الخرطوم تتمسك بالوحدة «ولو اقتضت مخاشنة» ومفوضية الاستفتاء تعتبر إجراءه في موعده «معجزة»
الخرطوم – النور أحمد النور
أكد مساعد الرئيس السوداني نائب رئيس «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم نافع علي نافع أن حكومته «لن تألو جهداً في دعم الوحدة بين الشمال والجنوب، وستعمل على إزالة كل الحواجز، حتى لو اقتضى ذلك نوعاً من المخاشنة لتحقيق الوحدة»، فيما رأى رئيس مفوضية الاستفتاء محمد إبراهيم خليل أن إجراء الاستحقاق في موعده مطلع العام المقبل سيكون «معجزة».
ودعا نافع وهو يبكي لدى مخاطبته مؤتمراً نسائياً في الخرطوم أمس، «من يعتقدون أن انفصال الجنوب خير إلى أن يراجعوا حساباتهم»، موضحاً أن الدعوة إلى الانفصال «لا ينبغي أن تؤسس على الخلاف الحزبي والشخصي». وأوضح أن السبب الرئيس للموافقة على منح حق تقرير المصير للجنوبيين في اتفاق السلام الشامل «هو القناعة الكاملة بأنه إذا أتيحت حرية كاملة للجنوبيين في التصويت ستكون النتيجة الوحدة».
إلى ذلك، قال رئيس مفوضية استفتاء الجنوب محمد إبراهيم خليل إن الاستفتاء يواجه عقبات متزايدة، وأن إنجازه خلال الفترة القصيرة المتبقية حتى موعده المقرر في 9 كانون الثاني (يناير) المقبل، سيكون «معجزة كاملة». وأضاف خليل في تصريحات صحافية عقب محادثات مع رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت أن «من العبث أن نقول للشعب السوداني إن العملية سهلة وسنقوم بإنجازها».
وأشار إلى أن «أكثر ما نواجهه هو ضيق الوقت، وسيكون معجزة كاملة إجراء الاستفتاء خلال الفترة القصيرة المتبقية، لكنني ما زلت أؤمن بأن المعجزة يمكن أن تتحقق». وأقر بأن الجداول الزمنية التي أعلنتها مفوضية الاستفتاء لمراحل العملية تمثل خرقاً لقانون الاستفتاء الذي ينص على إكمال سجلات الناخبين قبل ثلاثة أشهر من عملية الاقتراع، فيما «ستكون هناك خمسة أيام فقط بين نشر السجل النهائي وبداية الاقتراع، وهذا تجاوز للقانون».
وأوضح أن «المفوضية قدمت مذكرة إلى مؤسسة الرئاسة شكت فيها ضيق الوقت المتبقي لإجراء عملية الاستفتاء… وسننتظر ما تقره مؤسسة الرئاسة». وقال إن اللجنة تلقت أموالاً من الحكومة المركزية في الخرطوم ومن حكومة الجنوب التي تتمتع بما يشبه الحكم الذاتي، إلا أنه لم يصلها أي شيء من المانحين الدوليين.
وأكد خليل أن التأخير لن يؤدي إلى تغيير في موعد الاستفتاء وسيتم إعلان اللائحة النهائية للناخبين في الرابع من كانون الثاني (يناير)، أي قبل خمسة أيام من الاقتراع الذي قد يقود إلى تقسيم أكبر بلد أفريقي. ومن المقرر أن تبدأ عملية تسجيل الناخبين للاستفتاء في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل على أن تستمر لمدة ثلاثة أسابيع، لتنتهي في الرابع من كانون الأول (ديسمبر) المقبل وتبدأ حملة الاستفتاء بعدها بثلاثة أيام.
وفي سياق متصل، أقر مجلس الدفاع المشترك المكون من الجيش السوداني و «الجيش الشعبي» الجنوبي، بعدما ناقش تطورات الأوضاع بين الشمال والجنوب والاتهامات المتبادلة بين الجيشين عن وجود حشود عسكرية على الحدود، تشكيل لجنة تضم ستة أفراد من كل طرف للتحقيق في الاتهامات المتبادلة بتحريك حشود عسكرية تجاوزاً لحدود عام 1956. وقال الناطق باسم المجلس الفريق ملاك ألير في مؤتمر صحافي إن «الاجتماع قرر إرسال لجنة للوقوف على الأوضاع ميدانياً ومراجعة وضع قوات الطرفين ومدى التزامهما بما جاء في اتفاق السلام».
وكان ممثلو الطرفين في المجلس وقعوا على وثيقة مشتركة للبحث في الترتيبات الأمنية المشتركة إلى جانب ترتيبات ما بعد الاستفتاء. وتضمنت الوثيقة إعادة بناء القوات المسلحة القومية بعد الاستفتاء في حال اختار الجنوبيون الوحدة. وقال ممثل «الحركة الشعبية» في المجلس دانيال كودي إن الطرفين استطاعا تجاوز كل الخلافات السابقة. أما ممثل «حزب المؤتمر الوطني» علي حامد، فأكد أن «الوثيقة تتضمن بناء القوات المسلحة القومية وفق أسس علمية عالمية متفق عليها».
في غضون ذلك، أطلقت مجموعة من منظمات المجتمع المدني وعدد من الناشطين والأكاديميين والمثقفين والفنانين مبادرة «لتثبيت الحق في المواطنة والوحدة الشعبية». وطالبت المجموعة الحكومة المركزية وحكومة الجنوب بإقرار الحق في الجنسية المزدوجة للمواطنين الجنوبيين المقيمين في شمال السودان والشماليين المقيمين في الجنوب والقبائل الرعوية في مناطق التمازج.
ودعا الناشطون في مؤتمر صحافي إلى «كفالة حقوق الإقامة والتنقل والعمل والتملك للمواطنين السودانيين كافة»، مشددين على أن يكون هذا الحق قبل إجراء الاستفتاء. وناشدوا شريكي الحكم «ضبط تصريحاتهما بما يطمئن المواطن الجنوبي في الشمال والشمالي في الجنوب على سلامته ونفسه وممتلكاته»، محذرين من «إطلاق الإشاعات التي تثير الفتن والهلع».