الثورة السودانية في ميزان بقلم – بحرالدين ادام كرامة

العالم كله ينظر الى السودان ، رجل افريقيا المريض بعين الاستغراب ، هل اصابه الهوان ام الجمته الاقدار ؟ هل شاخ هذا الرجل الذي عرف بشجاعته وبسالته ؟ هل كبل بقيود لا يستطيع الانفكاك منه ؟ احسب ان هذا الاسمر لديه سر لا يعرفه الا الراسخون في العلم . يقول لي البعض: “أن الثورة في خطر” وهذا طبيعي لان الثورة واي ثورة في العالم لم يكن اي من مخططيها او منفذيها يملك السر الحتمي بنجاحها وتحقيق اهدافها ، هل كان لينين واثق من نجاح الثورة الروسية ، والثورة الالمانية  وبعد اعدام معظم قياداتها وحسب الكثيرين بانها اغمدت الا انها نجحت بإجبار القيصر بالتنازل والركوع لحقوق الشعب وارادتهم  .
من خلال القراءة التاريخية و الاجتماعية للثورات في التاريخ البشري هناك قواسم مشتركة بين جميع الشعوب الثائرة في تكامل الظروف الموضوعية و الذاتية لقيام الثورات و لكن ذلك لا يعني بالضرورة نجاح هذه الثورات بمجرد قيامها, فهناك عناصر و عوامل للنجاح أو الفشل. لنبدأ بالظروف الموضوعية لقيام الثورة :- 
وجود أسباب حقيقية و عوامل ضرر عند كل أو أغلب شرائح المجتمع و هذا الضرر إما سياسي بسبب منع أو تقييد الحريات السياسية و إما اقتصادي     بسبب انتشار الفقر و البطالة و إما معاً كما هي حال الوضع السوداني. – انسداد الأفق أمام حدوث إصلاحات جذرية أو غير جذرية في التركيب السياسي أو الاقتصادي للمجتمع.  – ازدياد الفروق الطبقية و تسلط السياسيين على الاقتصاد. اما العوامل الذاتية لقيام الثورة:
– إيمان شرائح المجتمع بحقوقهم و بضرورة استرجاعها مهما كانت التضحيات و التكاليف.  – وجود أشخاص و قيادات تنسق بين تللك الشرائح المتضررة من الوضع و محاولة توحيدها و توحيد مطالبها. – وجود تصور شبه واقعي لسيناروهات مسيرة الثورة منذ انطلاق شرارتها و حتى نهايتها.
ومن اهم عناصر نجاح الثورة, و قد تكون هذه العناصر مجتمعة بمجملها أو بأكثريتها وهي تحديد الدوافع الخاصة بهذه الثورة و الأهداف و الالتزامات و نقاط القوة و الموارد و نقاط الضعف.
دراسة طبيعة النظام أو السلطة الحاكمة وتحديد مفاصلها الأساسية و نقاط القوة و الضعف فيها.
التصميم و الصبر و الثبات على المبادئ و عدم الانسحاب في حال تعرض بعض القيادات للتصفية.
وجود أو تشكل قيادة موحدة للثورة مؤمنة بها و بأهدافها و مستعدة للتضحية و التفاني من أجلها, قادرة على وضع استراتيجية للوصول إلى تلك الأهداف و تقدير الكلف بالإضافة للتعامل اليومي التكتيكي مع الأحداث المترافقة وتتمتع هذه القيادة بالتواضع و يجب ألا يتم تعريف أفرادهاعلى أنهم “زعماء” أو “قادة” ولكن كأفراد يتم اختيارهم بما يعكس الآراء وضرورة الايمان و العمل بمفهوم العمل الجماعي وتفهم أن واحدة من أهم جوانب الثورة هو أن الناس غاضبون ومع ذلك، يتعين لهذاالغضب أن يكون من القناعات الحقيقية و المعاناة اليومية، وغضبهم يجب أن يكون أيضا ضمن الانضباط و الشكل الايجابي لقضيتهم  ويجب أن تكون الأهداف واضحة و تتمتع بالشعبية الكبيرة من السكان و تهدف إلى تحسين جوانب معينة من المجتمع السياسية و الاقتصادية و الثقافية ولابد من وجود خطط بديلة للمناورة في حال عدم نجاح بعض الخطط الرئيسية  ووجود تصور شبه كامل أو سيناريو للعمل بعد نجاح الثورة مع خطط بديلة في حال انتكاس الثورة. وتوفير نوع من التمويل لدعم جزء من متطلبات الثوار المادية. والابتعاد تماماً عن محاولة الحصول على دعم خارجي بأي شكل من الأشكال. والتعلم من كل الثورات الناجحة و الفاشلة عبر التاريخ البشري.وكذلك الحرص على مبدأ العدالة بين الشباب الثائر في توزيع الأدوار، والاستعانة بالوسائل الاعلامية و التقنية لنشر تحركات الثوار لكسب مؤيدين لها و حشد دعم بشري كبير و مؤثر. ستنجح الثورة إذا كانت إنسانية قبل أن تكون تحت مبررات عرقية أو دينية أو طائفية أو مناطقية.
وفي إسقاط مباشر على الثورة السودانية, يمكننا أن نعترف بعدة نقاط متوفرة و أخرى غير متوفرة حتى الآن في الظروف الموضوعية و الذاتية للثورة السودانية, مازلنا نفتقد للقيادة الثورية و مازال التخبط و الضياع و المصالح الشخصية عنواناً سيئاًلاستغلال الثورة.، والمحاولات التي تقوم على الأرض تقابل من قبل النظام بالعنف و البطش ، لذلك فان الثورة تحتاج الى رجال بخبرات معارضيين وطنيين لا مطامح شخصية لهم في السلطة و الثروة.. حتى هذه اللحظة لا يوجد تصور أو سيناريو لمسيرة الثورة. الثورة مازالت تسير بقدراتها الذاتية و بدفع من بعض القوى المؤمنة بحقوق الشعب وتغيير النظام الفاسد لكن اغلب الظروف التي تؤدي الى نجاح الثورة متوفرة في الثورة السودانية – إن أهداف الثورة السودانية كانت واضحة منذ البداية و هي الحرية و الكرامة و بناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية و لكن عاملين أساسيين جعلا من هذه الأهداف صعبة بعض الشيء رغم تمسك أغلب الحراك السلمي بها, و تحديد هدف إسقاط النظام كهدف نهائي العامل الأول مدى العنف و الدموية اللذان تعامل بهما النظام مع الحراك السلمي و تقصده السافر في تحويل هذه الثورة إلى صراع أهلي و الدفع إلى تسليح مليشياته للدفاع عنه و العامل الثاني الأهداف المركبة التي طغت بها و سوقتها بعض قوى المعارضة على الجو العام و تتمثل في استغلال الوضع لمصالح تنظيماتهم وما الشعب الثائر الا وسيلة لبلوغ مراميهم وجسرا لايصالهم الى السلطة إضافة إلى أنه و حتى هذه اللحظة لم تقم جهة معارضة بدراسة نقاط قوة و نقاط ضعف الثورة للبناء و الترميم الضروريين لاستمرارها, 
ولكي تنجح الثورة السودانية لابد من الاتي :-   توفيردراسات علمية موثوقة لطبيعة هذا النظام على مبدأ: “أعرف عدوك”؟, و ما هي نقاط قوته و نقاط ضعفه ؟ و كيف هي الامكانيات لفك مفاصله بحيث تحدث ضرراً بنيوياً به , غير كبير على كيان الدولة و المؤسسات التي سيتم التعامل معها بعد سقوطه؟ – في موضوع القيادة, نكرر ضرورة وجود قيادة سياسية للصراع واعية و وطنية و مرنة تحمل روح الشباب و طاقتهم الكبيرة كما تحمل البعد الفكري العلمي و العملي و الاستراتيجي و خبرات المعارضيين المناضلين –  يجب استعادة و دعم استمرارية الحراك السلمي على الأرض مترافقاً مع العمل العسكري الذي فرض في بعض المناطق و تأكيد أهداف الثورة الأساسية في الشعارات و الهتافات و متابعة محاولات قيام إضراربات من جديد و التخطيط الجيد لحالة العصيان المدني في المناطق البعيدة نسبياً عن الاقتتال, كمناطق الجزيرة ونهر النيل والنيل الابيض والعاصمة. – إن نقل الأحداث في هذا العالم المنفتح إعلامياً بحرفية و ذكاء له الأثر الكبير في مسيرة الثورة و السودانيون يمتلكون كل الامكانيات و الكوادر لهذا العمل الضخم و الاساسي. عند تحقيق ذلك, سيكون هناك منبر للثورة موجه و محرض داخلي و دعائي و تسويقي لأفكار الثورة الحضارية الانسانية على الصعيد الدولي. – الثورة السودانية تمتلك أغلب مقومات النجاح و النصر و قد حققت الكثير من الانجازات و لكن حتمية الانتصار تكون بالبعد الانساني الحضاري لثورة شعبية ضد نظام دموي همجي أصبح خارج الطبيعة البشرية و خارج المفاهيم الحديثة للحكم و السلطة. ان وحده الخطاب الوطني في أي زمان و مكان هو الضامن لاستمرار الثورة و انتصارها
الثورة السودانية قامت ولن تتراجع وكل أو جل أسباب النجاح متوفرة وصوت الشعب الذي بدأ المعركة سيطويها في اخلص نواياه حينها سيعلم الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون ولا نامت أعين القتلة المجرمين ناهبي الوطن وحقوق المواطنين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *