أستاذ جامعي يطعن في أهلية ترشح البشير للرئاسة في الانتخابات المقبلة
قال إن الرئيس السوداني ظالم وخدع الشعب.. ويعتبر في نظر المحكمة الدولية هاربا من العدالة
الخرطوم: «الشرق الأوسط»
فاجأ أستاذ جامعي متقاعد مفوضية الانتخابات بطعن في أهلية ترشيح الرئيس عمر البشير من قبل حزبه حزب المؤتمر الوطني لخوض الانتخابات الرئاسية، المقرر لها أبريل (نيسان) المقبل، واصفا البشير بأنه ظالم وخدع الشعب عندما قام بالانقلاب عام 1989، ومسؤول عن ممارسات غير إنسانية من خلال التعذيب الذي تعرض له معارضوه في المعتقلات التي عرفت بـ«بيوت الأشباح»، واعتبره هاربا من العدالة. وقال الدكتور معتصم عبد الله محمود لـ«الشرق الأوسط»: إن الهدف من الطعن هو توصيل «رسالة» للمواطنين السودانيين بأن لهم الحق قانونيا في الطعن في أي مرشح في الانتخابات المقبلة مهما كان موقعه، وكشف أنه تلقى أمس رد المفوضية على مذكرة الطعن التي تقدم بها لها، حيث أحالته المفوضية إلى المحكمة العليا المخصصة للبت في الطعون الانتخابية، وأضاف: «سأتوجه إلى هناك لتقديم الطعن»، وذكر أنه مصر على الطعن باعتباره مواطنا سودانيا. وحول مدى تفاؤله بكسب القضية، قال: لا أدري ولكن لمست في المفوضية درجة كبيرة من الارتباك حول ما قدمت».
ومقدم الطعن واحد من القيادات النشطة في «الحزب الجمهوري – التنظيم الجديد»، وهو حزب أغلب عناصره ينتمون في الأصل إلى الحزب الجمهوري، الذي أسسه «محمود محمد طه»، الذي أعده الرئيس السوداني السابق نميري بعد أن اتهمه بالردة. وظل يعمل سرا لفترة طويلة هو الآن يعمل علنا في خانة المعارضة لحكم البشير، ويدعو إلى الحكم المدني ويشكك في قوانين إسلامية يطبقها حكم البشير، ويطالب بإلغائها. ونفى عبد الله بشدة أن يكون قد قدم الطعن بصفته الحزبية هذه، وقال: «لا.. أنا قدمت الطعن كمواطن سوداني سجلت اسمي في السجل الانتخابي. وأرى أن البشير ليس أهلا لتولي المنصب وبالتالي الترشح له». وقال: إن الدليل على عدم «حزبية» الطعن الذي تقدم به، أن حزبه في الأصل غير مسجل وغير مشارك في الانتخابات.
وقال عبد الله أنه مارس حقا من حقوقه كمواطن سوداني «لا أكثر»، ونفى بشدة أن يكون منطلقا من دوافع ذاتيه مثل فصله من وظيفته في السنوات الأولى لحكم البشير. ويذكر أن عبد الله واحد من عشرات الآلاف الذين جرى فصلهم من وظائفهم تعسفيا لأسباب سياسية تحت مسمى «الصالح العام» في النصف الأول من التسعينيات من القرن الماضي. وفصل عبد الله من وظيفته كأستاذ في جامعة الخرطوم عام 1992. وقال: «ظللت منذ ذلك الوقت داخل بلادي ولم أخرج، ولو خرجت لحققت من ذلك الفصل مكاسب ذاتية، ولكنني ظللت في الداخل أنهض بعمل سياسي وسط المواطنين».
وجاء في صحيفة الطعن الذي تقدم بها عبد الله إلى مفوضية الانتخابات ونشرها على نطاق واسع في الخرطوم، أنه يطالب بسحب ترشيح البشير من قائمة الكشف النهائي للمرشحين للمنصب الرئاسي، وعددهم 10 مرشحين اعتمدتهم مفوضية الانتخابات الأسبوع الماضي. واستند عبد الله في طعنه على 6 حيثيات حددها في: «خداعه للشعب بإنكاره أن الانقلاب الذي قام به نفذته القوات المسلحة، ولا يتبع لتنظيم الجبهة الإسلامية إلى أن اعترف به عقب مفاصلة 1999»، وقال: «الاعتراف الصريح هو إثبات لكذبة. وبما أن الكذب من فساد الأخلاق، فإن ذلك يسقط حقه في الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية»، واستعدى ما اعتبره اعتراف البشير المنشور بتاريخ 13/5/2009 بوجود معتقلات سرية عرفت في البلاد باسم «بيوت أشباح»، وقال: إن ذلك يحمّله المسؤولية القانونية عن الممارسات غير الإنسانية التي جرت في تلك المعتقلات السرية، ومضى قائلا: «و لأن المرشح المشير عمر البشير لم يرد الظلم عن أولئك المواطنين الذين تضرروا من التعذيب في المعتقلات السرية، التي كانت تدار بواسطة جهاز الأمن التابع لسلطته العليا، فهو قد عجز عن نصرة المظلومين وسكت عن إحقاق الحق مما يجعله غير مؤهل للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية».
وحمل عبد الله الذي قال: إنه مسجل في السجل الانتخابي في كشوفات الناخبين بضاحية شمبات الغربية بالخرطوم بحري، حمل البشير مسؤولية الفصل التعسفي وتشريد العاملين من دون محاسبة، وأورد نماذج تثبت مسؤوليته المباشرة عن «فصل بروفيسور سمير غبريال وبروفيسور محمد الأمين التوم من جامعة الخرطوم عام 1992 بأمر منه». ووصف الخطوة بأنّها تدل على عدم الحياد واستغلال السلطة للتخلّص من المعارضين، الأمر الذي يقدح في أهليته.
وتطرق إلى إعدام 28 من ضباط الجيش بتهمة «الانقلاب على نظام انقلابي» وتقديمهم «لمحاكمات متهورة لم تستغرق غير ساعات»، ونقض اتفاق تم مع بعضهم ذكر منهم «الضابط حسين الكدرو»، وحمّل البشير مسؤولية تلك المحاكمات. ولفت عبد الله إلى إعدام مواطنين بتهمة المتاجرة بالنقد الأجنبي ومثّل لذلك بـ«إعدام المواطن المرحوم مجدي محجوب محمد أحمد، الذي أدين لوجود عملة صعبة في خزانة المرحوم والده» ثم التراجع عن الإعدامات والسماح بالاتجار في العملة، واتهم البشير بالتطرف في العقوبة والإفراط في القسوة ومجافاة الأخلاق، فيما حدد السبب السادس والأخير في الاتهامات المنسوبة للبشير بالضلوع في ارتكاب جرائم حرب في دارفور وصدور مذكرة اعتقال بحقه جعلته «مقيد الحركة»، واستدل على ذلك بإلغائه زيارة أربع دول وتراجعه عن حضور اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة الأخيرة في نيويورك، وتابع «سيظل كذلك لأن أمر اعتقاله حسب قوانين المحكمة الجنائية الدولية لا يسقط بالتقادم وهو الآن في نظر المحكمة يعتبر هاربا من العدالة»، ووصف وضعه الانتخابي بـ«الحرج وستتضرر منه سمعة البلاد مما يجعله غير مؤهل لمنصب الرئاسة».