الحلقة السادسة ( 6 – 10 )
ثروت قاسم
Facebook page :
https://m.facebook.com/tharwat.gasim
Email:
[email protected]
1- الانتخابات الرئاسية الفرنسية ؟
في يوم الاحد 23 ابريل 2017 ، انتهت الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية بتأهيل :
+ إيمانويل ماكرون ( 39 سنة ) ، وهو من منازلهم ، ولا ينتمي لاي حزب سياسي ، ويصف نفسه بأنه ( لا من اليمين ولا من اليسار) ،
+ مارين لوبن ( 48 سنة ) ، وهي رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف ، ويتميز برنامجها بالعنصرية ، وكراهية الاجانب واللاجئين ، ومعاداة الاسلام والمسلمين .
تاهل ماكرون ولوبن للجولة الثانية والاخيرة في يوم الاحد 7 مايو 2017 .
يجمع المراقبون على اكتساح ماكرون الجولة الثانية في مايو ليصبح الرئيس الجديد للفرنسيين ، فقد ايده مرشحو اليمين وكذلك اليسار في الجولة الاولى ، ودعوا انصارهم لدعمه والتصويت له في مايو . الكل مصمم على وضع المتاريس امام مارين لوبن في الجولة الثانية لتدميرها ، كما دمر الرئيس جاك شيراك والدها جان ماري لوبن في
جولة ثانية في انتخابات رئاسية سابقة في عام 2002 .
يقول المراقبون ان هذه الجولة الاولى كانت اول جولة في تاريخ فرنسا الحديث ومنذ الحرب العالمية الثانية لا يفوز مرشح الحزب الديجولي فيها ، كما حدث للسيد فيلون مرشح الحزب الديجولي الذي خرج من المنافسة في الجولة الثانية .
نشير لبعض الجوانب الشخصية لماكرون ولوبن التي تتدابر مع الثقافة السودانية ، ويجدها الفرنسيون ( عادي بالزبادي ) .
+ مارين لوبن مطلقة ، وتعيش مع عشيقها في ( رفقة ) خارج منظومة الزواج ، ولا يجد الفرنسيون ادنى غضاضة في ذلك ، بل ( عادي بالزبادي ) .
في عام 2011 ، طردت مارين لوبن والدها جان ماري لوبن مؤسس ورئيس حزب الجبهة الوطنية من الحزب لانه ادلى بتصريحات معادية للصهيونية واليهود ، وصارت رئيسة الحزب في مكانه . وعلاقتها حالياً مع والدها ( الشحمة والنار ) ، ولا يجد الفرنسيون ادنى غضاضة في ذلك ، بل ( عادي بالزبادي ) .
+ اما ماكرون فقد تزوج معلمته التي كانت تدرسه اللغة الفرنسية وتكبره بحوالي 24 سنة ، عمره 39 سنة وعمر زوجته بريجيت 63 وبالطبع لا اطفال لهما .
دعنا نستعرض بعض تداعيات فوز ماكرون في يوم الاحد 7 مايو على السودان :
اولاً :
فرنسا ليست ضمن الترويكا ( الولايات المتحدة + بريطانيا + النرويج ) التي تدعم ماليا لجنة مبيكي والعملية السياسية في السودان . ولكن تستضيف فرنسا اغلب اجتماعات المعارضة السودانية ، ويقيم فيها بعض قادة الحركات المسلحة .
ثانياً :
سوف لن يكون ماكرون الرئيس الفرنسي المفضل للرئيس البشير لأن ماكرون يدعو لإحترام حقوق الانسان , وبسط الحريات ، واشاعة الديمقراطية وحكم القانون في الدول الافريقية . كما يدعو ماكرون لإنفاذ مبدأ عدم الافلات من العقاب ، ومحاربة الاستبداد والفساد في الدول الافريقية .
ثالثاً :
دور فرنسا ماكرون في السودان سوف يستمر كما في السابق … هامشي وغير فعال ؛ ومن ثم عدم اهتمام الشارع السوداني بالانتخابات الفرنسية التي مرت مرور الكرام ، ولم يهتم بها احد .
2- كيف إسترقت مصر بلاد السودان ؟
في هذه المقالة ( كيف إسترقت مصر بلاد السودان ؟ ) من 8 حلقات ، نحاول استعراض بعض المحطات المهمة في العلاقة الازلية التي ربطت وتربط دولتي وشعبي مصر والسودان منذ فجر التاريخ وحتى يوم الدين هذا .
نواصل في هذه الحلقة السادسة من المقالة ، وفي النقاط ادناه ، إستعراض سيرة ومسيرة تعامل الانظمة المصرية مع السودان ، على مر العصور .
ثلاثة عشر ً :
+ كانت ردة الفعل المصرية علي أول ثورة شعبية سودانية ( الثورة المهدية ) في عام 1881 عنيفة ، ووصف خديوي مصر توفيق الثورة المهدية بالتمرد والعصيان علي سلطة الخديوي الربانية ، وردد عامله في الخرطوم ابو السعود على مسامع الشيخ محمد احمد في بداية الثورة الشعبية :
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا … َأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُم ) .
رد الشيخ بأنه هو ولي الامر في ذاك الزمان ، فمن شاء ان يلتحق بالثورة الشعبية ، ومن بيته عورة ، فلا تثريب عليه .
في عام 1898 ، أستعان الخديوي توفيق بالأنجليز وبعض السودانيين علي قمع الثورة الشعبية في جردة كتشنر ، 13 سنة بعد دخول الامام الاكبر عليه السلام الخرطوم في يناير 1885 !
في صبيحة يوم الجمعة 2 سبتمبر 1898م ، وقعت معركة كرري بين قوات الخليفة عبدالله وقوات الخديوي توفيق بقيادة كتشنر .
يمكن إعتبار معركة كرري اكبر عملية إنتحار جماعي في التاريخ الانساني .
عقد الخليفة عبدالله مجلس الحرب للاتفاق على كيفية التعامل مع قوات الخديوي توفيق الغازية .
كان راي البعض ، ومنهم الامير عثمان دقنة ، والشاب عثمان شيخ الدين ابن أخ الخليفة عبدالله ، ان الحرب اي حرب ما هي إلا خدعة ، كما حدث في معركة بدر ومعركة شيكان ، وبالتالي اقترحوا ان يكون الهجوم مباغتاً وليلاً ، خصوصاً وقوات الخديوي لها التفوق النوعي الصارخ لامتلاكها البارود ، والمدافع الرشاشة الاتوماتيكية الحديثة وقتها ، والتي تحصد المئات في رمشة عين .
ولكن اقترح غالبية اعضاء مجلس الحرب ان يكون الهجوم صباحاً ، بعد طلوع الشمس ، وعلى مراى ومسمع من العدو ، لأن الخدع لا تليق بجيش خليفة المهدي .
إستجاب الخليفة عبدالله لراي الاغلبية ، وكانت النتيجة اكبر عملية إنتحار جماعي في التاريخ الانساني .
حسب مبدأ ( مسوؤلية القائد ) المعمول به في القانون الدولي ، المسوؤلية في كارثة كرري تقع على عاتق القائد الخليفة عبدالله ، الذي إتخذ القرار النهائي بالهجوم المكشوف وفي وضح الصباح ، ولا مبرر هنا للأخذ براي الاغلبية إعمالاً للشورى ، حسب الآية 100 في سورة المائدة :
قل لا يستوي الخبيث والطيب ، ولو أعجبك كثرة الخبيث …
معركة كرري إستنساخ لغزوة أحد ، كما جاء في الآية 121 في سورة آل عمران :
وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ …
نعم … قرر الخليفة عبدالله ان يهاجم قوات الخديوي المتمركزة في البواخر الحربية على مراى ومسمع منها الساعة السادسة من صباح الجمعة 2 سبتمبر 1898 . صوبت قوات الخديوي نيرانها الكثيفة على جحافل قوات الخليفة المهاجمة على ظهور الخيل وكداري ، فأردت 18 الف قتيل ، و30 الف جريح في اقل من ساعتين زمان .
أمر لا يصدق ، ولكنها الحقيقة . إنتحار جماعي .
قرر كتشنر بعد ساعتين من بدء هجوم قوات الخليفة وقف اباداته الجماعية ، وانسحبت بقية قوات الخليفة إلى غرب السودان ، ودخلت قوات الخديوي امدرمان ، حيث استباحتها قوات الخديوي لثلاث ايام حسوماً .
كان الشاب وقتها السيد علي الميرغني من الجنود المصاحبين لقوات الخديوي الغازية ، وشارك في إستباحة امدرمان ، كما يؤكد نعوم شقير ومكي شبيكة .
في إستباحة امدرمان ، كان باشبوزوق الخديوي يدخلون على بيوت الاهالي المدنيين ، وينزعون الرضع من امهاتهم ، ويقذفون بهم في الهواء ، ويتلقونهم برماحهم وسيوفهم ، التي تخترق اجسام الرضع والاطفال . كان الباشبوزوق يغتصبون الفتيات جماعياً ، ويشعلون النار في البيوت ومخازن الغلال .
تمثل إستباحة امدرمان بعد معركة كرري افظع عملية إنتقامية لمواطنين عزل في التاريخ الانساني ، ويمكن إعتبارها وصمة سوداء في سجل كل من شارك فيها ، خصوصاً من السودانيين .
في سياق متصل ، يقول اينشتاين :
امران لا حدود لاي منهما :
الفضاء الخارجي والغباء الانساني !
ولست متأكدأ من الفضاء الخارجي !
ويقول اوسكار وايلد :
لا توجد خطيئة بخلاف الغباء الانساني !
نواصل في الحلقة السابعة …