بسم الله الرحمن الرحيم
إعداد : اللجنة المفوضة لطريق الإنقاذ الغربي
المكتب التنفيذي
شكل وزير الطرق و الاتصالات لجنة للتحقيق في طريق الإنقاذ الغربي ، متذرعا بقرار المجلس الوطني رقم (48) لسنة 1999م الصادر في 13/7/1999م ، و مستندا كذلك على قانون لجان التحقيق لسنة 1954م ، و مضت اللجنة ، برغم عدم مشروعية تكوينها لعدم اختصاص وزير الطرق و الاتصالات بطريق الإنقاذ الغربي ، في التحقيق مع القائمين بأمر الطريق من تنفيذيين و أعضاء اللجنة المفوضة ، حتى وصل الأمر إلى فتح بلاغ جنائي واحد شطبته النيابة لعدم كفاية الأدلة .
ثم أدلى وزير الطرق و الاتصالات بتقرير أمام المجلس الوطني الموقر بتاريخ 3/11/1999م ، معتمدا جزئيا على تقارير اللجنة التي شكلها للتحقيق في أعمال طريق الإنقاذ الغربي ، و هي تقارير لم تكتمل مستنداتها و إفاداتها ، في تسارع و تسابق سافر مع الزمن للإدلاء بتقرير مضطرب الإيقاع ، ناقص الحيثيات و البينات ، و قبل عرضه على اللجنة العليا للطريق أو رئيسها أو على مجلس الوزراء ، و في غياب رئيس اللجنة المفوضة الذي كان خارج البلاد … و ربما كان ذلك لاستباق بدء الإجراءات القضائية المتعلقة بالطعن الإداري أمام المحكمة العليا في قرار تشكيل اللجنة ، و ربما خوفا من صدور أمر بإيقاف أعمالها … فلماذا هذه الهمة المصطنعة و وزير الطرق نفسه كان قد تقاعس عن الاستجابة للمجلس الوطني بشأن "مسألة مستعجلة" في الدورة السابقة للمجلس حيث لم يمثل أمام المجلس للإجابة على المسألة إلا بعد أربعة أشهر … فلماذا الاستعجال المخل اليوم ؟
و قد كال الوزير في التقرير التهم الصريحة بحق القائمين على الطريق ، بل سمى أربعة منهم بأسمائهم ، ضاربا بالأعراف البرلمانية عرض الحائط ، ناسبا إليهم تهما جنائية بالاحتيال و التزوير و خيانة الأمانة ، و هي أقصى ما يمكن أن يتصف به مؤتمن على حق عام .
و لكل ذلك ، و حماية لهذا المشروع الاستراتيجي الحيوي و القومي ، كان لزاما على اللجنة المفوضة أن تملك الجماهير قبل المسؤولين تفاصيل الحقائق المتصلة بما أثاره وزير الطرق و أثارته لجنته التي شكلها للتحقيق ، و ما أثارته بعض الدوائر العامة و الخاصة في ذلك الشأن … كل ذلك منعا للتشويش و التضليل و تحريكا للهمم لمواصلة العمل في إكمال تنفيذ طريق الإنقاذ الغربي .
أصدر وزير الطرق قرارا وزاريا رقم (6) في 24/7/1999م شكل بموجبه لجنة للتحقيق ، ثم عدل عن ذلك القرار ، دون أن يلغيه ، و أصدر بعد 19 يوما فقط أمرا وزاريا ، في 12/8/1999م ، وفقا لقانون لجان التحقيق لسنة 1994م ، شكل بموجبه لجنة للتحقيق تكاد تكون مطابقة للجنة الأولى مع تغيير في بعض الأسماء . و فات على وزير الطرق و الاتصالات أن كلا القرار و الأمر غير شرعيين : فالقرار اتخذ من قرار المجلس الوطني الموقر رقم (48) ذريعة ، و ادعى أنه جاء تنفيذا لقرار المجلس ، بينما قرارات المجلس الوطني ، برغم إلزاميتا السياسية و الأدبية ، ليست ملزمة إلزاما جبريا تنفيذيا على الجهاز التنفيذي ، أو على أي وزير فيه ، و حتى لو استهدى بها الوزير فلا يمكنه التصرف في الأمور التي يتناولها قرار المجلس الوطني إلا إذا كان يملك الاختصاص بتلك الأمور ، و هو ما يفتقر إليه وزير الطرق و الاتصالات ، لعدم اختصاصه بطريق الإنقاذ الغربي ، الذي يحكمه قانون خاص ، هو قانون الهيئة العامة لطريق الإنقاذ الغربي لسنة 1996م ، و فيه وضع الطريق تحت "إشراف رئيس الجمهورية" و ليس تحت إشراف الوزير ، خلافا لسائر الهيئات العامة ، و سحبت صلاحيات التنفيذ و الإشراف من الوزير ، و اقتصرت صلته بالهيئة في التوصية بتسمية رئيس مجلس إدارتها و في تعيين خمسة من الخبراء أعضاء في مجلس الإدارة (المادة 12 من القانون) ، و لم يعط القانون الوزير أي صلاحية أخرى غير ما ذكر . أما بالنسبة للأمر الوزاري الذي سعى به الوزير ، في ما يبدو ، لإصلاح العيب في القرار الوزاري المذكور ، فهو باطل أيضا لسبب واضح هو أن قانون لجان التحقيق لسنة 1954م يشترط اختصاص الوزير بالشأن الذي يود أن يشكل لجنة للتحقيق فيه ، و حيث أن الوزير غير مختص بطريق الإنقاذ الغربي فلا يحق له أن يشكل لجنة للتحقيق في أعماله ، وفق للمادة (2) من قانون لجان التحقيق لسنة 1954م .
و هكذا فقد بدأ الوزير بداية خاطئة ، عندما أصدر قرارا باطلا و أمرا وزاريا باطلا ، بتكوين لجنة غير شرعية ، للتحقيق في أعمال طريق الإنقاذ الغربي الذي لا يختص بتنفيذه كوزير … و انتهى الوزير كذلك نهاية خاطئة ، بما أورده في تقريره أمام المجلس الوطني … و عاثت اللجنة تخبطا يرجع سببه الأساسي بجانب بطلان تكوينها ، إلى عدم حيدة أكثر أعضائها حرصا على العمل فيها ، من بطانة الوزير ، مما عطل الكثير من الأنشطة و الأعمال الخاصة بالطريق ، و مما أساء للكثير من القيادات العاملة في مشروع الطريق و مس سمعتهم و مكانتهم ، و شوش على علاقتهم بالممولين الأساسيين للطريق و هم أبناء الشعب السوداني في الولايات التي يمر بها الطريق ، و الذين كان لهم القدح المعلى في التمويل ، و الذي بلغ نصيبهم فيه أكثر من 90 % مقارنة بالمساهمة الرسمية .
و قد لجأ أعضاء و قياديون في اللجنة المفوضة إلى القضاء ، سعيا لإعلان بطلان الأمر الوزاري بتشكيل لجنة التحقيق ، و هو إعلان يرتجى منه أن يبين حقائق الأشياء و يساهم في منع التخبط في العمل الوزاري و إدارة الشؤون العامة ، في مجتمع المشروع الحضاري .
تركزت المغالطات و الادعاءات المتناقضة التي اشتمل عليها تقرير وزير الطرق و الاتصالات أمام المجلس الوطني حول محاور أساسية و أخرى فرعية ، وكانت المحاور الرئيسية هي :
1- الفهم الخاطئ لوزير الطرق و الاتصالات بأنه هو الوزير المختص بطريق الإنقاذ الغربي ؛ و أدى ذلك الخلط إلى أن يوصي بتكوين مجلس إدارة للهيئة في 25 مايو 1999م ، على حد قوله في التقرير (ص 2) ، بدلا من الاكتفاء بما خوله به القانون و هو التوصية حول تعيين رئيس مجلس الإدارة و تعيين خمسة خبراء فقط ، و الباقي هو من عمل رئيس الجمهورية المشرف على الطريق . ثم ان التوصية في ذلك التاريخ المبكر و قبل تاريخ قرار المجلس الوطني رقم (48) في 13/7/1999م يدل على أن الوزير قد نشط في اتجاه طريق الإنقاذ الغربي ، بعد سبات طويل ، منذ وقت ليس بالقصير ، مترصدا تطورات الأحداث على الرغم من عدم الاختصاص ، مبيتا النية على الإفتيات على سلطة تنفيذ الطريق و الإشراف عليه ، في تدبير مخطط و إصرار مسبق . ثم ان الوزير ، وبرغم عدم اختصاصه أورد أنه زود لجنة التحقيق "بالمعلومات والوثائق التي تعينها على أداء مهمتها" ، فمن أين له بتلك المعلومات و هو غير المعني بالتنفيذ و اقتصرت صلته على اللقاءات التنويرية و المناسبات التشريفية ؟ أم إنها معلومات مستقاة بطرق أمنية سرية ؟
2- فهمه الخاطئ بأنه ، و برغم اختصاصه على حد زعمه ، فهو في نفس الوقت غير مسؤول ، و لأكثر من ثلاث سنوات قضاها وزيرا للطرق ، عن أي خطأ في أعمال الطريق ، و قد أدى هذا الفهم المتناقض ، أي الجمع بين "الاختصاص بالطريق" و "عدم المسؤولية عنه" ، إلى توجيه الوزير للعديد من الانتقادات لأوضاع الهيئة ، بعد مضي ثلاث سنوات كاملة لم يحرك فيها ساكنا ، و كأنه اكتشف فجأة في أغسطس 1999م أنه الوزير المختص بطريق الإنقاذ الغربي ؛
3- عدم استيعاب وزير الطرق و الاتصالات لمسؤوليته أو دوره كمقرر للجنة العليا للطريق بحكم منصبه كوزير للطرق و الاتصالات ، و لمدة لثلاث سنوات ، فلم يمارس أي سلطة تليق بذلك الدور ، باعتباره مسؤولا عن التنسيق بين اللجنة العليا للطريق و رئيس اللجنة ، و لم يدل بأي انتقاد كما يفعل الآن ، أو يقدم أي رأي يتعلق بالمسائل التي يثيرها اليوم بعد مرور السنين .
4- الفهم الخاطئ للوزير بأن قرارات المجلس الوطني ملزمة عليه إلزاما جبريا ، و أنها ستجلب له الاختصاص من بوابتها ، بحيث يصبح بسبب قرار المجلس بين يوم و ليلة وزيرا مختصا ، و قد ظهر ذلك الفهم الخاطئ من عبارات في التقرير ، مثل ما جاء في صدر التقرير أن الله قيض له "أن نكمل مهمة كلفنا بها في ختام دورة الانعقاد الماضية" (ص 1) و "وضع تلك البنود الخمس موضع التنفيذ" (ص 2) في إشارة لبنود قرار المجلس الوطني ؛
5- تصريح الوزير المتناقض بأن لجنة التحقيق امتلكت المعلومات المفيدة ، أو "المعلومات و الوثائق التي تعينها على أداء مهمتها" (ص 2) ، بل إنها توصلت إلى "معلومات مفيدة و توصيات أرى فيها مؤشرا هاما يعين على استمرار بناء الطريق على أسس سليمة و يهيئ فرصة ممتازة لاسترداد أموال الطريق …" !! ثم يشتكي الوزير و في ذات التقرير بأن اللجنة لم تتحصل من اللجنة المفوضة على المستندات و المعلومات ؛
6- ادعاء الوزير بأن اللجنة المفوضة غير قانونية من جهة ، و كان قد تعامل معها عبر المراسلات و الخطابات الرسمية اعترافا بها من جهة أخرى ، بل انه شارك رسميا في الكثير من أنشطتها من خلال توقيع العقود (مثل عقد الجسور مع شركة كيل باتريك في مكتبه و بحضور النائب الأول وأعضاء اللجنة المفوضة) ، و استقبال الآليات و المعدات الخاصة بالمشروع ، و تفقد مسار الطريق مع اللجنة المفوضة ، و زيارة مقر اللجنة ، و الاستماع للتنوير عن اختصاصات اللجنة و أعمالها ، و إشادته بها ، و كل ذلك موثق و محفوظ و مسجل على أشرطة الفيديو …!! ثم كيف غاب عن الوزير أن المادة 9(1)(د) من قانون الهيئة العامة لطريق الإنقاذ الغربي تخول للجنة العليا للهيئة "تكوين أي لجنة أو لجان لمعاونتها في تنفيذ اختصاصاتها" ، هكذا بالنص الواضح المبين ، و أن اللجنة المفوضة جاءت وليدا شرعيا لذلك النص ، بتاريخ 15/11/1995م ، و هو تاريخ القرار الذي أصدره الشهيد الفريق الزبير النائب الأول لرئيس الجمهورية بتشكيل اللجنة المفوضة ، و تحديد اختصاصاتها بأنها مسؤولة عن العمل التنفيذي و الإداري و المالي ؟!! و من أي مدرسة من مدارس فقه القانون يسعى الوزير لتطبيق قاعدة "المفوض لا يفوض" (ص 7 من التقرير) على اللجنة العليا التي لها حق التفويض بنص القانون ، ثم يقرر بأن "اللجنة المفوضة السابقة تصبح في حكم المعدوم" (ص 7 من التقرير)؟ و متى كان القانون العام و الاجتهاد مقدمين على صريح النص ، قطعي الورود و قطعي الدلالة؟ و هل يشرف دولة المشروع الحضاري أن يقال مثل هذا الكلام من تحت قبة المجلس التشريعي بلسان وزير اتحادي مسنود بمستشارين ، في دولة المشروع الحضاري ، و على رؤوس الأشهاد؟
و على الرغم من خطأ ما ورد في تقرير الوزير ، لكنه من المشروع أن نسأل : كيف عرف وزير الطرق و الاتصالات عن اللجنة المفوضة التي حكم عليها على مذهبه القانوني بأنها "في حكم المعدوم" … كيف عرف أن "هناك من البينات ما يؤكد أن خمسة أشخاص فقط هم الذين يجتمعون و يصدرون معظم القرارات الهامة" … بأي وحي سماوي عرف الوزير تلك المعلومات الدقيقة و المفترض أن تكون مستقاة من اجتماعات اللجنة المفوضة ، بينما يشتكي في موضع آخر من التقرير بأنه "لم يتم الحصول على المستندات الخاصة باللجنة المفوضة" … كيف يا ترى !!
أم ان وزير الطرق كان يمهد لما بعد ذلك في تقريره الذي جاء فيه :"ان عدم تسليم اللجنة المفوضة السابقة لمستنداتها لرفض رئيسها و أمينها العام ذلك هو قرينة على أنه ليس في صالحهما ، و يؤكد أن ملف اللجنة – ان كان موجودا – به عيوب " ، هكذا ، في طعن واضح و صريح في أمانة رئيس اللجنة المفوضة و مقررها ، موهما المجلس الوطني بأن هذا هو سبب عدم تسليم اللجنة المفوضة لمستنداتها على حد قوله ، معتمدا على أن أعضاء المجلس الموقر لم يطلعوا على خطاب رئيس اللجنة المفوضة الموجه للوزير و المشار إليه أعلاه ، و الذي طلب فيه رئيس اللجنة المفوضة من الوزير الساعي للتحقيق أن يتمهل في طلب السلطة ، أو طلب الإمارة على الطريق ، إلى حين إعادة الطريق لوزارته . بل ان الوزير يكاد يتفق ، و بنص التقرير ، مع اللجنة المفوضة حول أسباب عدم تسليم المستندات ، حيث يقول (ص 6) "لقد صادفت اللجنة اعتراضات و طعون في مشروعية تكوينها و في صلاحياتها التي كفلها لها القانون و الدستور ، و نتيجة لذلك لم يظهر أمامها حتى الآن ليدلي بإفادته كل من رئيس اللجنة المفوضة السابقة و المدير التنفيذي السابق لطريق الإنقاذ الغربي" … ما شاء الله ! لقد كان الوزير يعلم بكل هذا ومع ذلك اتهم رئيس اللجنة و مقررها بأن سبب الامتناع عن تسليم المستندات هو ما فيها من عيوب ، و ليس بسبب ما في لجنته غير المشروعة من عيوب تجلب العار على المؤسسة التنفيذية حول مدى المعرفة بإدارة الشؤون العامة و شبهة الجهل بأسس تطبيق القانون .
بل كيف يشتكي الوزير بأنه "لم يتم الحصول على المستندات الخاصة باللجنة المفوضة" ، و يمعن في الإبهام و الإيحاء ، و كأن الصلة منقطعة تماما بينه و بين اللجنة المفوضة ، بينما الحقيقة هي أن رئيس اللجنة المفوضة نبه الوزير منذ فترة مبكرة جدا من بدايات الاهتمام المتأخر بممارسة السلطة و الاختصاص في طريق الإنقاذ الغربي ، و في خطاب مبوب و واضح ، بتاريخ 4/9/1999م ، من سبع فقرات ، و بصورة للمشرف على الهيئة (رئيس الجمهورية) و صورة لرئيس اللجنة العليا (النائب الأول للرئيس) ، بأن وزير الطرق و الاتصالات ليس الوزير المختص بطريق الإنقاذ الغربي ، كما نعى عليه "أن يكون مدخلكم لهذا المشروع من باب ضيق هو باب التفتيش … و لذا نرجو من سيادتكم التمهل لحين صدور القرار بإعادة الطريق إلى وزارة الطرق و الاتصالات و عندئذ تجدون منا كل عون بإذن الله" (مقتطفات من الفقرة (سادسا) من خطاب رئيس اللجنة المفوضة إلى وزير الطرق ردا على خطاب مدير مكتب الوزير مبلغا بقرار تشكيل لجنة التحقيق) .
و إذا كان وزير الطرق و الاتصالات يعترض اليوم على تشكيل اللجنة المفوضة فلماذا لم يعترض سلفا بصفته مقررا للجنة العليا صاحبة القرار بحكم منصبه وفقا للقانون لعدد من السنوات منذ شهر مارس عام 1996م ، بل ظل يتسلم تقارير منتظمة عن الطريق من اللجنة المفوضة و يزور مواقع المشاريع و يشرف على توقيع العطاءات و يستقبل الآليات و المعدات الواردة و يتلقى التنوير عن مجريات الأحداث ؟ و لماذا ينتقد اليوم اللجنة العليا نفسها بأنها ظلت غائبة منذ اجتماعها الأول في 6/7/1995م و كان يمكنه منذ مارس 1996م أن يصلح ذلك الخطأ بإجراء بسيط ، و هو دعوة اللجنة العليا للاجتماع بصفته مقررا لها بعد التشاور مع رئيسها (النائب الأول لرئيس الجمهورية)؟ أم أن الوزير بانتقاده للجنة المفوضة يريد التشكيك في صلاحيات المكتب التنفيذي للهيئة و التي يباشر فيها المدير التنفيذي دور المقرر و التي أجازت الهيكل الوظيفي و التنظيمي و الميزانية للمكتب التنفيذي في اجتماعها الثاني و خضع كل ذلك للمراجعة وفقا لحجم العمل ؟ أم أن كل ذلك كان الدافع وراء الاستعجال و التوصية بقرارات معيبة مثل قرار إعفاء مدير المكتب التنفيذي الذي اشتمل أيضا على الإحالة إلى المعاش مما دعا لتصحيح العيب لاحقا ، أو كان كل ذلك وراء قرار معيب آخر هو تعيين مدير تنفيذي جديد استنادا على قانون ملغي هو قانون الهيئة العامة لطريق الإنقاذ الغربي لسنة 1991م الذي ألغاه قانون 1996م ساري المفعول الآن ؟ أم كان ذلك أيضا وراء اتهام المدير التنفيذي السابق بالمماطلة في تنفيذ قرار الإعفاء ، مع العلم بأن رئيس الجمهورية هو الذي كلف المدير التنفيذي السابق بالاستمرار في موقعه إلى حين تعيين مدير تنفيذي جديد ، و تسليمه بصفة رسمية ، ثم صدر قرار الإعفاء المعدل للقرار الأول و هو المرسوم الجمهوري رقم (44) بتاريخ 11/9/1999م ، و بعد ذلك بثمانية أيام فقط اكتمل التسليم و التسلم ، و بمستندات رسمية بتاريخ 19/9/1999م … أم أن اتهام المدير التنفيذي السابق بالمماطلة إنما هو موجه إلى السيد رئيس الجمهورية … على طريقة إليك أعني و اسمعي يا جارة ؟
و كيف يتهم التقرير المكتب التنفيذي بأنه "أورد المدير التنفيذي السابق تكلفة فادحة" لتكوين مجلس الإدارة (ص 6 من التقرير) بينما كانت التكلفة مصممة على غرار الهيئة القومية للطرق و الجسور و الشركة الوطنية للطرق و الجسور اللتان تقعان تحت إشراف الوزير ؟ أم أن وزير الطرق لم يقرأ التقرير الذي تسلمه من مقرر اللجنة المفوضة حول قرار وزارة المالية بأن تنشأ أجهزة الهيئة و ميزانية التسيير "بالعون الذاتي" ، و قرار اللجنة المفوضة بأن "يستمر المكتب التنفيذي"؟ أم إنها الرغبة في تبخيس الناس أشياءهم و إثارة الفتنة بعد صمت الدهور ؟
و كيف يعترض الوزير على أعمال المكتب التنفيذي و قد سلم المدير السابق تقرير التسليم و التسلم الضافي و المفصل للجهات ذات الاختصاص (رئيس الجمهورية و النائب الأول للرئيس و رئيس اللجنة المفوضة) و قد احتوى على تفاصيل العلاقة بين المكتب التنفيذي و اللجنة المفوضة و رئاسة الجمهورية … دون أن يلقى ذلك التقرير أي انتقاد من أي جهة مختصة ؟
7- عدم استيعاب الوزير لآلية العمل و هيكلة العقود و نظم تنفيذ المشاريع الخاصة بطريق الإنقاذ الغربي ، مما أدى ، ضمن أسباب أخرى ، لاتهام القائمين بالأمر بالفساد و إضاعة ما أسماه "مبالغ طائلة" ، و التشكيك في قرارات وزير العدل بإجازة التسوية حول أحد مشاريع الطريق ، و اتهام أربعة من العاملين في الهيئة بالتزوير و الاحتيال و خيانة الأمانة ، و بأنهم كذبوا لبنك السودان حول استلام 50 مليون دولارا "علما بأن هذا لم يحدث" حسب كلمات التقرير … وهكذا في سطرين اثنين يختفي من المال العام خمسين مليون (50.000.000) دولارا و يتحول أربعة من العاملين في الهيئة إلى محتالين و مزورين و خونة … لقد صدق المصطفى صلى الله عليه و سلم ، "و هل يكب الناس على وجوههم في نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم"… و صدق سبحانه و تعالى إذ يقول : "يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" (صدق الله العظيم) .
ان الاتهامات الجزافية من الوزير في تقريره أمام المجلس الوطني ضد القائمين على أمر طريق الإنقاذ الغربي تشكل واحدا من أهم و أخطر المحاور ، و تستحق أن تفرد لها فقرة خاصة يترك الحديث فيها للأرقام و علم المحاسبة . لكن لابد في هذه العجالة من بعض الملاحظات :
فقد زعم وزير الطرق "ان معظم التعاقدات تمت دون الإجراءات التي نصت عليها لائحة الإجراءات المالية" ، في تجريم واضح لكل الجهات التي كانت مطلعة على تلك العقود ، بمن فيهم وزير الطرق شخصيا ، و دون ذكر أي دليل مقبول على ذلك الاتهام .
كما أثار الوزير موضوع المشروع البلغاري و هو يعلم علم اليقين كيف تمت التسوية بموافقة اللجنة المفوضة ، و بمعرفة وزارة العدل ، و عرض الأمر من بعد على المراجع العام ، و نوه الوزير في أكثر من موضع في التقرير إلى ضرورة إلغاء التسوية و عرض الأمر للقضاء ، ناسيا أو متناسيا أن التسوية إنما هي عقد ، و العقد شريعة المتعاقدين ، و ان العهد كان مسؤولا ، و أن الأمور يجب ألا تترك فوضى أو تخضع لنوازع الهوى و المزاج .
و قد بدأ المشروع مؤسسيا و بأهداف مشروعة ، و وقع عليه وزير الدولة بصفته رئيسا لمجلس إدارة الشركة الوطنية للطرق و الجسور ، و بعد التوقيع على البروتوكول أرسل التقرير المفصل بالأمر إلى مجلس الوزراء و وزارة الخارجية و سائر الجهات ذات الصلة . ثم ان المشروع البلغاري كان يهدف إلى ثلاثة أمور هي تأهيل الشركة الوطنية للطرق و الجسور ، و تأهيل الورشة المركزية ، و تأهيل المعدات ، و قد تحققت كل تلك الأهداف بشهادة المستندات و الإشادات الموجهة لمن قادوا ذلك العمل و مكافأتهم بقرار من مجلس إدارة الشركة الوطنية . و لبيان ذلك فقد استلمت الشركة الوطنية 26 % عبارة عن المقدم بالنسبة لقطاع النهود/الخوي دون أن يكون للشركة الوطنية وجود في ذلك القطاع ، تحقيقا لشرط التأهيل ، و في قطاع بارة/الأبيض استلمت الشركة الوطنية ثلاثة ملايين دولار نتيجة للشراكة بتمويل من بنك التنمية الإسلامي … و هكذا استفادت الشركة الوطنية للطرق و الجسور بما قيمته أربعة ملايين دولارا و تأهلت ورشتها و معداتها حسب الهدف الموضوع .
أما موضوع النزاع حول الآليات فقد تقدم أن ذلك حسمته التسوية التي تمت بمعرفة وزير العدل النائب العام ، كما أن المراجع العام اطلع على المستندات و أشاد بالمشروع البلغاري .
أليس غريبا ، مع وجود البينات التي تثبت كل ذلك ، و اطلاع مؤسسات موثوق بها مثل وزارة العدل و ديوان المراجع العام … أليس غريبا بعد كل هذا أن يرد في تقرير وزير الطرق أن تنفيذ المشروع البلغاري "كشف عن خلل إداري و مؤسسي كبير" … و "ان السودان لم يستفد من هذا البروتوكول من ناحية الخبرة و تأهيل الورش و الآليات و استفادت الشركات البلغارية مالية دون أن تقدم شيئا" !! هكذا بهذه العبارات الجزافية المطلقة ؟!! أليس غريبا أن يعلم الوزير علم اليقين بقصة التسوية ثم يصفها بأنها …" ولكن محاولات التسوية المتكررة وما صاحبها من تصرفات توحي بالفساد …" و هل ينفع اتهام وزارة العدل و المراجع العام بالاشتراك في تسوية فيها تصرفات توحي بالفساد أن يتبع وزير الطرق جملته تلك بأن ذلك الفساد "دون شك ستؤكده أو تنفيه إجراءات التقاضي" ؟
أليس غريبا ألا يشير وزير الطرق لحقيقة أن التسوية التي ينتقدها و يصفها بالفساد صدرت بقرار رسمي من أعلى جهة عدلية في الجهاز التنفيذي الذي ينتمي إليه و هي وزارة العدل ، ثم يشوش على المجلس الوطني ليوهمهم بأن الأمر لم يحسم بعد و أن القضاء كفيل بحسمه ، بينما الحقيقة هي أن الأمر محسوم في شكل عقد مشروع بالتسوية ملزم على الحكومة التي هو عضو فيها؟
و لماذا لم يفصح وزير الطرق ، بنفس الجرأة التي قادته لتوجيه الاتهامات الباطلة في حق القائمين على أمر الطريق ، أنه مارس الكثير لمنع تنفيذ عقد التسوية منذ توقيعه في 26/8/1998م ، و ذلك من خلال تأثيره على الشركة الوطنية للطرق و الجسور التي يشرف عليها ، بعد سحب تفويض المدير التنفيذي السابق و وزير الدولة المتعلق بذلك المشروع ؟ و لماذا لم يصرح الوزير بأنه ظل يلاحق عقد التسوية مستغلا قرار المجلس الوطني ، و متذرعا به ، وصولا إلى إلغاء التسوية عبر المجلس الوطني بعد أن تعذر له إلغاؤها بالسبل القويمة و المباشرة و مع جهات الاختصاص التنفيذي؟ فهل كان الوزير يرمي بمحاولاته تلك المتكررة إلى إجهاض تنفيذ المشروع البلغاري و إيقاف طريق الإنقاذ الغربي؟
أما موضوع الآليات التي آلت من الهيئة السابقة للطريق إلى شركة الإنقاذ للطرق و الجسور التابعة للهيئة الحالية ، فمشكلة هذه الآليات هو غياب المستندات الخاصة بها و الضرورية لتسجيلها في اسم الشركة المذكورة تغطية لنصيبها من الأسهم ، و كان ذلك هو السبب وراء التأخر في تسجيلها .
8- كما اختلط الأمر على وزير الطرق و الاتصالات ، أم لعله الحرص على إدخال يده فيما لا يخصه من حيث التنفيذ و الإشراف ، فبعد أن شكل لجنته غير الشرعية و مارست تحقيقاتها لثلاثة أشهر و بعد تقديم تقاريرها النهائية ، تأتي التوصية بإحالة الأمر إلى وزارة العدل ، و هي الجهة المسؤولة أصلا عن التحقيق المشروع و الشافي في أي أمر يستحق ذلك ، في حيدة تامة و بعيدا عن الغرض و بعيدا عن عدم المشروعية ... فما الذي جعل وزير الطرق يصدر قرارات عجلى و متخبطة و أوامر وزارية غير شرعية في حرص شديد لإعطاء نفسه الحق في الإشراف الشخصي على التحقيق مع العاملين في إدارة تنفيذ الطريق ، و هو إشراف اشتمل و منذ الوهلة الأولى على تحديد أسماء القائمين على أمر التحقيق و معظمهم من أهل الولاء الشخصي للوزير الذي قام باستيعابهم في الخدمة بوزارة الطرق عند تسلمه لمهامها قبل ثلاث سنوات ، علما بأن هؤلاء كانوا الأنشط و الأكثر حرصا على المواظبة و المشاركة في اللجنة و مباشرة التحقيق و صياغة التقرير النهائي للجنة غير المشروعة ؟ و إذا كان الوزير يتذرع بقرار المجلس الوطني ، فلماذا لم يحافظ على الإطار العام لذلك القرار ، و لماذا جعل من مهام لجنته غير الشرعية القيام بـ "التحقيق" ، و أن يكون ذلك وفقا لقانون 1954م الذي يعطي صلاحيات واسعة تشمل القبض على الأفراد محل التحقيق ، ثم ينسب اختيار ذلك القانون إلى "الأخ وزير العدل" على حد قوله ، و في الوزارة مستشار قانوني منتدب يمثل وزارة العدل ، فهل استشاره مسبقا عندما شكل لجنته غير المشروعة بالقرار الوزاري رقم (6) ؟ ان قرار المجلس الوطني رقم (48) لم ترد فيه مجرد كلمة "تحقيق" و لو مرة واحدة ، ناهيك أن يأمر وزيرا بالتحقيق في ما لا يعنيه …
9- و اختلط الأمر على وزير الطرق في ما يتعلق بمراجعة المسائل المالية ، و أن الجهة المسؤولة عن ذلك هي ديوان المراجع العام ، و هي الجهة ذات الاختصاص الأصيل في الدولة ، و ذات المسؤولية الدستورية بمراجعة الشؤون المالية … فما الذي منع وزير الطرق من اللجوء إلى المراجع العام و لو عبر مجلس الوزراء الذي يتمتع بعضويته ، للحصول على تقرير "محايد" و متكامل و متخصص في المسائل المالية ، بدلا من التخمينات و التخرصات و الافتراءات التي احتوى عليها تقرير الوزير أمام المجلس الوطني ؟ أم كان هدف الوزير هو الحرص الشديد على الإشراف الشخصي على التحقيق في أعمال طريق الإنقاذ الغربي … لأمر مبيت في نفس يعقوب؟
10- كما اختلط الأمر أيضا على وزير الطرق و الاتصالات ، فأوصى في تقريره بمسائل هي ضمن السلطات التقديرية للقائمين بأمر الطريق ، وفق اختصاصهم الذي يحرسه القانون ، فأوصى بمسائل مثل تقليص الهيكل التنظيمي للطريق ، و تقديم الدعم للشركات العاملة و الاستشارية بمبالغ حددها بالأرقام ، و توزيع المسؤوليات على المؤسسات الحكومية العامة ، و مراجعة العقود … الخ .
ان هنالك تفسيرا وحيدا لهذا الاهتمام المستعجل و المضطرب و المتناقض بمشروع طريق الإنقاذ الغربي و العاملين في قيادته … ذلكم التفسير هو أن للوزير غرضا يرمي إليه ، و هدفا يرجو تحقيقه ، و هو هدف حاك في صدره و خشي أن يطلع عليه الناس … انه هدف لا يمكن أن يتحقق بالطرق المشروعة ، و التي منها ترك أمور التحقيق لديوان النائب العام ، و ترك المراجعة المالية لديوان المراجع العام ، و ترك تنفيذ الطريق للهيئة العليا و لجنتها المفوضة و رئيسها (النائب الأول) و المشرف على الهيئة (رئيس الجمهورية) وفقا لقانون الهيئة العامة لطريق الإنقاذ الغربي لسنة 1996م … الطرق المشروعة التي من بينها أن وزير الطرق غير المختص لو أراد الاختصاص الشرعي الحلال لتقدم بمشروع قانون جديد يعطيه ذلك الاختصاص ، و بعدها يمكنه أن يمارس سلطاته و يشكل لجانه للتحقيق ان شاء ، و حينها يكون هو بطبيعة الحال المسؤول الأول عن نتائج التحقيق لو كانت سالبة ، و الكاسب الأول لو كانت مشرفة … لكن الوزير اختار وضعا معوجا و غريبا : أن يكون هو المشرف الشخصي على التحقيق في أعمال الطريق ، و يكون البريء الأول إذا ما ظهرت بعض الأخطاء ، و الفائز الأول إذا ما كان العمل ناجحا و متقدما … فالوزير يريد خير الدارين ، و يريده في الحياة الدنيا ، و بالطرق غير المشروعة ، في ذات الوقت !
لقد فات الوزير أن المسؤولية التنفيذية تعني المسؤولية الشاملة عن الخير و الشر ، و أن الغنم بالغرم ، و التكليف و الاجتهاد يسبقان التشريف ، و أن الذي يحاسب يجب أن يكون مسؤولا عما يحاسب فيه الآخرين …
لكن الوزير يريد أن يبتعد عن ممارسة مسؤوليته كمقرر للجنة العليا لهيئة الطريق ، و يحضر المناسبات التشريفية ، و ينزوي بعيدا عن الجهود و الابتلاءات و شح الموارد و الجري و العرق بين أبواب أهل المال و التصديقات و التمويل المصرفي و من القطاع الخاص ، ثم يظهر فجأة من حيث لا حيث و عند لا عند ، كما يفعل أبطال الأفلام الهندية ، ليوحي إلى الناس بضياع المبالغ الطائلة و التزوير و الاحتيال و خيانة الأمانة …
أفلا يحق لنا أن نسأل بعد : ما هو الغرض الذي يرمي إليه الوزير ؟ و ماذا في نفس يعقوب؟
أما عن الاتهامات المالية فتستحق أن نفرد لها فقرة كاملة ، الحديث فيها بلغة الأرقام و حجة البيان ، حديث العارف بالأحوال الممارس للنشاط الذي يتحدث عنه ، لا حديث الغريب عن ميدان الجهد و الاجتهاد ، الطالب للإمارة فيما لا إمارة له فيه :
قلنا أن الوزير قد اختلطت عليه الأمور ، و ها نحن نشرح ما أشكل على فهم الوزير … فبعد أن تعذر الحصول على تمويل لمشاريع طريق الإنقاذ الغربي من مختلف الجهات الحكومية و الأجنبية ، عولت الهيئة على الدعم الشعبي ، فالتفتت إلى أكثر السلع طلبا في الولايات الغربية الخمس التي يمر بها الطريق و هي سلعة السكر ، و تقرر بموافقة المجالس التشريعية التي تمثل مواطني السودان من سكان تلك الولايات الخمس أن تستلم الهيئة خمسين في المائة (50%) من حصص تلك الولايات من السكر التمويني و تبيعها تجاريا و تمول من ريعها مشاريع الطريق . و كان لابد من توفير المال اللازم لشراء السكر من المنتج قبل استلامه حسب الشرط الذي وضعته الجهة المعنية و هي المؤسسة العامة لتجارة السكر … و قد تعذر توفير السعر التمويني للسكر و كانت أسعار المرابحة و سبل التمويل الأخرى باهظة (حوالي 30 %) ، فكان اللجوء أولا إلى المؤسسة العامة للمناطق و الأسواق الحرة بمعرفة رئيس اللجنة المفوضة في ذلك الوقت و هو وزير المالية الاتحادي (الأستاذ/ عبد الله حسن أحمد) ، و تم توقيع العقد بين الهيئة العامة لطريق الإنقاذ الغربي و مؤسسة الأسواق الحرة بتاريخ 28/12/1995م و استلمت المؤسسة العامة للمناطق و الأسواق الحرة في بداية تنفيذ العقد عشرة آلاف و أربعمائة و خمسة و عشرين (10.425) طنا من السكر على أن يتم بيع السكر عبر الأسواق الحرة بواقع 800 دولارا للطن و يدخل صافي العائد (بعد خصم قيمة التمويل بسعر السكر التمويني) في رصيد الهيئة العامة لطريق الإنقاذ الغربي . وبعد بيع جزء من تلك الكمية المستلمة (7.425 طنا) صدر قرار من وزير المالية في ذلك الوقت (الدكتور/ عبد الوهاب عثمان) بصفته رئيس اللجنة المفوضة بإيقاف بيع السكر عبر مؤسسة الأسواق الحرة بالدولار و إلغاء العقد الموقع مع المؤسسة و الهيئة لتعارض ذلك مع سياساته المالية الجديدة . و اقترح وزير المالية بدلا من ذلك أن يباع السكر بوساطة الجهة التي يقع عليها الاختيار من خلال مناقصة مفتوحة ، شاركت فيها تسعة عشر (19) شركة ، و أسفرت المنافسة عن اختيار شركة آركوري و شركة هارموتيم المحدودة ، بمعرفة الدكتور عبد الوهاب عثمان وزير المالية شخصيا ، و هو الذي حدد بنفسه الكمية التي يوكل تسويقها إلى كل من الشركتين ، و اشترط وزير المالية أنه في حالة عدم قبول أي منهما للشروط الموضوعة تؤول كل الكمية للشركة التي تقبل بالشروط . لكن الشركة الأخرى (هارموتيم) انسحبت لاحقا لعدم قبولها للشروط التي حددها وزير المالية ، و آلت كل الكمية المحددة و هي 27.819 طنا لشركة آركوري للقيام بتسويقها بدون أي محاباة أو احتكار كما زعم وزير الطرق في تقريره أمام المجلس الوطني (ص 9 من التقرير) ، حيث اختيرت شركة آركوري من بين عشرين منافس بمعرفة وزير المالية الحالي . و من ثم وقعت الهيئة و صادق وزير المالية على عقد بذلك مع شركة آركوري بتاريخ 14/9/1996م لتنفيذ خطة التمويل و التي تتلخص في الآتي :
1- دفع قيمة السكر التمويني للمنتج لاستلام حصص السكر المتبرع بها من مواطني الولايات الغربية الخمس ؛
2- دفع مبلغ خمسة ملايين دولارا أمريكيا مقدما من خارج السودان إلى الهيئة لتباشر أعمالها فورا (وكان ذلك من الشروط الصعبة التي أدت إلى انسحاب الشركة الأخرى و بقيت شركة آركوري وحدها لالتزامها بذلك الشرط الصعب للأسباب الوطنية المعروفة) ؛
3- استلام السكر و ترحيله و تسويقه و بيعه و استلام العائد و يتم ذلك في دفعات و على مدار العام (مما يجعل أمر التصفية السنوية للحسابات أمرا مستحيلا ، لكن ذلك غاب على فطنة وزير الطرق الذي نعى على الهيئة عدم التصفية السنوية (ص 9 من التقرير)) ؛
4- تسليم الممول (آركوري) رخص صادر (في ما عدا القطن و الصمغ) بما يعادل المبالغ التي دفعها لتمويل سعر السكر التمويني ، مع منحه حق تجنيب عائد الصادر بنسبة مائة في المائة (100%) بدلا من 70% التي يتمتع بها كل المصدرين .
5- يقوم الممول ، مقابل امتياز التجنيب أعلاه ، بتصدير سلع (عدا القطن و الصمغ) بقيمة الفرق بين سعر السكر التمويني و السكر التجاري مع منح الهيئة العامة لطريق الإنقاذ الغربي حق تجنيب عائد تلك الصادرات بنسبة 100% بدلا من 70% و صرف ذلك العائد لصالح مشروع الطريق ؛
6- يلزم عقد التمويل كلا الطرفين بشروط محددة منها ، جلب العملة الصعبة من خارج السودان ، و بالمقابل أن يكون كل السكر المسلم للممول من سكر كنانة الأبيض حسب تاريخ التسليم المتفق عليه بين الطرفين ، و أن يتم استخراج رخص الصادر من بنك السودان للممول بمعرفة الهيئة ، و في حالة الإخلال بأي شرط من هذه الشروط ينص العقد على السعي للحل الودي و في حالة تعذر ذلك يحال النزاع للتحكيم .
أما من الناحية المالية و المحاسبية فيكون التأكد من سلامة خطة التمويل بمراجعة كميات السكر المستلمة من المنتج و مراجعة أثمانها و مراجعة المبالغ المستلمة من الممول المسوق سواء بالدينار السوداني أو الدولار الأمريكي .
ان المثال الأول لتخبط وزير الطرق أنه أورد على صفحة (9) من تقريره أمام المجلس الوطني :" ولم يدخل في حساب الهيئة طيلة السنوات الأربعة الماضية إلا مبلغ 18 مليون دولارا هي عبارة عن جزء من عقد سكر 95/ 96 الذي وقعه وزير المالية د. عبد الوهاب عثمان" ، و هذا محض افتراء و كذب صراح ، حيث أن الصحيح هو أن ما دخل في حساب الهيئة عن الفترة المذكورة (95/96) كان أكثر من 28 مليون دولارا أو بالتحديد مبلغ 28.693.068 دولارا ، وليس 18 مليون دولارا كما زعم وزير الطرق ، إلا إذا كان يريد أن يومئ بأن القائمين على أمر الهيئة اختلسوا الفرق بين الرقمين (10 ملايين دولارا)…
و المثال الثاني يكمن في ما أورده الوزير على ذات الصفحة (ص 9) من التقرير أن "باقي العقود الأخرى فقد كانت بيعا آجلا و بالعملة المحلية بعد أن تم التعاقد دون علم وزارة المالية وهذا تعديل في غير الصالح العام بل يحابي شركة آركوري" ، و بطلان هذا الزعم بيانه في الآتي :
( أ ) أما عن البيع بالعملة المحلية فان شرط دفع الممول للهيئة بالدولار يقابله شرط تسليمه رخص صادر ، و حيث فشلت الهيئة في إقناع وزير المالية بتسليم رخص الصادر للممول فقد اضطرت الهيئة لسحب المستحق من الممول بالعملة المحلية لمقابلة الالتزامات المربوطة بمواقيت محددة تجاه الشركات المنفذة للمشروع بعد أن وافقت تلك الشركات على استلام استحقاقاتها من العملات الحرة بالعملة المحلية حسب سعر الصرف السائد في بنك السودان في تاريخ الاستحقاق ، و الذي يعتبر إنجازا لادارة المشروع و ليس خصما عليها ، فقد وفرت بذلك للدولة عملات حرة كان الواجب أن تورد من خارج السودان كعائد للصادر .
(ب) و أما الزعم بأن بيع السكر كان آجلا فهذا من اختلاق وزير الطرق ، و هو يجانب الصواب و الواقع ، حيث كانت الهيئة تستلم عائد بيع السكر من الممول أولا بأول و لا تتركه عند الممول لأي فترة وفقا لقرار اللجنة المفوضة حتى لا يتوقف العمل بسبب عدم توفر السيولة . و حتى المبالغ التي ظهرت في تقرير المراجعة لعام 1998م و التي بلغت ستة (6) مليار جنيها كانت بغرض الصادر بعد أن صدرت الموافقة بذلك بعد عام و نصف .
(ج) أما أن العقود تمت بغير علم وزير المالية فهذا الزعم ناتج من عدم فهم للصفة التي وقع بها وزير المالية عقد سكر 95/96 ، حيث أنه وقع على العقد بصفته رئيسا للجنة المفوضة للطريق و التي يشغل فيها الدكتور على الحاج محمد منصب الرئيس المناوب ، و قد وقع الدكتور على الحاج بهذه الصفة على العقود التالية … فلا مجال حينئذ للحديث عن علم وزير المالية أو عدمه .
أما المثال الثالث للتخبط في إيراد التهم و البيانات الكاذبة و المضللة فيتضح فيما أورده وزير الطرق و الاتصالات ضمن تقريره أمام المجلس الوطني ، في أسفل الصفحة التاسعة ، للتدليل حسب زعمه على مجافاة الصالح العام و محاباة شركة آركوري حيث قال :"و ليس أدل على ذلك من مخاطبة المكتب التنفيذي لبنك السودان باستلامه صافي عائد الصادر بالعملة الصعبة (حوالي 50 مليون دولار) علما بأن هذا لم يحدث مما يوقع مسئولي المكتب التنفيذي تحت طائلة المساءلة الجنائية بالاحتيال و التزوير و خيانة الأمانة و هم …" و سمى الوزير أربعة من العاملين بالمكتب التنفيذي ، و لوثهم بتهم الاحتيال و التزوير و الخيانة ، بينما الصواب ان التصديق برخص الصادر و التجنيب الكامل (100%) للشركة الممولة و الذي خاطب المكتب التنفيذي بشأنه بنك السودان بلغ في مجمله أكثر من ستين مليون (60.000.000) دولارا أمريكيا ، و ليس خمسين مليون دولارا كما ذكر الوزير و أن الحالات التي تتم فيها مخاطبة بنك السودان بذلك هي :
( أ ) لتوريد مبالغ لحساب الهيئة بالبنوك بالعملة الحرة ؛ أو
(ب) لإجراء عملية مقاصة داخلية بين الهيئة و الشركة الممولة بالعملة الحرة ؛ أو
(ج) لمقابلة مبالغ التمويل التي تدفعها الشركة الممولة حسب عقد السكر المبرم بينها و بين الهيئة ؛ أو
(د) بشأن الصكوك الآجلة التي تحررها الشركة الممولة للهيئة قبل تنفيذ الصادر الخاص بالهيئة حسب نصوص العقد .
و هكذا فان المبلغ الذي ذكره وزير الطرق ، فضلا عن أنه غير صحيح ، ففي ما ذكره الوزير إيهام للسامع بأن المذكورين حولوا خمسين مليون دولارا أمريكيا لمصلحتهم الشخصية ، بينما مخاطبة بنك السودان مجرد إجراء إداري لتثبيت حق التصدير و التجنيب بنسبة 100% بدلا من 70% (أي تنازل بنك السودان عن الـ 30%) للشركة الممولة ، وليس استلاما لعملات حرة نقدية بواسطة الهيئة كما توهم وزير الطرق .
و المثال الرابع لمغالطات وزير الطرق في تقريره أمام المجلس قوله (ص 10) "ان ما دخل حساب الطريق من عائد السكر يساوي 50 % من قيمة السكر لثلاث سنوات بالعملة المحلية" و اتهم المسؤولين عن إدارة الطريق بعدم الحرص على سد الطريق أمام أصحاب الغرض ، في اتهام واضح لأصحاب شركة آركوري ، حيث أنها الشركة الوحيدة المعنية بأمر تمويل السكر … و مرة أخرى يأتي اتهام الوزير محض افتراء و كذب صراح … لأن القيمة الكلية لسكر السنوات الأربع (ناهيك عن الثلاث) تساوي 10.491.415.673 دينارا سودانيا ، و ما دخل من ذلك المبلغ الكلي في حساب الطريق حتى تاريخ التسليم و التسلم في 19 سبتمبر 1999م يبلغ 10.052.255.673 دينارا ، و يمثل ما نسبته 95.81 % . و لابد أن نتساءل : لماذا كل هذا الافتراء و التخبط في الأرقام؟ أهي الحماسة لتجريم الأبرياء ؟ أم هي الرغبة في تعطيل طريق الإنقاذ الغربي؟ أم لأمر آخر في نفس يعقوب ؟
و المثال الخامس لمغالطات وزير الطرق وتضليله للمجلس الوطني يتجسد في ما ورد بالتقرير (ص 10) من وصف للموقف المالي للهيئة بأنه "مأساوي" ، و أن ذلك تفصح عنه صفحة (11) من مذكرة التسليم و التسلم في 19/9/1999م ، و بيان ذلك التضليل الناجم من الجهل بقواعد المحاسبة المالية أن الوزير انتقى من جملة أموال الهيئة الرصيد النقدي فقط ، و ترك بنودا أخرى هي من صميم أموال الهيئة ، مثل الديون على الغير (439 مليون دينارا) و الاستثمارات في شركة الإنقاذ (354.9 مليون دينارا) ، هذا بخلاف ما ورثته الإدارة التنفيذية للإدارة الجديدة من أسطول متكامل للسيارات و أصول ثابتة تشتمل على الأثاثات و المعدات و الأدوات في الرئاسة و القطاعات و المحاور ، و التي تبلغ قيمتها الإجمالية 81.78 مليون دينارا سودانيا .
و بعبارة أخرى فأن وزير الطرق في تقريره أورد ما نسبته 0.86 % … فيا له من افتراء !! و ياله من تشويه للحقائق ، و إسقاط لما نسبته 99.14 % من مجهودات الأبرياء المخلصين تجاه المحافظة على المال العام !!
و المثال السادس لمغالطات وزير الطرق أنه زعم بأن القائمين بأمر الطريق تسببوا في الخلل في تنفيذ التعاقد و الرصد و المتابعة الدفترية للاستلام و عدم وجود آلية محددة لتحديد العائد و السداد "و ترك الأمر برمته للشركة المسوقة لإدارة المورد" … أي أن الإدارة القائمة على أمر الطريق تعطلت تماما عن العمل و جلست تنتظر الشركة الممولة (آركوري) لتقدم لها ما تتفضل به من العائدات من حيث المقدار و في الوقت الذي تختاره هي !! لعل هذا هو قصد وزير الطرق ، و لا يمنع من ذلك الاستنتاج إلا إذا افترضنا أنه لا يفقه معنى عبارة "ترك الأمر برمته" . و لا نحتاج لكثير مجهود لدحض هذا الافتراء السافر ، حيث تبين الجداول المرفقة مع هذا التقرير تفاصيل نتائج جهود القائمين على أمر الطريق ، في شكل الأموال التي تم متابعتها و توريدها و إدخالها في حساب الطريق أو دفعها مباشرة إلى الشركات المنفذة و الأموال التي صرفت في أوجه الصرف المختلفة الخاصة بمشروع الطريق ، علما بأن الجداول و البيانات المذكورة مأخوذة من التقارير المعتمدة بواسطة المراجع العام ، بالمعنى الدستوري و الصحيح لكلمة "المراجع العام" و ليس بالمعنى الذي ظل يردده وزير الطرق و لجنته استنادا على تقارير لم تعتمد بعد لدى المراجع العام و مع ذلك تسرب إلى الصحف حتى تضطر السلطات المعنية إلى نفيها و تصحيحها. و ليس هنالك دليل أكبر من خلاصة التي توصلت إليها اللجنة الفنية المتفرعة عن لجنة التحقيق التي كونها وزير الطرق و التي اعترفت اعترافا صريحا بإنجاز ما نسبته 25 % من العمل في أربعة قطاعات رئيسية بالطريق ، فكيف بالله تم ذلك بدون تمويل أو دفعيات ، لا سيما و أن الشركات العاملة استلمت ، حتى تاريخ التسليم و التسلم مبلغ 40.058.825 دولارا أمريكيا و مبلغ 1.269.226.102 دينارا سودانيا ؟!! و كيف تتهم الهيئة باستبقاء الأموال لدى شركة آركوري مع تحقيق كل ذلك الإنجاز و دفع كل تلك الأموال ؟!!
ان الجداول التالية توضح إجمالي كميات السكر و المبالغ المستلمة بالدينار و الدولار ، بجانب الإيرادات الأخرى ، للسنوات الأربع التي تمثل عمر خطة التمويل بالسكر و هي 95/1996م و 96/1997م و 97/1998م و 98/1999م ، فضلا عن المجالات التي صرفت فيها تلك الأموال ، وكل ذلك من خلال الميزانيات المراجعة :
جدول يبين مصادر الأموال للفترة من 95 وحتى 30/9/1999م
من خلال الميزانيات المراجعة
البيـــــــــــانـــات |
دينار سوداني |
الوزن النسبي % |
إيرادات السكر بالعملة المحليـــة |
4.073.857.376.00 |
32.4% |
إيرادات السكر بالعملة الحرة |
6.487.508.437.00 |
51.5% |
دعم وزارة المالية الاتحادية |
508.715.702.00 |
4% |
إيرادات مختلفـــة |
1.176.043.380 |
9.3% |
أرصدة الهيئة السابقة (أصول ثابتة) |
354.790.402.00 |
2.8% |
الجملــــــــــة |
12.600.915.297 |
100% |
جدول يبين مصارف الأموال للفترة من 95 وحتى 30/9/1999م
البيان |
دينار سوداني |
النسبة المئوية |
دفعيات للشركات |
9.693.382.000 |
80% |
أصول ثابتة |
81.788.532 ** |
0.6% |
مصروفات التسيير |
336.550.747 |
2.7% |
استثمارات (اسهم شركة الإنقاذ ) |
354.790.402 |
2.9% |
قيمة تمويل السكر (شراء السكر ) |
1.271.804.202 |
10.5% |
مصروفات خدمية مختلفة |
31.112.043 |
0.25% |
التنمية غير المباشرة (التزامات تجاه الولايات)* |
317.917.371 |
2.6% |
الجملة |
12.087.345.297 |
100% |
** خصمت الهيئة المصروفات المدرجة ضمن المصروفات العمومية مثل الاستهلاك .
* هذه الالتزامات نشأت بموجب قرارات اللجنة المفوضة و توجيهات الرئيس .
و بناء على ما تقدم نجد أن الموازنة المحاسبية (المراجعة بوساطة المراجع العام) تتلخص في ما يلي :
البيــــــــــانـــــات |
دينار سوداني |
جملة الموارد مصادر الأموال خلال الفترة المعنية |
12.600.915.297 |
جملة استخدامات الأموال خلال الفترة المعنية |
12.087.345.297 |
صافى الأرصدة بالهيئة في تاريخ التسليم والتسلم |
513.570.000 |
الأرصــــدة المشار إليها بتقرير وزير الطرق بأنها تمثل حالة "مأساوية" وهو مبلغ 6.887 مليون دينار ، لا يوافق الحقيقة في شئ ، لان الرصيد المورث للإدارة التنفيذية الحالية حسب شهادة التسليم و التسلم الرسمية يشمل الآتي من المنقولات ، بخلاف الأصول الثابتة . والجدول أدناه يوضح هذه تفاصيل الرصيد المورث للإدارة الجديدة :
البيــــــــــــــــــانــــــــــــــــــــات |
دينار سوداني |
الرصيد النقدي في يوم (31/8/1999م) |
6.887.000 |
استثمارات (اسهم شركة الإنقاذ) |
354,790,000 |
عهد وأمانات سلف مرتبات للعاملين |
10.105.000 |
مبالغ تحت التحصيل (اركورى ) عملة وطنية |
60,000,000 |
أصول ثابتة بالرئاسة والقطاعات |
81.788.000 |
الجملة |
513.570.000 |
كما نجد ان قيمة تمويل السكر التي ظهرت بالحسابات ليس من حق الهيئة بل من حق شركة آركورى (التي قامت بسداد قيمة السكر) فلذلك ترجع لها القيمة الأساسية للسكر ولا تعد كمصروف فعلي لأنها ترد كإيراد في الحسابات من جانب ، وتخرج من الجانب الآخر كمصروف ، لأنها في الحقيقة ليست إيرادا فعليا للهيئة كما أنها ليست مصروفا فعليا للهيئة ، وليست استثمارا كما ذكر الوزير في تقريره ، لأنه لا يحق لجهة بالطبع ان تستثمر أموال الغير بدون وجه حق . ومن متطلبات الحياد ان تدرج النسب المئوية بالصورة الصحيحة كما ورد بجدول استخدامات موارد الهيئة.
أما في ما يتعلق بالعقود وسداد مستخلصات العمل فهي سليمة من الناحيتين القانونية والإجرائية ، ولا يسعنا إلا ان نرجع للجداول المدرجة بوثيقة التسليم والتسلم لنتبين ان حجم المدفوع بالدولار الحر للشركات كان على النحو التالي :
المسدد فعلاً بالدولار |
40,058.825 $ |
مصادر الدولار الفعلي بالدولار (من واقع عقد 95/1996م ) |
30.202.068 $ |
مبالغ تم سدادها بالعملات الحرة بالزيادة عن المتحصلات* |
9.856.757 $ |
* رفضت وزارة المالية التصديق برخص الصادر لشركة (آركوري) وفقا للعقد معها فاضطرت الهيئة حتى لا يتوقف العمل أن تدفع للشركات العاملة في الطريق بالعملة المحلية و فاء لمستحقات بالدولار، بموافقة تلك الشركات ، و بسعر الدولار في بنك السودان في تاريخ السداد.
أي ان هناك نسبة سداد بالدولار بلغت 28.37% من جملة السداد فعلاً بالدولار !! وهذا يعد من المكاسب التي تحسب للإدارة التنفيذية لما ابتكرته من تدابير في آلية السداد و تسيير العمل بكفاءة و فاعلية ومقدرة على تحقيق المصلحة العامة في خضم المشكلات .
أما فيما يختص بالنسب الواردة بالجدول المعنى بهذا البند فان ارتفاع تلك النسب ليس نتيجة لتساهل الهيئة ولكن يرجع لسداد مقدمات العقود والتي تسلمت الهيئة مقابلها في شكل ضمانات ، و تسلمت بعض الشركات العاملة في الطريق هذا المقدم على دفعات ، خلال عام كامل ، على الرغم من ان العقد ينص على سدادها بعد التوقيع على العقد مباشرة ، و ذلك حتى تقوم الشركات ببدء العمل وتسهيل تنفيذ التزاماتها العقدية ، ويتم خصم تلك المبالغ من مستخلص فواتير العمل الفعلي .
أما فيما يختص بموضوع شركة الإنقاذ للطرق والجسور والإنشاءات المحدودة فقد دخلت الهيئة بمعدات موروثة من الهيئة السابقة وبتوجيه من اللجنة العليا بضرورة إدخال القطاع الخاص في صناعة الطرق ، و برغم مخاطر هذا النشاط فقد تم إنشاء هذه الشركة وفقا لقانون الشركات لعام 1925 تعديل 1985م و قرار اللجنة المفوضة . ولكن عدم وجود المستندات الخاصة بملكية هذه الآليات حتى الآن حال دون تسجيلها رسميا باسم الشركة ، علماً بأن الشريك (شركة آركوري) قام بتسجيل كافة الآليات والمعدات التي تم شراؤها باسم شركة الإنقاذ للطرق والجسور والإنشاءات المحدودة ، و قد حرص مجلس الإدارة على معالجة فرق المبلغ الخاص بقيمة الآليات في رأس المال المسجل و اعتباره وديعة استثمارية لصالح الهيئة تتم معالجتها لاحقاً من خلال الأرباح 0
ان المكتب التنفيذي بالهيئة لدية إداراته المتخصصة و ما زعمه الوزير من غياب الإدارة عن العمل كلياً غير صحيح ، فالإدارة المالية هي التي أوجدت ووفرت المعلومات والبيانات والمستندات للجنة المكلفة بالتحقيق ولولا هذه المعلومات لما تمكنت الجهات المختصة أو لجنة التحقيق من الحصول على أي معلومات ذات قيمة . كما ان حركة الأرصدة يتم رصدها والحصول عليها من واقع سجلات موجودة بمقر الهيئة اليوم ، و لم تنشئ الهيئة أي إدارة مختصة بالاستثمار بخلاف الإسهام في شركة الإنقاذ للطرق والجسور و التي تعد عملية الاستثمار الوحيدة للهيئة .
ان المديونية على شركة آركوري مثبتة بسجلات الحسابات والسجلات المالية بالهيئة ولم يحدث ان أنكرتها ، الشركة وكان الاحتفاظ بها مرتبط بغرض استخدامها للصادر للحصول على الدولار لصالح الهيئة . وبالنسبة للعملات الحرة لعقد 1996م فقد لازم تنفيذ الصادر العديد من العقبات التي تمثلت في عدم استلام حصة السكر المتفق عليها في ميعادها حسب العقد ، مما ترتب عليه تأخير استخراج رخص الصادر بجانب الصعوبات التي صاحبت نوع السلع المتاحة للصادر بسبب تغير مواعيد المواسم و مستويات الأسعار و وجود الأسواق الخارجية ، بالإضافة لدفع مبلغ 6.9 مليون دولار لتمويل عشرين ألف طن سكر سقطت من حصة العام 1997م مما حتم التعويض عنها من سكر الصادر للعام التالي و الذي يتم شراؤه بالعملات الحرة من شركة كنانة مباشرة .
أما ما زعم وزير الطرق (ص 9 من التقرير) من أن الهيئة في باقي العقود (96/97 و 97/98) استلمت قيمة السكر آجلا و بالعملة المحلية فذلك زعم باطل و ساذج ، فقد كان البيع وفقا لعقود مماثلة للعقد الأول (95/96) الذي وقع عليه وزير المالية بصفته رئيسا للجنة المفوضة ، و تحدد هذه العقود كيفية الاستحقاقات و شروطها و لم تخرج الهيئة أو الشركة الممولة عن ذلك الإطار الذي رسمته تلك العقود . أما عن الاستلام بالعملة المحلة فلم يتم ذلك إلا في الحالات التي وافقت فيها الشركات العاملة المعنية على استلام مستحقاتها من العملات الصعبة (60 % للشركات الأجنبية و 40% للشركات الوطنية) بالعملة المحلية و في ذلك كما تقدم خدمة لمصلحة الدولة التي كان يتعين عليها جلب هذه العملات من الخارج بالشروط المعروفة ، علما بأن ظرفا مهما جدا انتاب هذه الأعوام و هو رفض وزارة المالية و بنك السودان إصدار رخص الصادر على الرغم من وجود التزام تعاقدي بذلك منصوص عليه في كل من تلك العقود المبرمة بين الهيئة و الشركة الممولة . و نتيجة لذلك قامت الهيئة بقرار من لجنتها المفوضة بسحب عائدات السكر بالعملة المحلية لمقابلة دفعيات الشركات المتعاقد معها لتنفيذ الطريق حتى لا يتوقف العمل بالمحاور المختلفة . و يجدر أن نذكر مرة أخرى بأن تقرير اللجنة الفنية المتفرعة عن لجنة التحقيق سجلت إنجازا للهيئة في تنفيذ قطاعات الطريق بما يعادل 25% من جملة العمل في معظم القطاعات والمحاور ، وذلك رغم المديونيات التي لم يتم دفعها للشركات مقابل عمل وفواتير مستحقه ، مما يعتبر إنجازا لم تتطرق إليه لجنة التحقيق . ومن جانب آخر نجد ان جملة المدفوعات للشركات بالدولار الأمريكي في تاريخ التسليم والتسلم يبلغ 40.058.825 في حين ان جملة العائدات بالدولار بلغت 28.692.258 $ دولارا … أي ان هناك فرقا بالزيادة بلغ في جملته 11.366.567 $ دولارا قامت الهيئة بتطويع الظروف وسددته بالعملة المحلية ، وبسعر الصرف الرسمي ببنك السودان في تاريخ السداد ، وبذلك تكون الإدارة قد قامت بعمل توفير للعملات الحرة لقطاعات أخرى بالدولة وتخطت المصاعب التي نتجت من عدم إصدار رخص الصادر … لكن كل جهد اللجنة والوزير كان مستنفراً لتصيد الأخطاء ، وحصر الاتهامات ، ومحاولة التركيز على أي سلبيات للتشكيك في مقدرة ونزاهة الإدارة المنوط بها تنفيذ المشروع و لجنتها المفوضة ، مما يوضح أن لجنة التحقيق كانت تأخذ التعليمات مباشرة من الجهة الآمرة بتشكيلها ، مما جعلها تجانب الحياد في كافة إجراءاتها ، بل و تسعى سعيا متعجلا لتجريم القائمين على الأمر … و من أهم الأمثلة لذلك أنها احتسبت فوائد ربوية واضحة بنسبة حوالي 30 % أضافتها لأصل المبلغ المستحق للهيئة مما ضخم الأرقام الخاصة بمستحقات الهيئة لدى شركة (آركوري) و بصورة تجافى أحكام الشريعة الإسلامية و الحقائق المستندية و المبادئ المحاسبية ومعايير ديوان المراجع العام ، و تخالف تقرير المراجع العام الذي أفاد بان التقرير الذي استندت عليه اللجنة المالية المتفرعة عن لجنة التحقيق (لعام 1998م) هو تقرير غير نهائي ولم ينته العمل فيه . و يحق لأي عاقل أن يسأل : لماذا لم تحتسب لجنة التحقيق فوائد ربوية بالنسبة للمبالغ التي أنفقتها شركة آركوري في تمويل شراء السكر ، أم أنها اعتبرت الربا في تلك الحالة حراما و ليست كذلك بالنسبة لأموال الهيئة لدى شركة آركوري؟
لقد سبق ان قام أفراد من لجنة التحقيق بتسريب بعض المعلومات من التقرير المذكور سارع إلى نفيه المراجع العام بتاريخ 17/9/1999م وفق النص الآتي المنشور في ذلك التاريخ على ذات الصحيفة :
"أكد السيد أبوبكر عبد الله مارن بأن الديوان قد كلف مراجعاً قانونياً خاصاً لمراجعه حسابات مشروع طريق الإنقاذ الغربي للعام 1998م وقد نفذ التكليف ورفع تقريره لديوان المراجع العام بتاريخ 8/5/1999م وقال المراجع العام في تصريح خاص للصحافة إننا درجنا ان نكلف بعض مكاتب المراجعة القانونية الخاصة بمثل هذه المهام ، ونحول تقاريرها للوحدة المعنية لترفع ملاحظاتها لنا لمراجعتها ومناقشتها معهم ، ولقد تسلمنا التقرير من المراجع الخاص ، وتم تحويله للوحدة المعنية بتاريخ 15/5/1999م ليوافونا بملاحظاتهم حول الموضوعات و الأرقام المضمنة بالتقرير …
"وقال ان هذا التقرير الذي نشرته الصحافة يوم الثلاثاء الماضي وبعض الصحف غير مسموح بنشره لأنه غير مكتمل وغير نهائي لأننا لم تصلنا ملاحظات مشروع طريق الإنقاذ الغربي موضوع الخبر و بالتالي لم نناقشه معهم لنعتمده ونعتبره صالح للنشر …
"وقال مارن ان الذي يحدث دائماً أننا بعد ان نتسلم التقرير وملاحظات الوحدة المعنية نرفع الأمر لبعض الجهات ومنها المجلس الوطني" .
ان هذه المؤشرات تؤكد تماماً سوء النية المصاحبة لصياغة و تدبيج تقرير وزير الطرق و الاتصالات مما تمخض عن عدد من الأخطاء الجوهرية في ذلك التقرير الذي اتسم بعدم الحياد و الأمانة ، مما يمكن تلخيصه في الآتي :
1. اعتماده على معلومات وردت بتقرير مبدئي غير معتمد ، حسب شهادة المراجع العام لجمهورية السودان (المشار إليه أعلاه) .
2. لم ينتظر حتى اكتمال تقرير المراجع العام لجمهورية السودان لاستقاء المعلومة الصحيحة والمكتملة و الموثقة من السلطة المسئولة عن الشئون المالية والمحاسبة الدقيقة .
3. تأكيد لمصداقية الإدارة التنفيذية للهيئة ولحرصها على المال العام طلبت الإدارة وبخطاب من المدير التنفيذي تكوين فريق من ديوان المراجع العام للقيام بمراجعة و قف حسابات الهيئة عن الفترة من يناير 1999 م وحتى 30/9/1999م و ذلك لضمان الحياد و العلمية والحرص الكامل على إكمال الإجراءات المالية والمحاسبية تحت رعاية المراجع العام مباشرة بغرض تجويد التسليم والتسلم الذي توجد مستنداته طرف المراجعة العامة اليوم .
ان لجنة التحقيق لم تحرص على الاتصال بفريق المراجعة التابع للمراجع العام أو تكلف نفسها بأخذ المعلومة الدقيقة والمحايدة من فريق المراجعة الذي كان موجودا بالهيئة إبان فترة التحقيق ، مما يؤكد ان الأخذ بهذه الأمور سيودي بمخطط اللجنة الهادف للكيل بالتهم والتجريم أو لربما تكون مخالفة لتعليمات من ولاها الأمر تحت شروط الخطط المرسومة والتعليمات الصارمة لها بضرورة التجريم ، وبخاصة ان رئيس اللجنة المالية هو العقيد أمن (م) احمد ابراهيم عبد الله ، الذي يشغل حاليا منصب المدير المالي للهيئة القومية للطرق والجسور و الذي أتى به الوزير من خارج الهيئة حيث كان يعمل سابقاً بجهاز الأمن المحلول وظل لصيقاً بالوزير طوال الفترة السابقة لعودته السودان و توليه لمهام وزارة الطرق و الاتصالات . و يقول تعالى : "و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين" (صدق الله العظيم).
خــاتمة
و هكذا فان موضوع طريق الإنقاذ الغربي يمكن إدراجه في ثلاثة محاور :
المحور الأول : المسائل الهيكلية و المؤسسية و القانونية ، و من بينها مسألة الاختصاص بالجانب التنفيذي للطريق ، و هذه المسائل معروضة أمام القضاء ضمن الطعن الإداري المقدم أمام المحكمة العليا بتاريخ 12/11/1999م ، و الإجابة عليها متروك للقضاء ؛
المحور الثاني : المسائل المتعلقة بالاتهامات المالية و الإدارية الموجهة للعاملين في قيادة المشروع ، و هذه موضوعها رسالة "الخبر اليقين" المرفقة ؛
المحور الثالث : و يمثل جوهر الأمر كله ، و هو موضوع مستقبل مشروع طريق الإنقاذ الغربي . و حيث أن الهدف الأسمى يكمن في اكتمال هذا الطريق القومي كان لابد من تقديم الرأي الإيجابي الذي نرى أنه سيؤدي إلى ذلك الهدف المنشود . و يتمثل ذلك الرأي في الأساليب المقترحة لتمويل مشروع الطريق :
1- إحياء مشروع الصندوق القومي لتمويل الطرق القومية ، و الذي تم تأجيل إجازته بطلب من السيد وزير المالية أثناء مناقشة ميزانية العام الجاري (1999م) في المجلس الوطني ؛
2- وضع رسوم على حصص السكر لجميع ولايات السودان ، على أن تستخدم تلك الرسوم لتمويل كل الطرق القومية في السودان . و نقترح مثلا فرض مبلغ خمسة آلاف جنيها للجوال ، حتى يكون المحصل سنويا أربعين مليار (40.000.000.000) جنيها في السنة ؛
3- توظيف عائدات البترول السوداني لتمويل بناء الطرق القومية على مستوى السودان ؛
4- استقطاب المنح و القروض الإقليمية و الدولية و الثنائية لتمويل الطرق القومية ؛
5- ترسيخ نظام الطرق الاستثمارية كوسيلة فاعلة لتمويل الطرق القومية كما هو معمول به على المستوى العالمي .
إن هذا التوجه الإيجابي ، و الذي لا يتعارض في تقديرنا مع أي مبادرة أخرى حكومية أو خاصة ، هو الذي سيؤدي بتوفيق من الله و رعايته إلى المضي حثيثا في إكمال تنفيذ طريق الإنقاذ الغربي و تنفيذ سائر الطرق القومية في البلاد ، و بأنجع الأساليب الممكنة و دونما أي إضرار بمصلحة المواطنين .
و ختاما فلا نزال عند رؤيتنا بأن طريق الإنقاذ الغربي طريق استراتيجي و قومي و هام اقتصاديا و سياسيا سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو على المستوى القاري الإفريقي دعما للعلاقات الخارجية و تجارة الحدود و التواصل الثقافي و ترسيخ معاني الأمن و السلام الاجتماعي بين السودان و جيرانه . و لكل هذه الأسباب مجتمعة نؤكد على ضرورة استمرار وضع المشروع برمته تحت إشراف السيد رئيس الجمهورية بصفة مباشرة ، حماية للمشروع من أي عقبات إجرائية أو إدارية أو تنفيذية في أي مستوى من المستويات ، و حتى لا تتكرر الأزمة الراهنة التي كادت أن تعصف بمشروع الطريق .
و نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا إلى ما يحبه و يرضاه .
د. علي الحاج محمد
رئيس اللجنة الشعبية
رئيس اللجنة المفوضة لمشروع طريق الإنقاذ الغربي