الخرطوم – النور أحمد النور
قال زعيم تحالف المعارضة السودانية فاروق أبو عيسى عقب الإفراج عنه أمس بعد يومين من اعتقاله، إن الحكومة تخشى من تزايد الاستياء الشعبي في البلد الذي يعاني أزمة، فيما كشفت الخرطوم إحباط محاولة انقلابية سابقة للمحاولة الأخيرة التي قادها مدير جهاز الأمن السابق صلاح عبدالله (قوش) لإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، موضحاً أن الانقلابيين استعانوا بعرّافين.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن أبو عيسى، الذي يمثل أكثر من 20 حزباً معارضاً، أن جهاز الاستخبارات والأمن الوطني أفرج عنه أول من أمس (السبت). وأضاف «أنهم خائفون لأن البلاد تعاني أزمة حقيقية. إنهم خائفون من أنني زعيم المعارضة، وهم خائفون من أن تتحرك المعارضة».
وتابع أنه تم اعتقاله بعد أن ألقى خطاباً «نارياً» ينتقد فيه الحكومة في شأن مقتل أربعة طلاب سودانيين دارفوريين.
وأدى مقتل الطلاب الأربعة أثناء قمع السلطات احتجاجاً طالبياً بسبب الرسوم الجامعية في جامعة الجزيرة جنوب الخرطوم الأسبوع الماضي، إلى موجة من الاحتجاجات المستلهمة من الربيع العربي تعد الأكبر منذ الاحتجاجات المناهضة للنظام في شهري حزيران (يونيو) وتموز (يوليو).
وألقى أبو عيسى باللوم في مقتل الطلاب الأربعة على الميليشيات الإسلامية. وقال «أنا أتهمهم بقتل هؤلاء الأولاد».
وقال إن جهاز الأمن لم يوجه إليه أية اتهامات ولم يجرِ معه أي تحقيق رسمي، وإنه تم احتجازه ثم الإفراج عنه ثلاث مرات ما بين يومي الخميس والسبت.
وأردف أنهم كانوا في كل مرة يتركونه جالساً على كرسي من 7 إلى 10 ساعات «من دون أن يتحدث معه أو يحقق معه أحد».
ويقول أبو عيسى إن تحالفه المعارض الذي يشمل جميع الأحزاب الكبرى باستثناء حزب المؤتمر الوطني الحاكم، يفضل التغيير السلمي من خلال الإضرابات والتظاهرات.
إلى ذلك، ذكر مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع في حديث للتلفزيون السوداني أن معظم الضباط المتهمين في المحاولة الانقلابية التي تكتّمت عليها السلطات هم أيضاً من المشاركين في المحاولة الانقلابية الأخيرة، مشيراً إلى أن المحاولة الأولى لم تصل إلى مرحلة التنفيذ، وانكشف أمر المتورطين بعد اتصالهم بقيادات في الشرطة.
وذكر أن الحكومة قررت وقتها الاكتفاء بتقديم النصح للمشاركين فيها، مؤكداً أنها «حسمت على رأس التحرك»، كما أن جزءاً من الأسماء لم يتم التأكد من مشاركته «ولم نرد التحقيق معه لمجرد شبهات».
وأكد نافع وجود اعترافات للكثير من الضالعين في المحاولة الانقلابية الأخيرة، وأن التحريات لا تزال تجرى.
وكشف عن وجود اتصال بين الانقلابيين وأحزاب سودانية وقال: «هل من المنطقي أن يقول زعيم حزب الأمة الصادق المهدي ما دار بينه وبين صلاح في الماضي من دون أن يعنيه».
ونفى نافع وجود كثير من المجاهدين رهن الاعتقال على خلفية المحاولة الانقلابية، لكنه أشار إلى وجود دوافع كثيرة للإصلاح والتغيير من الداخل، وكشف عن لقاءات أجراها مع مجموعة من المجاهدين السابقين من متطوعي قوات الدفاع الشعبي الذين يقاتلون مع الجيش ولقاءات أخرى مرتقبة مع مجموعات أخرى، مؤكداً وجود تفاعل وحراك لتجاوز المسألة عبر الحوار.
وحول ما أثير عن استعانة منفذي انقلاب قوش بعرَّاف، قال مساعد الرئيس السوداني إن الانقلابيين استعانوا بعرافين «اثنين وليس واحداً»، مضيفاً أن بعض المتعاطفين معهم صدموا عندما علموا أن قادة العملية على علاقة بدجالين ومشعوذين.
وعاب نافع الانتقادات التي وجهها القيادي الإسلامي ومستشار الرئيس السابق غازي صلاح الدين العتباني لمؤتمر الحركة الإسلامية الأخير، مستبعداً انشقاق قيادات إسلامية، وقال إنه في حال انشقاقهم فلن يذهب معهم أحد.
وبعدما ذكر أن الأطباء نصحوا الرئيس عمر البشير بوقف خطاباته الجماهيرية لفترة أعلن أنه سيخاطب السودانيين بذكرى مرور 56 عاماً على استقلال البلاد في أول كانون الثاني (يناير) المقبل.
ورأى أنه لا يوجد أي مبرر للخروج عن مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير، واعتبر ذلك خروجاً عن الإجماع الذي شهده المؤتمر، «لأنهم جميعاً شاركوا في النقاش الذي جرى بشفافية»، نافياً وجود أية بوادر انشقاق داخل الحركة الإسلامية، إلا أنه عاد مستدركاً بالقول «أما إذا ضاقت ببعضهم الآفاق وأرادوا الخروج فلن يخرج معهم إلا شخص أو شخصان».
كما نفى وجود «تململ» في أوساط الحزب الحاكم، متهماً المعارضة بتضخيم الأمر لتهيئة المناخ لشل حركة الدولة بعد أن فشلت ويئست من تغيير النظام عبر الكثير من السيناريوات السلمية أو التنسيق مع المتمردين.
بيد أن نافع أقر بوجود «تفلت» كثير ونشر غسيل من قبل بعض القيادات في الحزب الحاكم والحكومة، ودعا القيادات في الحزب والحكومة إلى ترك الحديث عن القضايا للجهات المختصة، مؤكداً أن حزبه سيتخذ من الإجراءات ما يكفي لضبط تصريحات المسؤولين.
إلى ذلك انطلقت في العاصمة الإثيوبية بأديس أبابا أمس الاجتماعات المباشرة للجنة السياسية العسكرية المشتركة بين دولتي السودان وجنوب السودان بعد فشل الاجتماعات السابقة التي عقدت في الخرطوم وجوبا لاشتراط الخرطوم فك ارتباط جيش الجنوب مع متمردي «الحركة الشعبية – الشمال» قبل تدفق نفط الجنوب عبر أراضيها، في حضور الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي.
وستناقش المحادثات التي يرأسها وزيرا دفاع البلدين عبدالرحيم محمد حسين وجنون كونغ الانسحاب الجيش الجنوبي من أربع نقاط حدودية متنازع عليها ووقف الدعم والإيواء الذي ما زالت تقدمه دولة جنوب السودان للمجموعات المتمردة في السودان، وإنشاء منطقة عازلة في حدود الدولتين وفتح عشرة معابر لمرور السلع والمواطنين.
وعقد ثابو مبيكي اجتماعات منفصلة مع وزيري الدفاع في السودان وجنوب السودان لتقريب مواقفهما في شأن ترتيب أجندة التفاوض لتنفيذ الاتفاق الأمني، وأكدت مصادر مطلعة أن كل طرف تمسك بمواقفه السابقة، إذ أصرت الخرطوم على وضع قضية فك ارتباط جيش الجنوب مع متمردي الشمال على رأس الأجندة، بينما رفضت جوبا الخطوة تماماً، وذكرت أن مبيكي بصدد إيجاد مخرج من أزمة الأجندة عبر عرض اقتراح على الحكومة السودانية بالبدء في التفاوض مع متمردي الشمال وفقا ًلمبادئ محددة.
كما وصل رئيس وأمين عام متمردي «الحركة الشعبية – الشمال» مالك عقار وياسر عرمان إلى أديس أبابا للمشاركة في المشاورات مع الوساطة الأفريقية في شأن استئناف المحادثات مع الحكومة، وإيجاد حل سلمي للصراع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ويسعى الوسيط الأفريقي لمعاودة التفاوض بين الجانبين لا سيما أن قضية نجاح أية مفاوضات أمنية بين الخرطوم وجوبا مرتبطة بمتمردي الشمال.
من جهة أخرى بعثت الخرطوم قيادات عسكرية وسياسية إلى ولاية شرق دارفور أمس لتهدئة الأوضاع بعد تهديد مواطني منطقة سماحة بإعلان الحرب في مواجهة الخروقات التي يرتكبها الجيش الجنوبي في منطقة الرقيبات.
وقالت حكومة ولاية شرق دارفور إن حكومة جنوب السودان تعمل لحرمان الرعاة وأكثر من خمسة ملايين من الثروة الحيوانية من التحرك في منطقة الرقيبات الواقعة شمال بحر العرب التي ينتظر أن ينسحب منها الجيش الجنوبي وفق الاتفاق الأمني بين دولتي السودان.
وقال مستشار حاكم ولاية شرق دارفور حسن محمود إن القوات الجنوبية هاجمت منطقة الرقيبات متهماً الجيش الجنوبي بمحاولة حرمان الرعاة الرُّحَّل من الوصول إلى منطقة الرقيبات.