اللاجئون :
وكأن المجاعة لم تكن وحدها تكفي فتدفقت أمواج اللآجئين من إريتريا بكثافة لا يتصورها العقل، حتى بلغ عددهم مليون ونصف المليون. وبالرغم من موارد البلاد الشحيحة فإنهم قوبلوا أحسن مقابلة واقتسم معهم السكان البجه لقمة العيش نسبة لروابط الدم والجوار مما أدى إلى ضغط هائل على مرافق الخدمات والمواد التموينية والمراعي والغابات إلخ.
وبوصول اللآجئين إلى البلاد نشطت الهيئات الدولية والصليبية وقامت بارسال المعونات العاجلة وإقامة المعسكرات للآجئين. وانحصرت مساعداتها في اللآجئين ولم تتخطاهم للمتضررين من سكان البلاد إلا لأهداف تنصيرية فالبلد الذي لم يعرف أهله دينا غير الإسلام، قامت فيه نتيجة للمجاعة معسكرات ومراكز غوث تنصيرية وهذا هو الشيء الوحيد الذي كسبه البلد من نظام مايو المباد الذي جلب التنصير لبلاد البجه.
أغلب اللآجئين في الولاية هم الأريتريون والأثيوبيون واستمر تدفقهم نتيجة للحروب ومشاكل الجفاف الحادة. ودخلت أكبر موجة من اللآجئين بين 1973 إلى 1979م. ووصلت موجة كبرى ثانية بين 1980 و1985م. ويستقر العديد منهم في مناطق مختارة في جنوب القضارف وقرب المشاريع الزراعية. كذلك استقرت مجموعة كبيرة منهم في كسلا والقضارف. ويوجد أيضاً عدد كبير منهم في مراكز الاستقبال والمعسكرات الحدودية.
مسألة اللآجئين ليست موضوعاً اجتماعياً واقتصادياً ساخناً في البلاد ولكنها أيضاً موضوع هام يتعلق بالبيئة. وفي الوقت الراهن فإن 30% من السكان من اللآجئين. ويصل عدد اللآجئين إلى 50% من السكان المستقرين في المناطق الجنوبية والوسطى من ولايتي كسلا والقضارف.
أدى توطين اللآجئين إلى خلق زيادة مفاجئة في احتياجات المصادر. وقد تمت إزالة مساحات كبيرة من الغابات لتشييد معسكرات توطين اللآجئين المؤقته. ونتج عن الحاجة إلى حطب الوقود والرعي الجائر من قبل قطعان المواشي القادمة مع اللآجئين، تدهور سريع في البيئة المباشرة للمعسكرات.
إن استراتيجية إقامة معسكرات للآجئين في المناطق الهامشية بجوار المناطق التي تحتاج إلى عمالة كبيرة قد تجاوزت أسس المصادر إلى أقصى حد. وقد أدى التشييد غير المنظم لمعسكرات اللآجئين قرب المراكز الحضرية إلى تفاقم مشاكل صحة البيئة وزاد من الضغط على الخدمات في المدن.
لا يزال معظم اللآجئين يعتمدون على برنامج المساعدات الغذائية، وفي المستقبل عندما تنقص هذه المساعدات، يتوجب على اللآجئين أن يشبعوا احتياجاتهم من أسس المصادر. وقد يكون لهذا السبب أثر سلبي أقوى على البيئة مما هو عليه الآن. وتسبب المساعدات التي تقدم بغرض الإكتفاء الذاتي شعوراً بالمرارة بين المواطنين الذين يغبطون المساعدة المكثفة ومستويات التسهيلات التي يتلقاها اللآجئون ويحرمون منها.
ونتيجة لذلك، فإنه من ناحية بيئية ومن وجهة نظر اجتماعية اقتصادية، من المهم تجهيز معسكرات اللآجئين ببرامج لتطوير الريف تكون شاملة ومستدامة.
تعمل السياسة الحكومية لوقف النزوح من إريتريا (اثيوبيا سابقاً)، وهي لن تتوقف إلى الولاية، طالما أن عدد من يطلق عليهم Xلاجئو البيئةZ المتزايد يأتي إلى الولاية من أجزاء أخرى من السودان، وتجذبهم إمكانات المصادر الطبيعية العالية نسبياً.
اللآجئون في القضارف والإيدز
يبلغ عدد اللآجئين في ولاية القضارف (ديسمبر 1999م) X12618Z يتوزعون على ثلاثة معسكرات داخل ولاية القضارف. فيوجد في معسكر أم قلجة يوجد 6118 لآجئاً، وفي معسكر الطنيدبة، وهو من معسكرات مشروع Xأبو رخمZ يوجد 1500 لآجئاً، وفي معسكر أم راكوبة يوجد 5000 لآجئاً. وفي معسكر أم قلجة يوجد 1759 من الأمهرة، و4074 من التقراي و285 إريتري. يمتهن 40% منهم الزراعة و46% عمال و9% رعاة و5% يقومون بأعمال أخرى. أشارت تقارير وزارة الصحة الولائية مؤخراً إلى وجود إصابات إيدز بأرقام مخيفة بهذا المعسكر.
من حديث للسيد حامد شاش حاكم الإقليم الشرقي في صحيفة الأيام بتاريخ 23/3/1985م Xنحن قبل أن نجيء كحكومة إقليمية في عام 1981م وجدنا أن هناك معسكرات للآجئين وجهاز يتحمل المسؤولية مع المعتمدية .. ويمد خدماته لمناطق المعسكرات في الحدود، ولم يكن هناك اعتبار كبير للمدن الرئيسية الثلاث: كسلا والقضارف وبورتسودان. وفي عام 1981م شعرنا بوجوب التنسيق بيننا وبينهم لسبب أساسي واحد، هو أن اللآجئين الموجودين في المعسكرات لا يزيدون عن 15% من اللآجئين الموجودين في الإقليم . إذ أن 85% منهم موزعون على كسلا والقضارف وبورتسودان ومدن الإقليم المختلفة ... يشتغلون ويذهبون إلى المستشفيات ويدخلون المدارس ودخلوا معنا في حياتنا العادية وشاركونا العيش .. وحتى بالنسبة للمواد التموينية وغيرها.
ومما زاد المشكلة تفاقماً على تفاقمها أن الإقليم نفسه تعرض للجفاف ... إننا نعتقد أن الأقاليم المجاورة لنا يمكن أن تساعدنا وبالذات الإقليم الأوسط والذي به أراضي شاسعة.
نحن عندنا مشكلة جفاف وحسب إحصاء الأمم المتحدة هنالك 600 ألف مواطن تأثروا بالجفاف في مديرية البحر الأحمر منهم 200 ألف في عداد الحالات المستعجلة إذ تعرضوا للمجاعة واصيبوا بفقر الدم .. ولقد كانت نظرتنا الإقليمية في الظروف العادية هي أن نربط العون الغذائى بالعمل .. وتحفيز الناس للعمل في مشاريع إنتاجية تحسن ظروفهم المعيشية .. ولكننا مع هذا اللجوء الكبير وأثر الجفاف على الإنسان والمراعي والحيوان فنزح الناس من تهاميم وهيا ودورديب وغيرها من أماكنهم التقليدية.
والإخوة السعوديون أمدونا بــ 75 ألف جوال ذرة .. ونتوقع من الهيئات الإقليمية والدولية مزيدا من الإعانات لتغطية فترة الجفاف التي قد تمتد لشهر نوفمبر القادم على الأقل.
إن الواجب الانساني يملي على البجه تقديم كل المساعدات اللآزمة للإخوة الاريتريين اللآجئين هذا بغض النظر عن وشائج الرحم والجوار التي تجعلهم يعتمدون على بلاد البجه كعمق استراتيجي ينطلقون منه في نضالهم لتحقيق الحرية والاستقلالZ.
أما في مجال المجاعة التي تجتاح البلاد فلا بد من تكثيف الجهود إقليميا ودوليا للسيطرة عليها ومكافحة آثارها والإشادة بالدور السعودي الإنساني الرائد حتى يكون قدوة للبلدان الإسلامية والعربية الأخرى لدرء شبح المجاعة وإيقاف البعثات التنصيرية التي وجدت في المجاعة منفذا تدخل منه إلى البلاد في محاولة لتحسين صور العالم المسيحي وتشويه صورة العالم الإسلامي.
التهجير القسري
إرتبط التهجير القسري في بلاد البجه بالتنمية التي لا تراعي مصلحة السكان الأصليين، وتعمل على تهجير الرعاة البجه من أراضي أجدادهم التي عاشوا فيها لآلاف السنين. وكل المشاريع التي أقيمت في بلاد البجه أدت إلى نزع أراضيهم وتشريدهم لمصلحة غيرهم. وتسبب هذا في تقليص المراعي وظهور المجاعات بشكل دوري. فقد بدأ الاستعمار البريطاني هذا النوع من التهجير في بلاد البجه في مشروع القاش. وقام بتهجير الرعاة البجه من أراضيهم ليقيم فيها مشروعاً لإنتاج القطن لتزويد مصانع النسيج في بريطانيا به. ونزعت الأراضي من البجه الرعاة ومنح بعضها لشماليين تم تهجيرهم لبلاد البجه. كذلك تم تهجير الرعاة البجه قسرياً من مراعيهم ومزارعهم في القضارف والرهد وتوكر ونهر أتبره، الذي قتله خزان خشم القربة. واستمرت حكومات الخرطوم في هذا المنحى، حتى جاء نظام الإنقاذ، الذي لم يوفر وسيلة لتشريد البجه. فعلى امتداد خط أنابيب البترول تم تشريد البجه بالإرهاب لأسباب أمنية، وكذلك في منطقة التنقيب عن الذهب التي استخدمت الحكومة في استخراجه مادة السينايد للقضاء على البجه وحيواناتهم. وعلى ساحل البحر الأحمر، فقد قامت حكومة الإنقاذ بتشريد البجه من مواطن أجدادهم لإقامة ميناء لتصدير البترول ومنطقة حرة، كذلك أعلن مدير الميناء في يونيو العام 2003م عن نيته لمصادرة الأراضي الواقعة بين بورتسودان وسواكن. أما الطرق البرية السريعة، فبالإضافة إلى طرد البجه من أراضيهم، فقد ساهمت كثيراً في تدمير البيئة وقتل القرى والمدن الصغيرة التي كانت نقاطاً هامة في الطرق القديمة والآن لا تمر بها هذه الطرق السريعة. لم يستفد البجه من كل هذه المشاريع التي تسمى تنموية غير التشريد وتدمير البيئة. وعلى امتداد الحدود مع إريتريا استغلت حكومة الإنقاذ قتالها مع المعارضة ذريعة لتهجير البجه من قراهم بزعم أن هذه المناطق مناطق عمليات عسكرية، ولكن السبب الحقيقي وراء ذلك هو أن الحكومة تهدف لإفناء البجه حتى يحل محلهم أهل الشمال، لذا تريد التخلص منهم بسياسة الأرض المحروقة حيث زرعت الألغام في كل المناطق التي تم تهجيرهم منها. ففي ولاية كسلا وحدها تم تهجير السكان من أربعين قرية أما في ولاية البحر الأحمر فقد تم تهجير السكان من عشرين قرية. ويأتي هذا ضمن سياسة حكومة الإنقاذ الشمالية للتوسع في بلاد البجه لصالح الشمالية، حيث أن الشمالية منطقة طاردة كما هو معروف، تسعى الحكومة لإبادة البجه بالحروب والأمراض وغيرها حتى تخلو لها أراضيهم. كذلك تهدف الحكومة لتغيير التركيبة السكانية في بلاد البجه بنزع أراضي البجه ومنحها للشماليين وغيرهم، كخط دفاع متقدم ضد محاولات البجه للمطالبة بوطن قومي.
حسب بيان المفوضية السامية، فإنه من المفترض تحديد نهاية مايو 1998 كتاريخ نهائي للعودة الطوعية للآجئين الاثيوبيين لبلادهم لزوال أسباب اللجوء. وصدر مؤخراً من المفوضية قرار في جنيف يحدد الأول من مارس العام ألفين لـ Xبنود الإنقطاعZ أي إيقاف خدمات اللآجئين، وهذا يشمل جميع اللآجئين الاثيوبيين في العالم كله.
النازحون في كسلا والقضارف
المشكلة العامة التي يواجهها كل النازحين هي أنهم يصبحون يدفعون قيمة خدمات ومواد كانوا يحصلون عليها مجاناً، مثل السكن والماء والوقود والألبان من الأشياء التي كانت تتوفر لهم مجاناً في مواطنهم الأصلية، وهذا يشكل بالطبع عبئاً اقتصادياً.
جاء في تقرير لوالي كسلا عام 1999، عن النازحين في ولاية كسلا ما يلي: (تأثرت مناطق شاسعة من حدود الولاية المتاخمة لإريتريا بالحرب الدائرة في الجبهة الشرقية مما أدى إلى نزوح المواطنين من قراهم مخلفين وراءهم منازلهم وممتلكاتهم، ووحداتهم الخدمية. وبلغ عددهم في سبعة معسكرات جديدة حوالى ستين ألفاً، ومن المعسكرات قدماييت وأدارمان وفاتو والشقراب ودبلاويت، ولم تصل الجهات المعنية بهم إلى بعض مناطق النازحين لحصرهم وتقديم الخدمات اللآزمة لهم بسبب الظروف الأمنية، ونزح بعضهم إلى منطقة القاش وسط ذويهم وأقربائهم.
نزح المواطنون من قراهم التي كانوا يتمتعون فيها بمنشآت خدمات محدودة في التعليم والصحة إلى مواقع جديدة لا تتوفر فيها أسباب الحياة فقط بسبب وجود الأمان فيها. وكان أكبر الأثر على التعليم حيث هجر النازحون (36) مدرسة مشيدة، بها (169) فصلاً و(6007) تلميذاً وتلميذة، منهم (4872) تلميذاً و(1135) تلميذة. وحرم النازحون من نشاطاتهم الاقتصادية التقليدية وبالتالي من الدخول وأصبحوا فقراء ومحتاجين. ومن جانب الحكومة فإنها لا تقدم لهم أي مساعدات، بل تستغلهم وتطلب مساعدات باسمهم من المنظمات الإسلامية وغيرها وعندما تصل هذه المساعدات المخصصة للولايات الشرقية، تحولها الحكومة إلى الولاية الشمالية أو للمجندين لإبادة الأقليات العرقية، أو يبيعها تجار الجبهة في السوق السوداء. وقد سبق وأن أرسلت إغاثة خصيصاً لولاية كسلا وحولتها الحكومة للولاية الشمالية مما أغضب سفارة تلك الدولة العربية. وفي مايو العام 2000م، أفرزت الحرب الإثيوبية الإريترية نزوح مئات الآلاف من الإريتريين لولاية كسلا.
النازحون في البحر الأحمر
اشتعلت الحرب في جنوب توكر في مارس عام 1997م. ونتج عن هذا تعرض عشرين قرية للحرب تمتد من قرورة إلى مرافيت. ونزح سكان هذه المنطقة البالغ عددهم حوالى مائة ألف نسمة إلى توكر وبورتسودان. وأقام النازحون على أطراف المدينتين في أعشاش وأكواخ مزرية ومكتظة، ليس فيها مرافق صحية ولا خدمات صحية ولا مدارس حيث تم هجر (17) مدرسة. ولم تقدم الدولة أي مساعدات لهم بالرغم من أنها كانت تحرضهم للدفاع عنها. وقضى منهم المئات نتيجة لاصابات الكوليرا والملاريا والحميات الأخرى.
النازحون من الجنوب والغرب
وإضافة لنازحي الحرب من جنوب توكر وحول كسلا، جاء نازحو الحروب في الجنوب وجبال النوبة والغرب إلى مدن كسلا والقضارف وبورتسودان، هرباً من الحرب وبحثاً عن كسب الرزق. وجلبوا معهم ممارساتهم وعاداتهم وطرقهم في كسب الرزق ومنها صناعة الخمور المحلية وغيرها، مما أفرز مشاكل أمنية وأخلاقية. وتضاعف عدد السكان في هذه المدن، حيث وصل عددهم في بورتسودان فقط نصف مليون شخص تقريباً، وتدنت الخدمات الصحية واكتظت المدارس والتي كانت فقيرة أصلاً. كذلك ارتفعت أسعار المساكن ومياه الشرب والسلع الاستهلاكية والمواد الغذائية وضايق النازحون السكان الأصليين في سوق العمل والمواد التموينية الشحيحة. ووصلت احتياجات المعيشة، في بورتسودان في مناطق النازحين مثل الإنقاذ ألف وباء ودال وغيرها، لكل أسرة حوالى 10 آلاف جنيه لمياه الشرب فقط، و15 ألف جنيه لأكياس الخيش، و12 ألف جنيه للذرة. واستقطبت المجموعات النازحة منظمات طوعية أجنبية فقدمت لهم مساعدات دون البجه. وكونت لهم هذه المنظمات صناديقاً لتمويل أعمال اقتصادية صغيرة وفتحت لهم فصولاً تعليمية وتدريبية ومؤسسات اجتماعية حتى صارت أحوالهم أحسن من أحوال مضيفيهم.
سكان المناطق المحررة
يبلغ عدد سكان المناطق المحررة الخاضعة لسيطرة مؤتمر البجه في ولايتي كسلا والبحر الأحمر حوالى ربع مليون نسمة. ويبلغ عدد القرى التي يسكنون فيها أكثر من ستين قرية صغيرة وكبيرة منها في ولاية كسلا همشكوريب وربسم وأقماييت وقدماييب وكوتنيب وراساي وهشنيب ومامان وتوقان وشقلوبا وتلكوك وتندراي وانقواتيت وتهداي وتكروف وأدرديب وقرقر وكرباويب وقمبلياييب وفِلّك وكدبوت. وفي جنوب ولاية البحر الأحمر يسكن البجه في قرية النازحين بقرورة وعريرب وعيترا وسرع وحتاترا وفلحيت ودمبوبيت.
التـعـليم
عرف البجه التعليم مع إنتشار الإسلام في بلادهم، ولم تكن لهم قبل ذلك طريقة خاصة لكتابة لغتهم بالرغم من ثرائها بالتراث والأدب . . وأول من كتب لغة البجه هو ملكهم خاراشين الذي سجل انتصاراته الحربية بحروف اغريقية.
ومع دخول الإسلام في بلاد البجه ظهرت المساجد التي كان يدرس فيها القرآن الكريم. وأول مسجد من هذا النوع شهدته البلاد هو جامع جزيرة عيري الذي تم تدميره مضمن الجزيرة حوالى العام 1115م (رواية الميجر هيربرت)، كما شهدت البلاد أيضاً المسجد الكبير الذي يعرفه البجه بإسم (أمسجد إبرِّي)، ومعناها المسجد الواسع، الذي أسسه قبل قرون الشيخ حامد الملهيتكنابي في خور بركة ثم انتقل إلى المنطقة الوسطى في القاش بين دقين وتندلاي وأخيرا منطقة جمام شمال كسلا.
التعليم السلفي
ولقد أدى دخول الطرق الصوفية إلى البلاد وخاصة سواكن إلى إنتشار المساجد المذهبية في سواكن وكسلا وسنكات وتوكر وبعض القرى الكبيرة، ودأب كل مسجد إلى تدريس مذهب ديني معين. واستفاد البجه إلى حد ما من هذا التعليم السلفي الذي حاربه الاستعمار البريطاني بعد استيلائه على البلاد عام 1898م. وبالرغم من محاربة الاستعمار لهذا النوع من التعليم وعدم اعتراف الحكومات به، إلا أن بعض شيوخ البجه الدينيين استطاعوا حمل رآيته وأولهم الشيخ عثمان بليه الذي نشر عدداً كبيراً من خلاوى القرآن، وأنشأ الشيخ علي بيتاي، قرىً تعج بحفظة القرآن من كل أنحاء (السودان) وأفريقيا. وساهم في نشر الخلاوى أيضاً كل من الشيخ سليمان علي كرار والشيخ بشير يعقوب في عقيتاي، والشيخ يعقوب في قرورة، وشريف تمالا وغيرهم. على أن أكثر من نذر حياته (أمد الله عمره) لخدمة التعليم وقضايا التنمية وتطوير المرأة وتوظيف الرجال والنساء، فهو الدكتور محمد بدري أبو هدية. فقد سخّر هذا الإنسان الشهم كل حياته لرفعة البجه والاهتمام بكل قضاياهم، فليس هناك عمل تعليمي أو إجتماعي يتم في البلاد إلا كانت له يد فيه. وقام قبله الأستاذ القاسم صالح ضرار بتوظيف العديد من أبناء البجه، وكذا السيد محمد مختار أول مدير بجاوي للموانيء حيث وظف العديد من البجه.
وعلي أيام الاستعمار البريطاني كان عدد المدارس محدوداً للغاية، ومتركزا في المدن، حيث يتواجد موظفو السلك الاستعماري. ولم يكن للبجه أي وجود في هذه المدارس، كما أنه لم يكن هناك أي وجود للمدارس في ريف البجه الخاضع لقانون المناطق المقفولة.
ولقد كانت المدرسة المتوسطة الوحيدة في البلاد بمدينة سواكن (انشئت 1895م)، ثم انتقلت إلى مدينة بورتسودان وكان معظم الطلاب فيها من أبناء الوافدين الذين جاؤوا مع الاستعمار. وساهم في نشر التعليم الحكومي كل من الشيخ عبد القادر أوكير ــ استبعد من منصب وكيل الوزارة في السودنة لصالح شخص شمالي ــ والشيخ القدال سعيد القدال. وقام المرحوم محمد السيد البربري بإنشاء أول مدرسة وطنية في بورتسودان، وكان ناظرها الأستاذ محمد أحمد سليمان (والد بدر الدين وغازي سليمان) وأمين لجنتها المؤرخ الأكبر محمد صالح ضرار. وبعد رحيل الإنجليز قام عدد من الخيرين ببناء مدارس منها الخاصة ومنها المعانة. على أن الأستاذ محمد دين أحمد اسماعيل XالبجاويZ يعد رائد التعليم الشعبي. فقد أسس مدارس التنوير المسائية الشعبية للطبقة العاملة، وقد صادرها نظام مايو المباد. أما الأستاذ رفعت صالح ضرار وحرمه السيدة كلثوم عمر موسى الأمير يعقوب، فقد افتتحا أول مدرسة متوسطة لتعليم البنات في بورتسودان عدا كمبوني والمصرية والقبطية، حيث لم تكن هناك لا مدرسة حكومية ولا خاصة للبنات في بورتسودان، مما كان يتطلب من تلميذات بورتسودات الصغيرات تجشم مصاعب السفر بالقطار إلى كسلا حيث توجد المدرسة المتوسطة للبنات في كل المديرية التي تتبع لها بورتسودان. ومن المتعلمين البجه الذين رفعوا اسم قومية البجه عاليا بما قدموا من تراث إنساني محلي ووطني وعربي وعالمي، المؤرخ الأستاذ ضرار صالح ضرار، الذي ألف الكثير من الكتب التاريخية والأدبية، كما قام بمراجعة ونشر مؤلفات والده التي بعثت تاريخ البجه. كذلك أستاذ الرياضيات ومعرب كتاب Xحرب النهرZ لونستون تشيرشل، الأستاذ عبد الله محمد سليمان الأنصاري، وهو أول من عزف آلة الكمان بالنوتة الموسيقية في السودان، حيث تعلمها من أستاذه البريطاني في كلية غردون، وهو السوداني الوحيد الذي تحدى صلف مدير كلية غردون البريطاني ورفض الإعتذار له مما كلفه الكثير.
وبعد خروج الاستعمار البريطاني ازداد عدد المدارس نسبيا في البلاد. ونسبة للاستمرار في نفس السياسة التعليمية السابقة، فإن البجه لم يستفيدوا من ازدياد عدد المدارس المحدود. إذ يتم فتح المدارس في المدن الكبيرة حيث البجه أقلية بالإضافة إلى العوامل الأخرى، مثل مشاركة بقية أقاليم (السودان) الأخرى لهم في المدارس والمعاهد التي تسمى قومية بينما كانت قبل عام 1938 توجد مدارس خاصة لأبناء البجه. كذلك كانت لهم حصة معينة في القبول في المدارس المتوسطة وانتهت بخروج الإنجليز Xالمدرسة الثانوية الوحيدة في البلاد تم فتحها عام 1956م (1974)Z. وقد قام الأستاذ الخضر محمد عبد الله بجهود كبيرة لنشر التعليم النظامي في الريف ولكنه جابه مشاكل عديدة لم تثنِ عزمه. (راجع الدراسة التي قدمها في مؤتمر أركويت عام 1975). ومن ضمن ما جاء في الورقة التي قدمها ما يلي Xذهبت مرة في عام 1965م إلى منطقة شمال هيا، بعد أن علمت أن بها عدد غير قليل من المواطنين، لكي أتفق معهم على فتح مدرسة ابتدائية لهم. فوجدت نحو 50 رجلاً تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً حول بئر، وعندما تحدثت معهم في مختلف أوضاع حياتهم، اكتشفت أنه لا يوجد لدى هذه المجموعة أي أطفال غير طفل واحد لا يتجاوز الرابعة. (يموت الأطفال قبل سن الخامسة هذا إذا لم يدركهم الموت مع أمهاتهم في الولادة من سوء التغذية وعدم وجود الرعاية الصحية). زرت مرة أخرى منطقة غرب دورديب، تقع بينها ونهر أتبره، تسمى كوديت، ولكن كانت الزعامات الدينية المحلية تعترض فتح مدرسة لهم. غير أني علمت أيضاً بظاهرة ندرة الأطفال لموتهم مع أمهاتهم معاً وأحصوا لي حالات عديدة للوفاة، كانت تملأ القلب أسى وحسرة ويندر أن تنجو إمرأة واحدة من الموت أثناء الوضوع ... لما كانت قرى المساجد لم تختر مواقعها على أسس علمية أو بسبب علاقات إجتماعية، سوى إقرار المساجد في المكان بأمر ديني، حصلت مجاعات كاسحة في كثير من قرى المساجد في السنوات الأولى. وقد شاهدت في سنة 1965م، بقرية همشكوريب وفيات كان معدلها 7 في اليوم الواحد، ووجدت مرضى كثيرين في حالات حرجة بسبب سوء التغذية، وشاهدت أطفالاً أحياء، ولكن لا تغمض عيونهم ... ولا تنسد أفواههم بسبب الهزال والجوع، وهم هياكل من العظام بغطاء رقيق من الجلد، ولاحظت أن مواقد النيران للأسر الفقيرة مضى عليها وقت طويل دون أن تشعل فيها أي نار، وبالقرب من كل أسرة عدد من حب الدوم بعضها عليها آثار الأكل على بعض أجزائهZ.
التفرقة بالإحصائيات
إن إهمال التعليم بالنسبة للبجه والتفرقة في المعاملة بينهم وبين الشماليين تظهر جلياً في إحصائيات وزارة التربية (العام الدراسي 95/1996م). وقبل هذا يجب أن نعرف أن نسبة الطلاب البجه من جملة الطلاب في المدارس التي في بلادهم هي 5% فقط. وإذا قارنا نسبة المدارس واستيعاب التلاميذ والتلميذات في المدارس، فنجد أن المستوعبين في الصف الأول من مرحلة الأساس ممن هم في سن 6 سنوات من البنين في الولاية الشمالية (690،8) من (206،6) بنسبة (03،140%)، وفي نهر النيل (351،11) من (657،11) بنسبة (37،97%)، وفي البحر الأحمر (725،6) من (798،9) بنسبة (64،68%)، وفي كسلا (308،10) من (981،21) بنسبة (90،46%)، وفي القضارف (790،15) من (907،20) بنسبة (52،75%). وبالنسبة للبنات في الولاية الشمالية (232،8) من (032،6) بنسبة (80،135%) وبالنسبة للجنسين (94،137%)، وفي نهر النيل (677،9) من (726،10) بنسبة (22،90%) وبالنسبة للجنسين (95،93%)، وفي البحر الأحمر (962،5) من (534،12) بنسبة (57،47%) وبالنسبة للجنسين (81،56%)، وفي كسلا (968،7) من (841،23) بنسبة (42،33%) وبالنسبة للجنسين (89،39%)، وفي القضارف (994،12) من (882،20) بنسبة (22،62%) وبالنسبة للجنسين (88،68%).
ونجد أن المستوعبين في مرحلة الأساس ممن هم في سن 6 إلى 14 عاماً من البنين في الولاية الشمالية (509،57) من (873، 55) بنسبة (93،102%)، وفي نهر النيل (384،75) من (021،90) بنسبة (74،83%)، وفي البحر الأحمر (578،36) من (007،76) بنسبة (12،48%)، وفي كسلا (506،55) من (754،167) بنسبة (09،33%)، وفي القضارف (774،79) من (387،155) بنسبة (34،51%). وبالنسبة للبنات في الولاية الشمالية (350،52) من (212،53) بنسبة (38،98%) وبالنسبة للجنسين (66،100%)، وفي نهر النيل (597،70) من (383،87) بنسبة (79،80%) وبالنسبة للجنسين (27،82%)، وفي البحر الأحمر (038،30) من (141،79) بنسبة (96،37%) وبالنسبة للجنسين (04.43%)، وفي كسلا (980،46) من (477،156) بنسبة (02،30%) وبالنسبة للجنسين (61،31%)، وفي القضارف (592،63) من (088،149) بنسبة (72،42%) وبالنسبة للجنسين (03،47%).
ونجد أن المستوعبين في المرحلة الثانوية من البنين في الولاية الشمالية (330،11) من (031،19) بنسبة (61%)، وفي نهر النيل (309،17) من (425،30) بنسبة (57%)، وفي البحر الأحمر (101،7) من (683،27) بنسبة (7،25%)، وفي كسلا (701،6) من (570،55) بنسبة (6،11%)، وفي القضارف بنسبة (30،14%) للجنسين. وبالنسبة للبنات في الولاية الشمالية (849،12) من (540،17) بنسبة (25،73%) وبالنسبة للجنسين (94،66%)، وفي نهر النيل (292،20) من (150،30) بنسبة (29،67%) وبالنسبة للجنسين (54،62%)، وفي البحر الأحمر (058،5) من (846،21) بنسبة (15،23%) وبالنسبة للجنسين (58،24%)، وفي كسلا (171،6) من (541،50) بنسبة (21،12%) وبالنسبة للجنسين (91،11%). من هذا يتضح أن وجود كل المسؤولين في الدولة من الولاية الشمالية أدى لتركيز السلطة في أيديهم ومن ثم استئثارهم بالتعليم ضمن ما اختصوا به إقليمهم من مكاسب غير شرعية أخرى على حساب ذهب البجه ومواردهم الأخرى.
المدارس في ولاية القضارف
التعليم قبل الأساسي
يبلغ عدد رياض الأطفال حسب إحصائية 98/99، (120)، منها (5) خاصة. عدد التلاميذ والتلميذات بها (6664)، منهم (3903) ذكور، و(2761) إناث. عدد المرشدات بها (217).
مدارس الأساس والثانوي
يبلغ العدد الكلي لمدارس مرحلة الأساس في ولاية القضارف حسب إحصائية 98/99، (513) مدرسة. ويبلغ عدد التلاميذ الكلي في المدارس الحكومية في مرحلة الأساس من الجنسين (142885) وكان عددهم قبل عام (129820)، منهم (75042) تلميذاً، و(54788) تلميذة. وعدد المعلمين والمعلمات بها (4492). عدد المعلمين والمعلمات (4492). ويبلغ عدد المدارس الثانوية الحكومية الأكاديمية (67) والفنية (11) مدرسة، منها خمس مدارس فنية، منها صناعيتان وواحدة تجارية وواحدة فنية ومعهد ديني وتجاريتان إنشائيتان. ويبلغ عدد طلاب وطالبات المدارس الثانوية الأكاديمية (12563)، والفنية (2276)، منهم (1446) طالباً و(830) طالبة. عدد المعلمين والمعلمات بها (561). توجد (6) مدارس ثانوية خاصة. عدد تلاميذها (426)، وتلميذاتها (280). والمعلمين (54)، والمعلمات (16).
تعليم الكبار
تتبع ولاية القضارف منهجية جديدة في مجال محو الأمية (للعالم البرازيلي بالو قريري) تعمل على ربط برامج محو الأمية ببرامج التنمية المحلية، تطبق لأول مرة باللغة العربية في العالم. حسب تقرير الولاية فقد تم محو أمية (176479) شخص من مجموع (531663) شخص في الفترة من 91 إلى مايو 99. المتبقي من الأميين (337821) شخص. عدد المعلمين (68)، والمعلمات (136)، والمتطوعين (1329). يوجد (15) مركزاً للثقافة الغذائية. تعمل بها (26) مرشدة.
المساجد والخلاوي والكنائس في القضارف
يوجد في ولاية القضارف (518) مسجد، و(1019) خلوة، و(960) زاوية، و(22) كنيسة.
مدارس اللآجئين والجاليات
عدد مدارس اللآجئين والجاليات (23)، والتلميذ (3491)، والتلميذات (3105)، والمعلمين (158).
المدارس في ولاية كسلا
يبلغ العدد الكلي للمدارس لمرحلة الأساس في ولاية كسلا(1999م)، (351) مدرسة، عدد المعلمين والمعلمات بها (3914). منها 132 مدرسة للبنين، و(111) مدرسة للبنات، و(108) مدرسة مختلطة. أقفلت منها 36 مدرسة جراء الحرب الأهلية الدائرة في حدود الولاية Xالأستاذ أحمد ترك وزير التعليم أكتوبر 1999مZ. ويبلغ عدد المدارس الخاصة والشعبية (41) مدرسة، والتلاميذ والتلميذات في هذه المدارس من أبناء وبنات الإخوة الإريتريين، وتتلقى هذه المدارس الدعم من المنظمات الدولية والأجنبية والإسلامية واشتراكات مجالس الآباء. ويبلغ عدد التلاميذ الكلي في المدارس الحكومية في مرحلة الأساس من الجنسين (98049)، منهم (55438) تلميذاً، و(42611) تلميذة. ويبلغ عدد المدارس الثانوية الحكومية الأكاديمية والفنية (44) مدرسة، منها (32) للتعليم الأكاديمي، و(12) الفني، أما الخاصة فعددها (10) مدارس ثانوية بالإضافة إلى (4) معاهد دينية. ويبلغ عدد طلاب وطالبات المدارس الثانوية الأكاديمية (9468)، منهم (4548) طالباً و(4920) طالبة، وعدد المعلمين والمعلمات (636). أما المدارس الفنية فعدد طلابها من الجنسين (2313)، منهم (1065) طالباً، و(1248) طالبة، وعدد المعلمين والمعلمات (81).
المدارس في ولاية البحر الأحمر
التعليم قبل المدرسي
مؤسسات التعليم قبل المدرسي تشمل الخلاوي ورياض الأطفال. يلاحظ في توزيع هذه المؤسسات، إنتشار الخلاوي في كل محافظات الولاية، بينما يقتصر وجود رياض الأطفال على محافظتي البحر الأحمر (3،79%) وسنكات (7،20%). يتضح من العرض أن رياض الأطفال بالولاية ما زالت مؤسسات حضرية توجد بالمدن خاصة بورتسودان إضافة إلى سنكات وهيا وجبيت ودورديب. وهي أحد مجالات الاستثمار لرأس المال الخاص بمدينة بورتسودان. من مجموع رياض الأطفال ببورتسودان (98) نجد أن (1،53%) تابعة للقطاع الخاص بنسبة استيعاب تمثل (8،46%) وبها (2447) دارساً من الجنسين، والرياض الحكومية ببورتسودان (46)، بها (2781) دارساً من الجنسين. اجمالي عدد رياض الأطفال في الولاية (110) والدارسين فيها (6025) من الجنسين، منهم في الخاصة (2447)، وفي الحكومية (3578). ويبلغ عدد الخلاوي في الولاية (344) ولا يعرف عدد الدارسين فيها.
تعليم الأساس
مجموع مدارس الأساس في الولاية (295 احصائية 98/99) مدرسة، بمتوسط مدرسة لكل (2468) شخص (لا توجد مقارنة مع النسبة الموجودة في ولايتي النيل والشمالية يرجى مراجعة احصائيات وزارة التربية). توزيع هذه المدارس يشير إلى أن (7،39%) هي مدارس بنين و(3،28%) مدارس بنات، بينما تشكل المدارس المختلطة (32%). نصف مدارس الولاية ببورتسودان، بمعنى آخر لا يستفيد منها البجه شيء، لأنهم في الريف. تشير النسبة المقارنة، بين عدد السكان والمدارس، إلى أن محافظة حلايب هي أكثر المحافظات فقراً من حيث توفر خدمات تعليم الأساس، حيث توجد مدرسة واحدة لكل (6219) شخصاً في المتوسط، مقارنة بـ (2575) شخصاً في محافظة البحر الأحمر، و(2409) شخصاً في كل من محافظتي سنكات وتوكر على التوالي. مجموع مدارس الأساس في الولاية (295)، منها (130) بنين، و(84) بنات، و(81) مختلطة. مجموع التلاميذ الملتحقين بمرحلة الأساس، بالمدارس الحكومية بالولاية (436،66) تلميذاً وتلميذة، منهم (37903) (3،55%) ذكور، و(28533) (6،44%) إناث. تتفاوت نسب التوزيع النوعي هذه بين المحافظات، حيث تصل إلى (70%) للذكور في محافظة حلايب، و(3،63%) و(2،61%) في كل من محافظتي توكر وسنكات على التوالي.
في محافظة البحر الأحمر تمثل نسبة الذكور (2،53%) بزيادة ضئيلة نسبياً على عدد الإناث. وفي الريف تقل نسبة الإناث في المدارس لأسباب اجتماعية واقتصادية وعدم وجود مدارس كافية وبعدها وسوء توزيعها وغيرها مما يفسر ارتفاع نسبة الأمية بين الإناث فيها. يشكل الأطفال في سن تعليم الأساس (6ــ14 عاماً) حوالى (20%) من مجموع السكان بالولاية، نجد أن غالبية الأطفال (4،52%) في ريفي الولاية، هم خارج نطاق التعليم الرسمي. تصل نسبة هؤلاء حوالى (94%)بمحافظة حلايب، و(75%) في محافظة توكر.
يضاف إلى أعداد الأطفال الملتحقين أعلاه، أعداد التلاميذ بمدارس المجموعات الخاصة، وهي، تحديداً مدارس الرحل ومدارس النازحين. توجد مدارس الرحل في ريف الولاية، وعددها 10 مدارس، منها 3 للبنين والبقية مختلطة، ومجموع تلاميذها (577)، بمتوسط (58) تلميذاً للمدرسة، مما يوضح ضعف الإقبال عليها نتيجة لأسباب بها أو مرتبطة حولها. تتركز مدارس النازحين في محليات مدينة بورتسودان، (31) مدرسة، و(5) مدارس في سواكن. مجموع تلاميذ هذه المدارس (2612)، أي بمتوسط (57) تلميذاً للمدرسة، ويعزى هذا إلى أنها جميعاً حديثة الإنشاء، ولم تتعد الصف الثالث أو الرابع.
في شهر يونيو العام 2003م جاء في صحيفة الرأي العام Xشرعت ولاية البحر الأحمر في إعداد مشروع متكامل لإعادة الداخليات بمدارس الولاية كافة حسب توجيه رئيس الجمهورية بعد أن ثبت أن إغلاق الداخليات أسهم بصورة مباشرة في زيادة الفاقد التربوي بالولاية.
وقال الأستاذ عثمان إبراهيم شوف وزير التربية والتعليم بالولاية إن الولاية نفذت تجربة ناجحة بإنشاء X12Z داخلية بمدارس الريف في السنتين الأخيرتين أبرزا تحسناً كبيراً بتلك المدارس مقارنة بالمدارس الأخرى مشيراً إلى أن عدد الجالسين لإمتحان الأساس X8Z آلاف طالب وطالبة حققوا نجاحاً بنسبة X69%Z مع تحصيل جيد. وكشف وزير التربية عن خطة متكاملة لتأهيل المعلمين واستيعاب X450Z معلماً جديداً لسد النقص. وذكر بأن الولاية رصدت مبلغ X05،1Z مليون دينار للمعلمين ليتم استثمارها في مشروعات التعليم نفسها.
المعلمون
يبلغ مجموع معلمي مرحلة الأساس بالولاية (2928ــ 98/99م) من الجنسين، الذكور (1085)، والإناث (1810)، منهم (4،66%) في محافظة البحر الأحمر، و(1،20%) في محافظة سنكات، و(6،10%) في محافظة توكر، و(9،2%) في محافظة حلايب. متوسط عدد التلاميذ مقابل المعلم الواحد (27) تلميذاً، غير أن هذا الرقم يتأرجح بين (27) تلميذاً في محافظة البحر الأحمر و(11) تلميذاً في محافظة حلايب. هذه النسبة ناتجة عن نقص التلاميذ عن المعدل العادي في المدارس ولا يعني أن عدد المعلمين كبيراً أو كافياً، فهناك العديد من المدارس التي يقل فيها عدد المعلمين عن القوة المحددة مما ينتج عنه تأخر الدراسة لشهور طويلة. وبالرغم من قلة عدد طلاب الصف مقابل المعلم إلا أن نتائج المدارس ضعيفة جداً. وفي النهاية فهناك هدر في الكفاية الداخلية بسبب قلة عدد التلاميذ في المدارس، وغالبية الأطفال الذين يفترض أن يكونوا في المدارس هم خارجها. يشير التركيب النوعي للمعلمين إلى ارتفاع نسبة الإناث (5،62%) مقارنة بالذكور (5،37%). وعموماً يتناسب عدد الإناث طردياً مع درجة التحضر، حيث تصل نسبة الإناث إلى (1،72%) في ولاية البحر الأحمر، و(3،31%) في محافظة حلايب. نسبة المعلمين المدربين في المتوسط للولاية هي (56%)، مما يجعل أمر تدريب المعلمين والمعلمات إحدى الأسبقيات الهامة في حقل التعليم في بلاد البجه.
التعليم الثانوي الأكاديمي الحكومي
يبلغ مجموع مؤسسات التعليم الثانوي الأكاديمي الحكومي بالولاية، 31 مؤسسة، تتوزع بالتساوي تقريباً بين البنين (16) والبنات (15). متوسط عدد السكان، مقابل المدرسة الواحدة، للولاية هو (21656) شخصاً. وبالرغم من قلة المدارس إلا أن محافظة توكر هي الأفقر. مجموع الملتحقين بهذه المدارس (8667) تلميذاً وتلميذة، منهم (51%) ذكور و(49%) إناث. غير أن هذا التوزيع يتباين جغرافياً حسب المحافظة، حيث تنخفض نسبة الإناث إلى (5%) في محافظة حلايب. توزيع الطلاب حسب الداخليات، يوضح أن كل طلاب الداخليات بمحافظة حلايب هم من الذكور مما يشير إلى عدم وجود داخلية للبنات مما يقلل من فرص تشجيع سكان الريف على الوصول ببناتهم إلى مستوى التعليم الثانوي (هذا ينطبق على كل ريف البجه). يشير توزيع المعلمين إلى أن (8،88%) من مجموع المعلمين هم في محافظة البحر الأحمر (مدينة بورتسودان) ويعكس هذا التفاوت الشاذ في رتب المراكز الحضرية بالولاية (بورتسودان تعادل 22 ضعف المدينة الثانية بالولاية، سنكات/ توكر). يشير التوزيع النوعي للمعلمين إلى أن الأغلبية (3،54%) من الإناث، وتصل هذه النسبة إلى (5،75%) في محافظة البحر الأحمر. يبلغ عدد معلمي التعليم الثانوي الأكاديمي الحكومي (402) من الجنسين، منهم (167) ذكور (7،45%)، و(235) إناث (3،54%). عدد الطلاب بالنسبة للمعلم في الولاية (22). توجد بالولاية (5) مدارس فنية مجموع طلابها (934) منهم (8،41%) إناث. أصبح حقل التعليم الثانوي الأكاديمي أحد ميادين الاستثمار الخاص، وهذا واضح في مدينة بورتسودان. عدد المدارس الثانوية الخاصة بالمدينة يشكل (50%) من مجموع المدارس الحكومية، بينما يشكل طلابها (31%) من مجموع طلاب هذه المرحلة. يتركز التعليم المهني ومعاهد تعليم الكمبيوتر في مدينة بورتسودان. عدد مركز التدريب المهني (1) والدارسين به (136) دارساً. وعدد مركز الكمبيوتر (4) بها (132) ذكور، و(166) إناث.
تمويل التعليم
تعليم الأساس
أسند قانون الحكم الفيدرالي إلي المحليات مسؤولية تعليم الأساس. بالنظر إلى تفاصيل الصرف على هذا القطاع يتضح جلياً أن هذا الصرف يقتصر على الفصلين الأول والثاني فقط (يوجد 44 ضابط إداري بالولاية، جيش! وكان يدير الولاية كلها في الماضي معتمد بالدرجة دي إس). هذا يشير إلى عجز كل المحليات بالولاية عن تمويل الفصل الثالث (التنمية)، والذي هدفه تجويد وتركيز العملية التربوية وتهيئة البيئة المدرسية الصالحة من خلال تدريب المعلمين، توفير الكتب، والوسائل التعليمية، التربية العملية وتكثيف النشاط الطلابي ... إلخ. كل هذا جعل مشروعات التنمية في مجال التعليم متخلفة وتعتمد على الدعم الإتحادي التي يأتي بمزاج النخبة الشمالية الحاكمة. تراوحت نسبة الصرف على قطاع التعليم من جملة الدعم التنموي العام 94/95 (10%). يشير جدول الإنفاق الولائي إلى: ارتفاع نسبة الصرف على الفصل الأول والذي يشكل حوالى (5،82%) من جملة الصرف العام 97/98م. وصلت هذه النسبة إلى (5،90%) في محافظة توكر و(7،85%) في محافظة البحر الأحمر. ارتفعت نسبة الصرف على الفصل الأول في محلية الشرقي العام 96/97 بزيادة سنوية تعادل (4،47%) ووصلت هذه الزيادة إلى (2،73%) في محلية الأوليب و(2،55%) في محلية الجنوبي. على مستوى الولاية ارتفعت نسبة الصرف على هذا الفصل من (7،56%) العام 96/97م إلى (5،82%) العام 97/98م.
بينما شكل الصرف على الفصل الثاني (6،31%) من جملة الصرف على الفصل الأول في محلية الجنوبي العام 96/97، نجد أن النسبة وصلت إلى (4،67%) العام 97/98. في محلية القنب ارتفعت النسبة من (5،33%) العام 96/97 إلى (310%) العام 97/98. في محلية عقيق إنخفضت النسبة من (3،83%) إلى (3،3%) Xهذا الإنخفاض ليس ترشيداً للإنفاق ولكنه نتج عن خروج منطقة جنوب توكر من سيطرة الحكومة في مارس العام 1997 إلى سيطرة قوات المعارضة وتوقف الحكومة عن تزويد المنطقة بالخدمات وغيرها، وهذا التحليل بصورته هذه يخفي الحقائق ويعكس معلومات غير صحيحة تجعل المرء يشك في كل كلمة وردت في هذه الموسوعة التي صرف عليها من أموال الشعب ــ المؤلفZ.
الأمية وتعليم الكبار
ترتفع الأمية في ولاية البحر مثل باقي ولايات البجه خاصة في الريف، حيث تصل إلى (158734) بنسبة (8،79%) للجنسين، وترتفع النسبة أكثر بين النساء في الريف (81%)، ولدى الرجال (74%). وتصل في المناطق الحضرية إلى (105493) بنسبة (8،34%) للجنسين، وتصل لدى النساء (5،43%)، ولدى الرجال إلى (26%). ويوجد بالولاية 183 فصلاً لتعليم الكبار، منها (1،66%) بمحافظة البحر الأحمر، و(6،18%) بمحافظة سنكات، و(7،8%) في محافظة توكر، و(6،6%) بمحافظة حلايب. تمثل فصول الرجال (2،55%) من المجموع الكلي للفصول في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات الأمية أكثر بين النساء. مجموع الدارسين بهذه الفصول (6661) دارساً منم (2،57%) ذكور، و(8،42%) إناث. توزيع المعلمين لصالح الحضر حيث يوجد منهم في البحر الأحمر (6،65%)، وفي محافظة حلايب (7،6%) فقط. وتبلغ نسبة المعلمين الذكور (6،55%) والإناث (4،44%).
يبلغ عدد المدارس في محافظة حلايب 10 مدارس ابتدائية فقط (من دراسة للأستاذ محمد الأمين حمد في ديسمبر 1992م، وهو من زعامات البجه المتعلمين وتولى مناصب عامة عديدة وأسهم في مبادرات لتطوير البجه)، منها 9 للبنين ومدرسة واحدة للبنات. ولا توجد أية مدرسة متوسطة أو مهنية ومن البديهي لا توجد مدرسة ثانوية. ومجموع التلاميذ والتلميذات يقل عن الألف وهو يقل عن عدد تلاميذ مدرستي حي وسط مدينة بورتسودان (بنين وبنات) الابتدائيتين (ا. هـ). أما في جنوب توكر، حيث توجد عشرون قرية، فتوجد 17 مدرسة ابتدائية يقل تلاميذها عن (2624) تلميذاً وتلميذة. وتوجد في محافظة توكر 42 مدرسة أساس تقابلها مدرسة ثانوية واحدة فقط في مدينة توكر وهي بدون داخلية أيضاً. أقفلت كل مدارس القرى الواقعة جنوب توكر جراء الحرب الأهلية الدائرة هناك من 27/3/1997م، وتشتت التلاميذ والتلميذات بلا تعليم في البلاد (ديسمبر 1999م). وكذلك الحال في مجلس ريفي منطقة بورتسودان الذي يشكل 99% من مساحة محافظة البحر الأحمر، وينسحب هذا على كل ريف بلاد البجه الشاسع.
تعليم الكبار والتنمية
ولا توجد مراكز لتنمية المجتمع وتعليم الكبار، فالأمية بين الكبار تبلغ نسبتها 100% بين النساء و99% بين الرجال. وتقل مدارس البنات كثيراً عن مدارس البنين. وتنتشر ظواهر العزوف عن التعليم، بين البنات بصفة خاصة بسبب عدم التوعية الاجتماعية. أما الأسباب المشتركة لعزوف البنين والبنات عن التعليم وانتشار ظواهر التسرب والهروب من المدارس فمنها، اعتماد الأسر على الأبناء اقتصادياً في الرعي والزراعة، وبعد المدارس عن القرى، والجهل باللغة العربية الذي يجعلهم اضحوكة أمام المعلمين وزملائهم من غير البجه، والفقر، حيث لا يستطيعون توفير الملابس المدرسية والمستلزمات الأخرى، وكذلك انعدام الخبز لعمل السندويتشات لوجبة الفطور. إن هذا ينسف الجهود المبذولة ليصبح المردود الاستثماري المتوقع للقليل الذي يقدم للتعليم بدون عائد. فكثير من المدارس كما هو واضح لا يتقدم منها أي تلميذ أو تلميذة إلى المرحلة المتوسطة ولعدة سنوات. كما أن التعليم الفني والثانوي متمركزين في المدن الكبرى لكي يستفيد منهما غير البجه سكان الأرياف وأصحاب الحق.
لقد كان هدف الاستعمار من ادخال التعليم في السودان، هو ايجاد قطاع من الإداريين والموظفين يمتثلون بأمره، ويسيرون في ركابه. وهذا النوع من التعليم بعيد عن الأهداف الوطنية لكل أمة، حيث يجب أن تضم مقررات التعليم تراث وتاريخ البجه وأن تتم تنشئة الطلاب بصورة وطنية حتى يكونوا رجالا صالحين لوطنهم، يدفعهم حب الوطن والاخلاص له لتحصيل المزيد من التعليم وذلك بما يتم غرسه في نفوسهم من قيم وطنية ومباديء قومية، في اطار ما يتلقونه من مواد التربية الوطنية.
إن الفترة الطويلة التي قضاها الاستعمار البريطاني في (السودان) مكنته من تنفيذ سياسته الرامية إلى تحطيم حضارات الشعوب العريقة، وزعزعة الثقة في نفوس أصحاب البلاد المستعمرة، وتشكيكه لهم في قدراتهم وامكاناتهم المعنوية والمادية. وكان للحرب التي قادها البجه في القرن التاسع عشر ضد بريطانيا أثرا مباشرا في انتهاج الاستعمار البريطاني لسياسة معادية للبجه طيلة حكمه للسودان، ولا زال البجه يعانون آثارها حتى اليوم خاصة الإشاعة الكبرى التي أطلقها الإنجليز، ومن بعده الشماليون، بأن البجه لا يرغبون التعليم بينما هناك أسباب كثيرة تقف حائلا بينهم وبين التعليم أهمها حاجز اللغة.
إنه من المحتم بطبيعة الحال أن تلعب السلطة دورا معينا في إقامة تعليم رمزي، بأمل تشجيع قطاع من البجه المتعلمين (المسئولين) الذين يمكن أن يضطلعوا بدور الحلفاء السياسيين، بيد أن هذا التعليم كان لحفنة قليلة فقط - وكان هدفه إنتاج صورة فوتوغرافية لأصل أجنبي، بدلا من المساعدة على التقدم الثقافي للبجه أنفسهم.
المتعلم البجاوي
إن المتعلم البجاوي واقع تحت تأثيرين متعارضين. فمن ناحية يحاول المسيطرون اغراءه واغواءه بمنحه بعض الامتيازات المحدودة، وقتل كبريائه القومي واخلاصه للوطن من خلال عملية خبيثة متعمدة قوامها القضاء على طابعه البجاوي وصبغه بالصبغة الأجنبية. ومن الناحية الأخرى فسبب تلهف السلطة على أن تحتفظ بين يديها بكل الخيوط الرئيسية، وبسبب رغبة المستوطنين في الاستئثار بكل الوظائف والمهن الممتازة، يجد البجاوي مطامحه سواء بالنسبة لنفسه أو بالنسبة لقومه بأسرهم، تتعرض بصورة دائمة للمقاومة والاحباط. وهكذا لا يدرك لا مصالحه الشخصية، ولا مصالح الجماعة التي ينتمي إليها، ولا حضارة شعبه بأسرها يمكن أن تخطو إلى الأمام ما دام السيطرة جاثمة على صدر بلاده. والطبيعة المزدوجة الواقعة على المتعلم البجاوي - أن يحصل على امتيازات تضعه في مرتبة أعلى بالنسبة لباقي شعبه، ومع ذلك يكون خاضعا خضوعا تاما للحكام في الخرطوم، ولا يقدم أي شيء لأهله، بالرغم من أنه وصل للمنصب عن طريق أهله، وهذا ما يفسر مظاهر الحيرة وعدم الحسم بل التحولات المفاجئة من موقف متطرف إلى آخر، التي كثيراًbما ميزت دورهم في الحركة القومية. وكثير من الذين يتولون منهم مناصب يتسمون بالسلبية مقارنة برصفائهم من الشماليين، ويستغل البعض أهله البجه لصالح السلطة، بينما العكس هو الصحيح. ولولا تصعيد معارضة البجه لنشاطها لما حصل هؤلاء على شيء من الإنقاذ، فكلما XسخنتZ استفادوا أكثر وهم انتهازيون يعرفون هذا ولكنهم ينافقون ويتبرأون حتى من أهلهم. ولا يعني هذا أن كل المتعلمين البجه سيئين، فالقلة هي التي تجري وراء مصالحها الخاصة، مثلما يحدث في كل العالم، ومع ذلك فإن تأثير المتعلمين هام، ولا يوجد حزب وطني واحد في العالم لا يلعب فيه المثقفون دورا ًمؤثراً. وهناك نفر من المتعلمين البجه نذروا أنفسهم لخدمة أهلهم مثل الدكتور طه بليه الذي هجر العمل في بلاط إمبراطور إثيوبيا ليعمل في بلاط المزاورية، وذلك الطبيب البجاوي الذي نصب خيمة في هيا أيام مجاعة العام 1985. أما الدكتور سيد أحمد الذي يسافر للمحطات الخلوية متطوعاً بتقديم العلاج والدواء مجاناً، فهو مثال يحتذى. ومن هنا نناشد الأطباء البجه الذين يعملون بالداخل والخارج، أن يقدموا لأهلهم العلاج والدواء وأن يمنحوهم شيئاً من علمهم لأن الحكومات لا تقدم شيئاً للبجه. وهناك من البجه من يحتمي من مساعدة أهله بستار من التدين المظهري، ويسافر للعمرة والحج مرات ومرات ولا يعرف أن أهله بحاجة إلى شربة ماء من بئر تحتسب صدقة جارية.
معوقات التعليم
ويعتبر شظف العيش لدرجة لا تكفي لشراء ملابس، وعدم توفر المياه والأكل في المدارس، من أسباب تغيب الطلاب البجه عن المدارس القليلة الموجودة في ريف بلادهم. بالإضافة إلى عدم توفر الأمن والرعاية الصحية والاجتماعية، وعدم استقرار السكان الرعاة الرحل، وبالرغم عن اعتماد ميزانيات منخفضة لمقابلة نفقات ايواء وترحيل وتغذية الطلاب فإنها لم تكن كافية لهم، بالإضافة إلى التسيب في توزيعها. كما كان هناك من يمنعون بنات وأبناء أتباعهم من دخول المدارس بدعوى أنها مفسدة لهم. وقد قاوم زعماء الطريقة الختمية ادخال التعليم في بلاد البجه خاصة في سنكات، ففي الأربعينات حاول كل من السيد محمد صالح الشنقيطي والمؤرخ محمد صالح ضرار، فتح مدرسة إبتدائية في سنكات فقاوم الختمية ذلك. وأذكر في الستينات سفر والدي وأنا معه بصحبة مفتش التعليم آنذاك المرحوم الشيخ القدال سعيد القدال، خلال تفقده للمدارس الإبتدائية في مديرية كسلا (كانت تشمل ولايات كسلا والقضارف والبحر الأحمر)، حيث كان الوالد يقوم بجهود طوعية لحث التلاميذ والمعلمين على مواصلة التعليم في المناطق الريفية القاحلة. وبينما يفرض بعض خلفاء الختمية الجهل على البجه، فإنهم يشجعون غيرهم على التعليم. فقد أرسلوا آلاف الطلاب الشماليين للتعلم في مصر وسوريا والعراق، خاصة في عهد نظام مايو المندحر. أما من حيث المدارس نفسها، فهي أعداد في إحصائيات أكاذيب الدولة، إذ أنها تفتقر لأبسط مقومات المدرسة، من مقاعد وطاولات ودفاتر وكتب وغيرها. ومن حيث المباني فهي في حالة يرثى لها، خاصة مساكن المعلمين والمديرين، مما جعلهم يهجرون مواقع عملهم في كل فرصة مواتية، ومعظم شهور السنة تظل المدارس بلا معلمين، وربما يدرس أوفر التلاميذ حظاً ثلاثة أشهر في السنة. وبالرغم من وضع المدارس المتدني، فإن الدولة لا تستح في التبجح بنشر التعليم العالي وإفتتاح جامعات وهمية، وصرف الأموال في نشر هذه الأكاذيب الإعلامية والجامعات الوهمية بدلاً عن إنفاقها لتقويم مدارس الأساس المنهارة، خاصة في الريف حيث معظم مدارس الأساس في محافظات كاملة لم يتقدم منها أي تلميذ للمرحلة الثانوية ولسنوات عديدة متعاقبة.
إن الاهتمام بتعليم يلبي متطلبات البلاد هو الطريق الوحيد لتطوير شعب البجه بالإضافة إلى الاهتمام بالثقافة وقيام معاهد للغة وتراث البجه، ومحاولة إيجاد تجمعات مستقرة للرحل حول مناطق المياه والكلأ تتوفر فيها المرافق الصحية، والاجتماعية .
وإنه للحصول على نتيجة أفضل في التعليم في بلاد البجه يجب إقامة المدارس بعد دراسات إحصائية وإجتماعية، وتحسين مبانيها وإيجاد السكن المناسب فيها للتلاميذ والمعلمين وتقديم الوجبات المجانية للتلاميذ بالإضافة إلى الملابس. كما أن وجود معلمين من أبناء البجه أنفسهم يجعل التفاهم أكثر سهولة بين المعلمين والطلاب خاصة وأن البجه يتحدثون لغة مختلفة عن اللغة العربية. مما يتطلب وجود مدارس خاصة بالبجه تكون فيها دروس اللغة العربية أكثر تدرجاًbوسهولة وتدرس باللغتين البجاويتين على أساس أنها لغة جديدة، إذ أن دخول أبناء البجه في منافسة مع أبناء الأقاليم الأخرى الذين يتحدثون العربية (كلغة أم) يجعل أبناء البجه يتحرجون من نطقهم للكلمات العربية وكذلك يفقدون فرصهم في المراحل التعليمية المتقدمة بالإضافة إلى هذا فإن طبيعة البجاوي الرعوية ذات النزعة الاستقلالية والفردية يجب أن يوضع لها اعتبار، كما تقام مدارس متنقلة في مناطق الرحل لأن المجتمع الرعوي تحتاج فيه الأسرة إلى مجهودات كل أبنائها في كسب الرزق.
لقد كانت بلاد البجه في الماضي غنية بالمدارس التي تعلم (القرآن) والتي كان يقيمها العلماء والفقهاء وكانت ذات أثر جيد في محو الأمية، ولكن الآن اندثر هذا النوع من التعليم السلفي بدخول المدارس الحديثة التي لم تستطع أن تستوعب كل من يصل إلى السن المقررة لدخول المدرسة. ومن هذا يتضح أن هناك من فاتهم التعليم وصاروا اليوم شبابا أو شيوخا خاصة النساء، والاهتمام بهذه الفئات واجب عن طريق فتح مدارس محو الأمية.
(35) إن التعليم في البلاد يحتاج إلى دراسة وتقييم خاصة ريفه والمناطق الأشد تخلفا، حتى يمكن ترشيده وتنفيذ خطة ذات فعالية ترصد لها ميزانية استثنائية على ضوء خطة خمسية لتطوير التعليم خاصة في الريف ليتمكن من مسايرة ركب التطور الذي يملأ عالم اليوم كذلك إنشاء معاهد لتدريب المعلمين والمعلمات من أبناء البجه وإنشاء معاهد فنية وابتعاث شباب البجه للخارج لدراسة التكنولوجيا والمهارات الحرفية.
كما يجب الاهتمام بالمدارس الموجودة بالأرياف وسد حاجتها من مدرسين ومدرسات من أبناء وبنات الريف بشروط خاصة كما يتاح لهم التدريب المناسب.
أما حاجز اللغة والذي يعتبر عقبة في استمرارية الطفل في التعليم فيجب أن يذلل بالاستعانة بالمؤسسات التعليمية ذات الاختصاص في تدريس اللغة العربية للبجه. أما عدم صرف مرتبات المعلمين فقد أدى إلى إفراغ البلاد من المعلمين وهجرتهم للعاصمة والشمال حيث تتركز السلطة والثروة وتتوفر المرتبات والحوافز والدخل الإضافي من الدروس الخاصة.
التعليم الفني والمهني
كذلك فإن الحاجة إلى كوادر فنية في مجال الزراعة والصناعة تدعو للإهتمام بالتعليم المهنى والزراعي للمساعدة في تطور البجه لمواكبة عصر الصناعة والتكنولوجيا كما تبرز الحاجة إلى إنشاء معاهد ومدارس للتدريب المهني والصناعي والاجتماعي لتوفير الكوادر المؤهلة في شتى مجالات الإنتاج بما يساعد على ربط الطلاب بمناطقهم، كما يساعد على تنمية هذه المناطق صناعيا وزراعيا وإجتماعيا، والاستفادة من ثرواتها ومواردها الطبيعية.
إن السكن الداخلي ضرورة للطلاب والطالبات في كل مراحل الدراسة نسبة لبعد المدارس عن قرى الطلاب وعدم توفر غذاء لوجبة الفطور صالح للحمل للمدرسة.
ولتحقيق ثورة إجتماعية واقتصادية تدفع بالبجه بخطوات أسرع لا بد من إعلان برنامج محدد ومكثف لمحو الأمية في البلاد في فترة معينة وتوفير التمويل والإمكانات المادية والبشرية اللآزمة لهذه البرامج.
الاهتمام بالإدارات والمدارس
كذلك خلق مناخ مناسب لإدارات التعليم في البلاد وللمعلمين والمعلمات العاملين تحت ظروف قاسية في مناطق الريف النائية وتسهيل السكن وسبل الاتصال بهم. والاهتمام بالمدارس وصيانتها ومدها بالأدوات اللآزمة خاصة في مناطق الشدة. والتجاوز المناسب فيما يتعلق بشروط عمر القبول بالمدارس في ريف البلاد. وتوطيد الصلة بين أسرة التلميذ ومدرسته والعمل على توفير اعانات للتلاميذ تساعدهم على الاستمرار في الدراسة والاهتمام بالحالة الاجتماعية للطلاب وأسرهم ووضعها تحت اشراف أخصائيين إجتماعيين.
وحتى تتم الاستفادة القصوى من مباني المدارس الموجودة يجب استقبال الطلاب للدراسة على نوبتين واحدة في الصباح وثانية بعد الظهر ويتم في الأخيرة قبول من زادت أعمارهم عن سن القبول الرسمية المحددة. وعلى جانب المواطنين البجه، فيجب على الشباب منهم أن يتطوعوا لمحو الأمية ونشر التعليم كل في منطقته، على أن يقوم بها طلاب الجامعات والمعاهد العليا أثناء عطلاتهم الدراسية، كما يقوم بها خريجو الثانوي والجامعات كل لمدة عام دراسي قبل إلتحاقه بأي وظيفة. لأنه من الواضح أن الحكومات لن تقدم لهم شيء، لذا يجب أن يعتمدوا على جهودهم الشعبية والإمكانات المتاحة الرسمية والشعبية لتوسيع قاعدة الهرم التعليمي وأن يكون التوسع في فتح المدارس يتم في الريف حيث يوجد البجه الذين يحتاجون للتعليم وليس في المدن حيث يتعرضون لمنافسة غير عادلة بسبب اللغة وغيرها.
?? الصورة: صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، جعل من إمارة الشارقة مركزاً اكاديمياً رائداً يشع منه العلم والثقافة والآداب والفنون ويزخر بصروح التعليم حتى نالت الشارقة جائزة عاصمة الثقافة، وأخذ بأسباب العلوم الحديثة مع التمسك بتعاليم الدين الإسلامي والأصالة العربية. نتمنى أن يشمل بلاد البجه بشعاع من نور العلم الذي ينشره.
صور: جامعة الشارقة في إمارة الشارقة ـــــ الجامعة الأمريكية في إمارة الشارقة
?? الصورة: صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، خصص منحاً لتعليم أبناء البجه في إمارة عجمان
صورة: العميد يوسف بابكر بدري
كلية الأحفاد الجامعية
لا بد هنا من الإشادة بكلية الأحفاد الجامعية للبنات، احدى مؤسسات مدارس الأحفاد، هذا الصرح العلمي والوطني الشامخ الذي شيده الشيخ بابكر بدري بعد أن ألقى السيف مجبراً في معركة كرري ليحمل القلم ويواصل كفاحه الضاري ضد الاستعمار بكل ألوانه. ثم قام العميد يوسف بدري بتطوير مدارس الاحفاد وافتتاح كلية الأحفاد الجامعية للبنات. وواصل مسيرة العلم والوطنية البروفسير قاسم يوسف بدري، الذي عرف من خلال انجازاته الكبيرة وعمله واجتهاده من أجل نشر النور ومحو دياجير الظلمة، فقد عاصر قاسم بداية تشييدها والصعوبات الجمة ولكنه انتصر في النهاية. إن كل شبر من هذا الصرح السامق يشهد له بكده واخلاصه ووفائه وبفضل الله وبقاسم هذا ففي كل بقعة نائية من ربوع وطننا الغالي هناك قبس من نوره وخريجة تنشر العلم والمعرفة والحضارة، بل كذلك وصلت الخريجات إلى مرافيء الغربة ونشرن العبير الطيب في كل بيت سوداني تقريبا سواء بالداخل أو الخارج. ونحن نذكر هنا هذه الكلية لأنها خصصت منحاً مجانية لبنات البجه.