البشير يتعهد العمل على إعادة الوحدة … والجنوبيون يدرسون اسم دولتهم الجديدة
الخرطوم – النور أحمد النور
أقر الرئيس السوداني عمر البشير أمس بأن انفصال إقليم الجنوب عبر الاستفتاء على تقرير المصير المقرر بعد 19 يوماً بات راجحاً، وتعهد الاستمرار في العمل من أجل إعادة توحيد البلاد، محمّلاً قوى أجنبية مسؤولية تحريض الجنوبيين على الاستقلال، في وقت بدأ قادة الجنوب يدرسون مقترحات باسم دولتهم الجديدة. وجاء ذلك في وقت استضاف البشير ونائبه سلفاكير ميارديت في الخرطوم قمة ضمت الرئيس المصري حسني مبارك والزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.
وجدد البشير التزام حكومته بإجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان في موعده في 9 كانون الثاني (يناير) المقبل، وقال إن الاستفتاء يجب أن يقوم على ركائز الاختيار الحر والنزاهة والشفافية ليكون معبّراً عن إرادة «الإخوة الجنوبيين».
وأكد البشير خلال مخاطبته حفلة تخريج ضباط في كلية القادة والأركان المشتركة في حضور الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز الذي يزور البلاد حالياً، حرصه على وحدة البلاد، مشيراً إلى أن ما بذلته الحكومة في هذا الشأن يجعل خيار الوحدة جاذباً للجنوبيين.
واتهم البشير جهات أجنبية تعمل على تشجيع الجنوبيين على الانفصال في وقت تتوحد فيه أوروبا في مختلف المجالات. وتعهد الاستمرار في العمل من أجل إعادة توحيد البلاد، لافتاً إلى أن أوروبا توحّدت بعد حربين ضاريتين.
إلى ذلك، قال وزير شؤون رئاسة مجلس الوزراء القيادي في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» لوكا بيونق إن الأعوام الخمسة الأولى لدولة الجنوب الجديدة ستكون فترة تحد لا تحتاج خلالها إلى إحداث تغيير جذري في بنية الدولة الجديدة.
وقال بيونق، أمس، إن أي تغيير فجائي من دون دراسات في دولة الجنوب ستكون له عواقب سياسية واجتماعية، واعتبر قضايا العلم واسم الدولة وتغيير اسم «الجيش الشعبي» الذي يسيطر على الإقليم واسم «الحركة الشعبية» التي تحكمه ونظام الحكم، كلها تحديات ستواجه الدولة الجديدة.
وكشف أن هناك تيارات تنادي بشطب اسم السودان نهائياً عن الدولة الجديدة، واقترحت تسميات جديدة مثل «دولة النيل»، أو «كوش»، أو «أماتونق»، وأوضح أن ذلك الخيار يطالب به المتعصبون من الجنوبيين، بينما هناك تيار آخر يرى مواصلة استخدام اسم السودان واقترح اسم «السودان الجديد» و «جنوب السودان». وتوقع أن تختار الدولة الجديدة اسم «جنوب السودان» باعتباره توفيقياً ويرضي الأطراف كلها.
واستبعد لوكا أن تنقل العاصمة، في حال الانفصال، من مدينة جوبا، بحسب ما جاء من أنباء رشحت عن نقلها إلى مدينة رامشيل. وقال إن المحافظة على جوبا كعاصمة تجارية وسياسية للدولة الجديدة مهم من الناحية السياسية والاجتماعية لفترة محدودة لا سيما أن تلك القضية حساسة وتحتاج إلى دراسات وافية حتى لا تثير ردود أفعال يمكن أن تهز الدولة الجديدة.
وأشار إلى الأصوات التي تنادي بالاستفادة من تجارب عدد من الدول كأميركا واستراليا وغيرها بإيجاد عاصمة سياسية بعيدة تماماً عن العاصمة التجارية. وزاد: «لا أعتقد أن قضية تغيير العاصمة ستكون من الاسبقيات وإنما سينظر فيها في المستقبل».
وفي السياق ذاته، أكدت مفوضية الإغاثة والعودة الطوعية في حكومة جنوب السودان أن نحو 55 ألف جنوبي عادوا من الشمال إلى ديارهم الأصلية خلال الأسابيع الماضية وأن أكثر من 62 ألفاً آخرين ما زالوا ينتظرون في الخرطوم رحلات العودة إلى الجنوب. وقالت المديرة العامة للمفوضية ميري أبيونق لويس إن المفوضية تعمل لمضاعفة جهودها لنقل المنتظرين، وحذّرت من سوء الأوضاع في مخيمات الانتظار، داعية إلى التعامل برفق مع العائدين.
إلى ذلك، فشل اجتماع ضم حكومتي ولايتي جنوب كردفان في غرب البلاد والوحدة في جنوبها، في التوصل إلى تفاهمات في شأن القضايا العالقة بين قبيلتي المسيرية العربية ودينكا نقوك الأفريقية اللتين تقطنان في منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب. وأقر الاجتماع رفع الأمر إلى رئاسة الجمهورية لمزيد من التشاور حول التعقيدات التي اكتنفت مسار ومنهج الحل.
وقال حاكم ولاية جنوب كردفان أحمد هارون إن اجتماع لجنتي أمن الولايتين الذي عقد في مدينة كادوقلي، عكف على حل المشكلات التي راح ضحيتها عدد من الأفراد وفقدت فيها أعداد من الأبقار. وأكد هارون حرص حكومته على أن ينال كل طرف حقوقه كاملة وإنجاز تسوية شاملة للقضايا العالقة، بحيث تكون العلاقات بين القبائل يسودها الوئام والتعايش السلمي أياً كانت الأوضاع السياسية المستقبلية.
وأضاف هارون: «إن نتيجة الاستفتاء ستكون لها تجلياتها على الوضع الراهن، ولكننا عازمون على المضي إلى الأمام لاستدامة السلام والحفاظ على التعايش السلمي بين هذه القبائل».
أما حاكم ولاية الوحدة الفريق تعبان دينق فدعا إلى ضرورة تدخل الرئاسة للحفاظ على السلم ومصالح القبائل، وقال: «على الرئاسة التدخل قبل أن تكون هناك عواقب وخيمة بين قبائل التداخل والتمازج بالمنطقة». وأضاف تعبان أن زيارتهم كانت تلبية لدعوة من حكومة جنوب كردفان لمواصلة الحوار والنقاش الذي بدأ في عاصمة ولايته بانتيو لمناقشة قفل الطرق من قبل المسيرية أمام الجنوبيين في منطقة كيلك الخرسانة.
مقتل 14 في اشتباك في الجنوب
وفي جوبا (رويترز)، قال «الجيش الشعبي لتحرير السودان»، أمس، إن قوات موالية لجنرال جنوبي متمرد اشتبكت مع قواته، ما اسفر عن مقتل ما لا يقل عن 14 شخصاً. وتمرد الجنرال جورج اثور بعدما خسر انتخابات في نيسان (أبريل) الماضي على منصب حاكم ولاية جونقلي المنتجة للنفط في الجنوب، الأمر الذي أثار توتراً قبيل الاستفتاء على انفصال الجنوب المقرر إجراؤه الشهر المقبل.
وعرض رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت العفو عن اثور في تشرين الأول (أكتوبر) واتفق الجانبان على تجنّب أي احتكاكات بينهما إلى أن تنتهي المفاوضات.
وقال الناطق باسم «الجيش الشعبي» فيليب اجوير «نصبت قوات جورج اثور مكمناً لسرية تابعة للجيش الشعبي لتحرير السودان في مقاطعة بيجي في ولاية جونقلي»، مضيفاً أن الهجوم وقع في وقت مبكر يوم السبت. وأضاف: «حدث هذا في وسط المحادثات مع جورج اثور. لكن هذه الواقعة سيجرى التعامل معها بصورة منفصلة ومفاوضات العفو ستستمر».
ولم تتوافر لدى اجوير معلومات في شأن سبب الهجوم ولم يرد اثور على الاتصالات بهاتفه المتصل بالأقمار الصناعية.
وقال اجوير إن بعض الجنود الجنوبيين كانوا ضمن القتلى والمصابين دون أن يذكر أرقاماً محددة حيث لا تزال تفاصيل الاشتباك ترد من المنطقة النائية. وقال: «نحن لا نزال نحقق … ما لا يقل عن 14 شخصا قتلوا وربما أكثر».
وتسيطر المجموعة النفطية الفرنسية «توتال» على امتياز غير مستكشف إلى حد بعيد في جونقلي.