموعة التي كان معها كوني تسللت إلى دارفور، وتابع: «علمت من قيادة جيشنا أن مجموعة صغيرة ومعهم جوزيف كوني دخلوا إلى دارفور في السودان عندما كانوا يطاردونهم»، وقال: «إذا استطاعت قواتنا القبض على كوني سنعدمه ولن نسلمه إلى المحكمة الجنائية الدولية لأنه سيقيم في فنادق لاهاي، لكننا سنعدمه»، وتطالب المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي في هولندا بالقبض عليه لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مشيرا إلى أن وجود كوني في دارفور لن يخلق مشكلة بين كمبالا والخرطوم، لكنه قال: «لقد كان في السابق في السودان الذي ظل يدعمه ضدنا، ولا نستبعد أن تقدم له ذلك الآن خلال الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب».
وكانت جماعة مناهضة لعمليات الإبادة الجماعية قد قالت في تقرير إن متمردي أوغندا المعروفين بتشويه ضحاياهم وخطف الأطفال وجدوا ملاذا آمنا في منطقة دارفور بغرب السودان وهو ما نفته الخرطوم واعتبرته كذبة، في وقت حذر فيه قيادي معارض من استدعاء الخارجية السودانية لممثل البعثة أول من أمس تمهيدا لطردها، مناشدا المجتمع الدولي التدخل بالضغط على الحكومة لوقف تصعيدها العسكري، بينما دعا خبير عسكري سوداني الحكومة إلى طرد بعثة حفظ السلام الدولية المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي العاملة في دارفور (يوناميد) لوقوعها في كمين للمتمردين من دون مقاومة.
وأفاد تقرير جماعة «اناف بروجكت» ومقرها واشنطن بأن فرقة من منظمة «جيش الرب» للمقاومة «لجأت إلى مناطق في جنوب دارفور بالسودان تسيطر عليها حكومة السودان». وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة مسبقة من التقرير، الذي قال إن هناك احتمالا لعودة التعاون بين زعيم «جيش الرب» للمقاومة الأوغندي والرئيس السوداني عمر البشير، داعيا صناع السياسة الدوليين إلى التحقيق الفوري والعاجل، مشيرا إلى أن البشير وكوني مطلوبان للمحكمة الجنائية الدولية لاتهام الأول بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، والثاني بالجرائم ذاتها في شمال أوغندا. وقال جون برندرغاست المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية وهو مؤسس «اناف بروجكت» (مشروع كفاية) إن الدور الرئيسي الذي لعبه النظام في الخرطوم في الحرب خلال فترة حكمه التي استمرت 21 عاما كان هو دعم الميليشيات المغيرة مثل الجنجويد والمرحلين من القبائل العربية التي تحازي جنوب السودان و«جيش الرب» للمقاومة الأوغندي وأضاف: «ولأنه لا يواجه تبعات لهذه الطريقة المدمرة في الحكم، فإن توفير هذا النظام لملاذ آمن لجيش الرب للمقاومة مرة أخرى أمر لا يثير الدهشة».
من جهته، قال سفير السودان لدى الأمم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم لـ«الشرق الأوسط» إن الأنباء التي تتردد عن دخول كوني إلى دارفور كاذبة ولا أساس لها من الصحة، مشيرا إلى أن السودان يمضي في تحقيق السلام ومقبل على إجراء انتخابات الشهر المقبل. وقال إن مؤسس جماعة «كفاية» جون برندرغاست هو الذي روج لتلك الأنباء، وتابع: «هو يبحث عن وظيفة في حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما بخلق تلك الأكاذيب»، وقال: «برندرغاست الذي يقول عن نفسه إنه خبير في شؤون السودان يحاول هو وجماعة (اناف بروجكت) استغلال ما تبقى من وقت لنشر مزاعمهم قبل أن يصل قطار السلام إلى نهاياته». وأضاف أن حكومته تجري الآن مفاوضات في الدوحة مع الحركات المتمردة في دارفور وتستعد لإجراء الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب العام المقبل، وتابع: «لا يستقيم عقلا أن نعمل في اتجاه السلام والاستقرار بشهادة المجتمع الدولي نفسه في مجلس الأمن، ثم نقوم بدعم جماعة (جيش الرب). هذا كذب وافتراء».