اعتقال 46 سودانية خرجن في مسيرة احتجاج على جلد فتاة ظهرت عبر «يوتيوب»
الخرطوم: لا نستبعد «المؤامرة» ووفرنا مادة إعلامية للأعداء.. والشرطة بريئة
الخرطوم: فايز الشيخ
ألقت الشرطة السودانية ظهر أمس القبض على 46 امرأة و6 رجال بعد أن فضت تجمهرا في طريقه لوزارة العدل ومجلس تشريعي الخرطوم لرفع مذكرة تطالب بإلغاء قوانين النظام العام وإيقاف عقوبة الجلد بعد أن بثت عشرات المواقع والفضائيات مقاطع من شريط فيديو يظهر جلد فتاة في أحد أقسام الشرطة، في حين بررت الاعتقالات بالتجمهر غير المشروع والإخلال بالسلامة العامة والإزعاج.
وخرجت مئات من النساء السودانيات بالخرطوم أمس لرفع مذكرة لوزارة العدل ومجلس تشريعي الولاية يطالبن فيها بإلغاء عقوبة الجلد، وقوانين النظام العام التي تنص على جلد الفتيات بسبب «الزي الفاضح، أو الأفعال الفاضحة»، ويدخل لبس البنطلون ضمن الزي الفاضح مثلما أثارت الصحافية لبنى أحمد حسين القضية العام الماضي بعد توقيفها وهي ترتدي البنطلون ووجهت لها تهمة ارتداء الزي الفاضح حسب المادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991، وقامت السلطات السودانية بتعزيز القوات العسكرية ونشر المئات من الشرطة والأمن قبيل وصول النساء لنقطة التجمع، كما قامت بتفريق عدد منهن، وأكدت الشرطة في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أنها «فضت تجمهرا غير مشروع من النساء والرجال أمام المجلس التشريعي وسط الخرطوم حيث تم التجمهر دون الحصول على إذن من الجهات المختصة وقامت به ما يسمى (مبادرة لا لقهر النساء)». وقامت شرطة الولاية بتفريق التجمهر حسب نص البيان حفاظا على أرواح وممتلكات المواطنين حيث تم القبض على 52 من المتهمين من بينهم 46 من النساء وستة من الرجال، وفتحت في مواجهتهم بلاغات جنائية تحت المواد: 68/ التجمهر غير المشروع – 69/ الإخلال بالسلامة العامة 77/ الإزعاج العام من القانون الجنائي، وقالت إنها اتخذت الإجراءات القانونية كافة. وفي وقت متأخر تم إطلاق سراح المعتقلين، في حين منعت الشرطة تصوير الأحداث ونزعت كاميرات التصوير وأجهزة التسجيل من الصحافيين.
وكان شريط الفيديو الذي ظهر على موقع «يوتيوب» ثم بثه عدد من الفضائيات يظهر فتاة سودانية تتعرض للجلد بواسطة اثنين من عناصر الشرطة، وهي تتلوى وتصرخ من الجلد على كل أجزاء جسدها، بينما ظل أحد أفراد الشرطة يضحك بصوت عال أمام الكاميرا، ويطالب بوقف التصوير، وأثارت القضية احتجاجات كبيرة في السودان. ووجه الصحافيون والكتاب بمن فيهم الموالون للحكومة انتقادات لاذعة لجلد الفتاة. وذكر بيان لمجموعة نسوية تطلق على نفسها اسم «لا لقهر النساء»: «لقد صدم السودانيون بمشاهدة تسجيل فيديو يصور (بالصوت والصورة) عملية تنفيذ حكم بالجلد (خمسين جلدة) على شابة سودانية. تم تنفيذ الحكم بواسطة رجلين من الشرطة تناوبا على جلد الشابة بقسوة حيث كانت السياط تنهال على كل موضع من جسدها على الظهر والبطن والرأس والوجه». وأشار البيان إلى أن «الشابة تصرخ وتتلوى من الألم وتسقط على الأرض وتستغيث وسط ضحكات الشرطيين وعدد من الحضور». ورأت المجموعة أن «مثل هذه الواقعة من المشاهد المأساوية المتكررة في أقسام الشرطة ومحاكم النظام العام، وهي تعكس أزمة مركبة في النظام العدلي في البلاد تبدأ بالقوانين المعيبة وعلى رأسها قانون النظام العام والقانون الجنائي وكل القوانين المقيدة للحريات المتنافية مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتبلغ ذروتها في انعدام أبسط قواعد الشفافية وسيادة حكم القانون (على علاته) وتحكم الأمزجة الفردية والنزوات الشريرة والنزعات السادية لمن يتولون أمر تنفيذ القانون الذين هم في مأمن تام من المحاسبة بل مجرد المساءلة؛ إذ تحميهم الحصانات»، وقالت: «ما حدث لتلك الشابة هو جريمة تعذيب وإذلال وإهدار كامل للقيم الإنسانية، ويمثل صورة حية لقهر النساء واضطهادهن بمباركة الشرطة والقضاء. ودعت المبادرات إلى إصلاحات جذرية للقوانين، وإجراءات التقاضي، وإلغاء قانون النظام العام (أمن المجتمع) والمادة 152 من القانون الجنائي».
من جانبه، قال والي ولاية الخرطوم عبد الرحمن الخضر: «السلطة القضائية أغلقت المحكمة وأدانت الأشخاص الذين نفذوا العقوبة، ونقلتهم إلى مواقع أخرى». وأضاف: «الخطأ تم في شكل تنفيذ العقوبة». وأعرب عن أسفه من أن تستغل القضية لتشويه صورة السودان، ولم يستبعد أن تكون مؤامرة.