قررت الحكومة السودانية استثناء المصريين العاملين بالسودان من شرط «الإقامة وإذن العمل»، عند تحويل مرتباتهم واستحقاقاتهم الشهرية كاملة إلى مصر، وأبقت فقط شرط إبراز من يرغب في التحويل عقد العمل الذي يوضح حجم الأجر الشهري المراد تحويله، فيما سمحت للأجانب الآخرين بتحويل مبلغ 300 يورو شهريا، من دون إبراز أية مستندات. ولم يوضح البنك المركزي، الذي أصدر تلك الإجراءات الجديدة حول تحويلات العمالة الأجنبية في السودان الأسباب، ولكن مصادر مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط إن «الإجراءات جاءت بعد شكاوى وصلت للجهات المعنية من العمالة المصرية في السودان بأنها تواجه صعوبات في تحويل أموالها الشهرية إلى مصر بعد أن قيد السودان من حرية التعامل في العملات الحرة منذ نهاية العام الماضي». وكشفت المصادر أن حجم العمالة المصرية في السودان بلغ نحو 450 ألف شخص في شتى المجالات من استثمارات مصرية إلى المهن الأخرى مثل تجارة التجزئة وأعمال البناء والتشييد، والمطاعم الشعبية. ويلاحظ وجود العشرات من الباعة المتجولين المصريين في الأحياء الشعبية في العاصمة السودانية، بعضهم يتجول راجلا، والبعض الآخر يقوم باستئجار سيارات نصف نقل المعروفة في السودان بـ«البوكس»، أو سيارات حافلات ميني تعرف محليا بـ«أمجاد» يحملونها البضائع ويتجولون في طرقات الأحياء الشعبية لبيعها للسكان، وهي في الغالب بضائع مصرية الصنع. وسمح البنك المركزي للمصارف والصرافات بتحويل استحقاقات المصريين بمجرد إبراز عقد عمل وجواز سفر ساري المفعول، على أن يتم التحويل في حدود المرتب الشهري أو الاستحقاقات الأخرى الواردة بالعقد، وحسب منشور البنك المركزي يسمح للعمال الأجانب من الدول الأخرى بالتحويل في حدود مبلغ 300 يورو أو ما يعادلها من دون مطالبتهم بمستندات، شريطة التأكد من المبلغ المراد تحويله من الشخص أو الجهة المستخدمة للعامل المعني.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت يلاحظ فيه وجود فجوة بين سعر الدولار عبر الصرافات ونوافذ البنوك، وسعره في السوق «السوداء»، فبلغ عبر النوافذ (251 جنيها للدولار)، فيما بلغ سعره في السوق السوداء «275»، في وقت أشار فيه آخر تقرير رسمي إلى ارتفاع في معدل التضخم للنصف الأول من ميزانية هذا العام بالولايات الشمالية، حيث وصل إلى 10.1% مقارنة بـ8% لعام 8002، وسجل معدل التضخم لشهر يونيو (حزيران) 2009 ارتفاعا بلغ 9.9%، وعزا التقرير الشهري للجهاز المركزي للإحصاء حول التضخم، الارتفاع إلى بعض السلع المهمة لدى المستهلك. في غضون ذلك، تتفاعل ردود أفعال الاقتصاديين السودانيين حيال تقرير أصدره صندوق النقد الدولي، مؤخرا، بطلب من الحكومة السودانية، كشف فيه أن السودان يواجه هبوطا حادا في احتياطيات النقد الأجنبي من ملياري دولار في منتصف العام الماضي، إلى 300 مليون دولار في مارس (آذار) من العام الحالي. وقال التقرير إن هذا المبلغ لا يغطي سوى واردات البلاد لمدة أسبوعين، وعزا الصندوق هذا الانخفاض الحاد في الاحتياطي إلى انخفاض أسعار النفط، وهو سلعة الصادرات الرئيسية، إلى جانب التدخل القوي من الحكومة للمحافظة على النقد الأجنبي.
وفي تعليقه على التقرير، قال وزير المالية السابق عبد الرحيم حمدي إن توصيات صندوق النقد لا تساعد في تغطية احتياجات السودان للعام الحالي، وأضاف أن التوصيات المذكورة جاءت عكس ما هو مطلوب في الظروف الراهنة من تحسين للقطاع الاقتصادي داخليا ومساعدته في جذب الاستثمارات الخارجية. واقترح الصندوق إبطاء إجمالي الناتج المحلي إلى 4% مقارنة بـ11.3% عام 2006 و10% عام 2007 و6.8 عام 2008.
الشرق الأوسط